البث المباشر

حزيران 1982 حين استجدى الصهاينة الغزاة الانسحاب من بيروت

الأحد 6 يونيو 2021 - 11:44 بتوقيت طهران
حزيران 1982 حين استجدى الصهاينة الغزاة الانسحاب من بيروت

بداية في حياة الأمم والشعوب تمر مواقف تغدوا ذكريات ومسيرة الحياة هي تعاقب أجيال منها العابرات ومنها الخالدات وان أمة لاتقرأ تاريخ نضالاتها المعمدة بدماء الشهداء ولا تحترم شهدائها هي أمة لا تستحق الحياة هناك كثير من الشعوب تنقب في التاريخ وغابر ألأزمان حتى تجد لها شهيدا تتغنى به وفلسطين هي شعب الشهداء

احتلت قوات الكيان الصهيوني أجزاء من جنوب لبنان عام 1978، وفي عام 1982احتلت بيروت، ثم انسحبت وبقيت في الجنوب حتى عام 2000 حيث انسحبت دون اتفاق مع لبنان ، وكان باراك رئيس الوزراء الصهيوني السابق وعد في حملته الانتخابية بالانسحاب الصهيوني من جنوب لبنان قبل شهر يوليو/تموز 2000 وقد انسحب الجيش الصهيوني بالفعل في 24/ مايو/أيار 2000 بسرعة مخلفا الميليشيا المتعاونة معه بقيادة "أنطوان لحد" تواجه مصيرها بنفسها.

كان الدخول العسكري الصهيوني إلى لبنان ضمن سلسلة أمنية بعيدة المدى، فماذا كان الانسحاب؟ هل أجبرت المقاومة الكيان الصهيوني على الانسحاب؟ هل تغيرت الأولويات الأمنية الصهيونية؟

لقد نفذت الكيان الصهيوني قبل احتلال الجنوب اللبناني مجموعة من العمليات الخاطفة استهدفت المقاومة الفلسطينية وأشهرها اغتيال ثلاثة من قادة فتح، وبعد انفجار الحرب الأهلية عام 1975 عملت على التسلل الاستخباري والسياسي وساعدت الظروف القائمة على إنشاء كيانات طائفية موالية لها، وفي عام 1978 اجتاحت جنوب لبنان وأقامت حزاما أمنيا متعاونا معها بقيادة الرائد "سعد حداد" ثم "إنطوان لحد" ، وأقيمت أيضا منطقة دولية عازلة بواسطة قوات متعددة الجنسية استقدمت بعد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 425، وفي صيف عام 1982 غزت قوات الكيان الصهيوني لبنان واحتلت أكثر من نصفه بما في ذلك بيروت. وبلغ ذلك الاحتلال ذروته بفرض اتفاق 17/مايو/ أيار 1983 على لبنان وتدمير البنية العسكرية الفلسطينية.

وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة ونشوء خريطة سياسية عربية جديدة بعد حرب الخليج الثانية تكون اتجاه جمعي للتفاوض السياسي بين العرب والكيان الصهيوني، وبدا الحزام الأمني كما وصفه زئيف شيف المعلق العسكري في صحيفة هآرتس مثل طوق نجاة مثقوب ويشكل عبئا عسكريا يسعى الكيان الصهيوني إلى إنهائه، وكانت المفاوضات التي أطلقت في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 فرصة للانسحاب من خلال اتفاق يجري توقيعه ولكن لم يتم التوصل إلى مثل هذا الاتفاق وتعثرت المفاوضات.

لقد كان الاحتلال الصهيوني لجنوب لبنان يفسر على أنه توسع الكيان الصهيونيي يستهدف مصادر المياه وتكوين عمق جيواستراتيجي فهل تخلت الكيان الصهيوني عن هذه الإستراتيجية؟ أم أن تكاليفها كانت أكثر من مكاسبها؟ ويرى محللون أيضا أن الولايات المتحدة بدأت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وحرب الخليج الثانية تؤدي دورا إستراتيجيا مباشرا في المنطقة ولم تعد بحاجة إلى دور غير مباشر يقوم به الكيان الصهيوني لأنها غدت أكثر قدرة على ذلك، ولم يعد دورها المباشر مكلفا ولا يواجه بتحد ورفض كما كان الأمر في أثناء قوة الاتحاد السوفياتي وقدرته على الموجهة والمنافسة.

