وكنّى الرضا (عليه السلام) ولده محمد الجواد بأبي جعفر وهي ككنية جدّه الإمام محمد الباقر (عليه السلام).
وكان للإمام الجواد ألقاب منها: الجواد والتقي والقانع والمرتضى والرضي، والمختار والمتوكل والزكي وباب المراد.
ولادة الإمام أبي جعفر الجواد (عليه السلام) كانت في 19 من شهر رمضان سنة 195 هجري.
ذكائه وعبقريته
وملك الإمام محمد الجواد (عليه السلام) في سنه المبكر من الذكاء والعبقرية ما يثير الدهشة ويملك النفس إكباراً وإعجاباً وقد ذكر المؤرّخون بوادر كثيرة من ذكائه كان من بينها ما يلي:
ما حدّث به المؤرخون أن المأمون قد اجتاز في موكبه الرسمي في بعض شوارع بغداد على صبيان يلعبون وكان الإمام الجواد واقفاً معهم فلما بصروا بموكب المأمون فرّوا خوفاً منه سوى الإمام (عليه السلام) فإنه بقي واقفاً فبهر منه المأمون وكان لا يعرفه فقال له:
(هلا فررت مع الصبيان...؟)
فأجابه عليه السلام:
(يا أمير المؤمنين لم يكن الطريق ضيق فأوسعه لك وليس لي جرم فأخشاك والظنّ بك حسن أنّك لا تضرّ من لا ذنب له..)
وعجب منه المأمون وسأله عن نسبه فأخبره به فترحّم على أبيه.
ومن آياته نبوغه المذهل أنّه في سنه المبكر قد سأله العلماء والفقهاء عن ثلاثين ألف مسألة فأجاب عنها.. ولا مجال لتعليل هذه الظاهرة إلاّ بالقول إنّ الله تعالى قد منح أئمة أهل البيت (عليهم السلام) طاقات مشرقة من العلم لم يمنحها إلاّ لأولي العزم من أنبيائه ورسله.
انطباعات عن شخصيّته
وملكت مواهب الإمام محمد الجواد (عليه السلام) عواطف العلماء فسجّلوا إعجابهم وإكبارهم له في مؤلّفاتهم وفيما يلي بعض ما قالوه:
1 - الذهبي
(كان محمد يلقّب بالجواد، وبالقانع، والمرتضى، وكان من سروات آل بيت النبي (صلى الله عليه وآله).. وكان أحد الموصوفين بالسخاء فلذلك لقّب بالجواد..).
2 - ابن تيميّة
(محمد بن علي الجواد كان من أعيان بني هاشم وهو معروف بالسخاء ولهذا سمّي بالجواد).
3 - الصفدي
(كان محمد يلقّب بالجواد، وبالقانع، وبالمرتضى، وكان من سروات آل بيت النبوة.. وكان من الموصوفين بالسخاء، ولذلك لقّب بالجواد..).
4 - ابن الجوزي
(محمد الجواد كان على منهاج أبيه في العلم والتقى والجود).
5 - محمود بن وهيب
(محمد الجواد هو الوارث لأبيه علماً وفضلاً وأجلّ أخوته قدراً وكمالاً..).
6 - الزركلي
(محمد بن الرضي بن موسى الكاظم، الطالبي، الهاشمي، القرشي، أبو جعفر، الملقّب بالجواد، تاسع الأئمة الاثني عشر عند الإمامية كان رفيع القدر كأسلافه ذكياً، طليق اللسان، قوي البديهة..).
7 - كمال الدين
(أما مناقب أبي جعفر الجواد فما اتّسعت حلبات مجالها ولا امتدّت أوقات آجالها بل قضت عليه الأقدار الإلهيّة بقلّة بقائه في الدنيا بحكمها وأسجالها فقلّ في الدنيا مقامه وعجّل القدوم عليه كزيارة حمامة فلم تطل بها مدّته ولا امتدّت فيها أيامه).
8 - علي بن عيسى الأربلي
الإمام الجواد(ع) في كلّ أحواله جواد، وفيه يصدق قول اللغوي جواد من الجودة.. فاق الناس بطهارة العنصر، وزكاء الميلاد، وافترع قلّة العلاء فما قاربه أحد ولا كاد مجده، عالي المراتب، ومكانته الرفيعة تسمو على الكواكب، ومنصبه يشرف على المناصب، إذا أنس الوفد ناراً قالوا: ليتها ناره، لا نار غالب له إلى المعالي سمو، وإلى الشرف رواح وغدو، وفي السيادة إغراق وعلوّ وعلى هام السماك ارتفاع وعلوّ، وعن كلّ رذيلة بعد، وإلى كلّ فضيلة دنو، تتأرج المكارم من أعطافه ويقطر المجد من أطرافه، وترى أخبار السماح عنه، وعن أبنائه وأسلافه، فطوبى لمن سعى في ولائه، والويل لمن رغب في خلافه، إذا اقتسمت غنائم المجد والمعالي كان له صفاياها، وإذا امتطيت غوارب السؤدد كان له أعلاها وأسماها، يباري الغيث جوداً وعطية، ويجاري الليث نجدة وحمية، ويبذ السير سيرة رضية.
هذه بعض الكلمات التي أدلى بها كبار المؤلّفين، وهي تمثّل إعجابهم بمواهب الإمام (عليه السلام) وعبقرياته وما اتّصف به من النزعات الشريفة التي تحكي صفات آبائه الذين رفعوا مشعل الهداية في الأرض.
واستشهد الإمام محمد بن علي بن موسى الرضا في التاسع والعشرين من ذي القعدة عام 220 ﻫ، بالسم على يد زوجته أم الفضل بتحريض من الخليفة العباسي المعتصم، وعمره الشريف 25 سنة ومدة إمامته 17 سنة.