المقاومة الوطنية والإسلامية وعلى رأسها حزب الله في لبنان أدت دورا كبيرا في استنزاف قوات الاحتلال وجعله عبئا عسكريا واقتصاديا وأخلاقيا، وتهيأت لها ظروف معقولة تساعدها على الاستمرار والقوة، دعم لوجستي وسياسي وإعلامي من الدولة اللبنانية، وتأييد سوري وإيراني، وتمويل شعبي ورسمي، وشعبية كبيرة بين اللبنانيين والعرب، ومصداقية عالية جدا، فلم تقع المقاومة اللبنانية في التعصب أو الفساد والغرور والاعتداء على الناس والمؤسسات الرسمية والشعبية، ولم تحاول استغلال شعبيتها في مكاسب تتجاوز الخدمة المباشرة للمقاومة. ويمكن اعتبارها حالة نموذجية في تاريخ المقاومة الشعبية.

بداية في حرب لبنان عام 1982هناك شهداء خالدون ستظل ذكراهم راسخة في وجدان شعبنا الفلسطيني والعربي, ولكي نقف على معطيات حرب لبنان في 6 حزيران عام 1982 التي احتلت فيها ثاني عاصمة عربية بعد القدس والتي تعرف بالحرب الخامسة بين الكيان الصهيوني – والعرب [ حرب 1948- حرب 1956- حرب 1967- حرب 1973؟؟- حرب لبنان 1982] لابد من التأكيد على المعطيات التالية :

أولاً – الوضع السياسي العام :

1 ـ الكيان الصهيوني

بدأ التخطيط والأعداد لأحتلال جنوب لبنان والوصول الى بيروت بعد وصول حزب الليكود الى الحكم في الكيان الصهيوني خاصة بعد أستقالة وزير الحرب العايزر فيتسمان ، اي في الفترة التي أستلم بيغن رئاسة الوزراء و شارون وزير الدفاع والجنرال ايتان رئيس الأركان وثلاثتهم كانوا في مركز صناعة القرار وكانوا هؤلاء خلف قرار ضم هضبة الجولان .

في الفترة بين الرابع من كانون الأول عام 1981 وحتى السادس من حزيران عام 1982 أستمر العمل لصوغ خطط الهجوم على لبنان في أطار سلسلة من الأستعدادات بعد أن وجد الكيان الصهيوني وحلفاؤه في لبنان الكتائب اللبنانية أن عملية الليطاني عام 1978 وكذلك الحرب الأهلية لم تف بالغرض، بل بالعكس ازداد نفوذ منظمة التحرير الفلسطينية وازدادت قوتها مما يهدد أمن الكيان الصهيوني وخاصة شمال الكيان الصهيوني ومن أجل القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية وتدميرها عسكريا وسياسيا وكان يهدف من ذلك على أبعاد تتجاوز تحقيق الهدوء لشمال فلسطين الى أمكان الحوار مع الجمهور الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1967 والذين لا يمكن التوصل الى حوار معهم طالما كانوا يخضعون لتهديد منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة عرفات وطالما كانت منظمة التحرير وقيادتها ومقاتليها موجودين في لبنان لن يتمكن الكيان الصهيوني من التوصل الى حوار وأتفاق مع سكان الضفة الغربية وقطاع غزة على أقامة نوع من الحكم الذاتي .

عمل شارون ورفائل إيتان على وضع خطة عسكرية لأول مرة في 20 كانون الأول 1981وعرضت على الحكومة سميت بـ (خطة الصنوبرات الكبيرة) وتقسم إلى خطتين هما:

1 ـ الخطة الكبرى : تهدف إلى دخول الجيش الصهيوني إلى جنوب لبنان حتى الوصول إلى بيروت واحتلالها والاتصال بالكتائب اللبنانية ودعمهم لهم وقيامهم بتطهير بيروت من منظمة التحرير الفلسطينية وحلفائهم وفرض سلطة الكتائب اللبنانية برئاسة بشير الجميل على الدولة اللبنانية وذلك تحت سيطرة وإشراف الجيش الصهيوني.

2 ـ الخطة الصغرى : وتشمل على دخول الجيش الصهيوني جنوب لبنان لمسافة 40 كم من أجل القضاء على الفدائيين وقواعدهم في هذه المنطقة وقيام حزام أمني من الحدود الصهيونية حتى شمال نهر الليطاني تسيطر عليه الكيان الصهيوني وقوات سعد حداد .

كان هدف شارون من الحرب هو تغيير كل شيء في لبنان وتحقيق نظام جديد يضمن أمن الكيان الصهيوني ولهذا كانت حرب لبنان عام 1982 هو بداية تنفيذ المخططات الصهيونية الأمريكية لإبادة الوجود الفلسطيني على الساحة اللبنانية.

كان شارون ورئيس أركانه رفائيل ايتان قد عملوا على اجتياح لبنان بعد أن أتموا التهيئة الكاملة له والتخطيط والتعبئة لتنفيذه، سواء أكانت على المستوى النفسي الإعلامي أو على المستوى التعبوي المادي والعسكري حيث قام الكيان الصهيوني بتعبئة الرأي العام العالمي ضد قوات منظمة التحرير الفلسطينية ووصفهم بأنهم عبارة عن مجموعات من الإرهابيين وليسوا حركة تحرير وطنية فلسطينية، وتحميل منظمة التحرير الفلسطينية مسؤولية خرق وقف اطلاق النار وتحميلها مسؤولية اغتيال السفير الصهيوني في لندن (شلومو أرغون ) كما ركز الصهاينة على الرأي العام الصهيوني لإقناعه بأن غزو لبنان والوصول الى بيروت هو لحمايتهم، وأنها مجرد نزهة “انتصار بلا ثمن”، ولن تتجاوز أكثر من 48 ساعة وسيتم القضاء على الفدائيين ومنظمة التحرير الفلسطينية.

أهداف الكيان الصهيوني من الحرب :

‌أ) القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية عسكرياً وسياسياً وإخراج وطرد اللاجئين الفلسطينيين من لبنان إلى الأردن وبالتالي تنفيذ خطة شارون بإقامة الدولة الفلسطينية في الأردن كوطن بديل.

‌ب) تحجيم سوريا وتجميد قدرنها على تشكيل خطر على الكيان الصهيوني .

‌ج) أقامة نظام موالي للكيان الصهيوني برئاسة بشير الجميل .

‌د) توقيع اتفاقية سلام مع الحكومة اللبنانية لضمان أمن شمال الكيان الصهيوني .

‌ه) تقوية حجم التعاون بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية لكي تحل أمريكيا محل النفوذ السوفياتي في المنطقة .

‌و) أعتقد شارون أن نصرا في لبنان على منظمة التحرير الفلسطينية سيمنح الكيان الصهيوني سيطرة كاملة على الضفة الغربية وقطاع غزة لأقامة حكم ذاتي .

‌ز) الأنتصار على منظمة التحرير في لبنان سيفتح عهدا جديدا تكون لالكيان الصهيوني اليد العليا وفي نفس الوقت يخلق فرصا جديدة لمبادرات تسمح بفرض أرادة الكيان الصهيوني على جيرانها من الدول العربية .

2 ـ المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية [ القوات المشتركة] :

كانت القوات المشتركة للمقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية تعيد انتشارها في جنوب لبنان منذ وقف إطلاق النار الذي أبرم في يوليو عام 1981 بين الكيان الصهيوني ومنظمة التحرير الفلسطينية بواسطة المبعوث الأمريكي فليب حبيب لم تستطع عملية الليطاني الصهيونية ولا جيش العميل سعد حداد وقف عمليات المقاومة الفلسطينية في الجنوب وقد كان ذلك دافعاً نحو نقل المواجهة مع الثورة الفلسطينية إلى داخل بيروت وذلك من خلال القصف الجوي على حي الفاكهاني مركز الثورة الفلسطينية ومؤسساتها في لبنان.

وكان القائد الشهيد أبو عمار والقائد الشهيد أبو الوليد “سعد صايل” [ مدير غرفة العمليات المركزية للقوات المشتركة الفلسطينية واللبنانية ] يتوقعان لهذا الغزو الكبير عن طريق التقارير السرية التي وصلت إليهما وكان الشهيد أبو عمار يردد دوماً خطة الأوكوردين خطة الإطباق التي سينفذها الكيان الصهيوني .

عشية الحرب على لبنان في تاريخ 6-6-1982 كانت قوات الثورة الفلسطينية من كافة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والمنتشرة في الجنوب وشرقي لبنان ووسطه وبيروت والشمال تتشكل من التنظيمات التالية :

حركة فتح : عدد المقاتلين من العسكريين والمليشيا المسلحة عددهم حوالي 7 سبعة ألاف مقاتل . مزودين بالأسلحة التالية:

– 150 مدفعا [ مدفعية من مختلف العيارات 130 ملم و 155ملم 105 ملم ] [ مط من مختلف العيارات 100ملم وشلكا و57 ملم 23 ملم ودوشكا ] [ مد من مختلف العيارات 106ملم 75 ملم ومئات قواذف أربيجي7 وألاف الألغام مد وعشرات الأطنان من المتفجرات ] و60 دبابة من طراز تي 34 و تي 54 ] و [ 20 راجمة صواريخ عيار 123 ملم من طراز جراد والأف صواريخ الكاتيوشا ] و[ 120 مدافع هاون من مختلف العيارات 160 ملم و 120 ملم و 82 ملم و 81 و 60 ملم ] .

الجبهة الشعبية الديمقراطية عدد مقاتليها 1500 مقاتل

 الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عدد مقاتليها 1400 مقاتل

 الجبهة الشعبية – القيادة العامة عدد مقاتليها 900 مقاتل

 جبهة التحرير العربية عدد مقاتليها 800 مقاتل

 جبهة التحرير الفلسطينية عدد مقاتليها 900 مقاتل

 منظمة الصاعقة عدد مقاتليها 700 مقاتل

 جبهة النضال الشعبي عدد مقاتليها 600 مقاتل

 جيش التحريرالوطني الفلسطيني ( عين جالوت – كتيبة من قوات بدر )

1000 مقاتل

القوات والفصائل المذكورة أعلاه كانت ضمن القوات المشتركة وتتبع غرقة العمليات المشتركة وكان قائدها الشهيد اللواء ابو الوليد – سعد صايل

 أما:

جيش التحرير الفلسطيني الملحق بالقوات السورية ( لواء حطين لواء القادسية)

اللواء 85 مشاه الجيش السوري

مهمات القوات المشتركة الفلسطينية واللبنانية

أصدر القائد العام الشهيد أبو عمار والقائد الشهيد أبو الوليد مهمات القوات المشتركة وتم تحديدها بالتالي :

‌أ) تنفيذ قتال اعتراضي على كافة المحاور المختلفة لتقدم العدو بهدف إعاقة هذا التقدم مع التمسك بالنقاط الحيوية وخاصة المخيمات في الجنوب وتنفيذ قتال تراجعي ضد أرتال العدو بغية تأخيرها أكبر وقت ممكن وإصابتها بأكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية والمادية.

‌ب) شن غارات ونصب الكمائن على الخطوط الخلفية للقوات الصهيونية وإيقاع الخسائر في صفوفها.

‌ج) صدرت الأوامر للمجموعات داخل الأرض المحتلة بتوجيه ضربات موجعة داخل المدن والمستوطنات وخاصة في تل أبيب وحيفا ومستوطنات الشمال وخاصة على الطرق الرئيسية في شمال فلسطين.

ثانياً – ميزان القوى المشروخ وميزان الإرادات بين الكيان الصهيوني والقوات المشتركة في الحرب :

إن دراسة مفهوم ميزان القوى لسياق حرب عام 1982 في لبنان بين المقاومة والكيان الصهيوني لواجهتنا صعوبة واقعية مستعصية على الفهم هي أن المقاومة الفلسطينية ومعها الحركة الوطنية اللبنانية ماذا كانت تملك من إمكانيات عسكرية واقتصادية لمواجهة الكيان الصهيوني وقوتها العسكرية ورغم ذلك استطاعت المقاومة أن تجترح معجزة غير مسبوقة في تاريخ الصراع العربي – الصهيوني إذ صمدت 88 يوماً في مواجهة أكبر قوة في المنطقة ولهذا فإن ميزان القوى العسكرية في المواجهات المسلحة ليست كل شيء فإن قوة الإرادة لدى المقاومة هي التي تنتصر على الاحتلال وفي حرب لبنان كان ميزان القوى كما يلي:

القوات الصهيونية :

قدرت القوات الصهيونية التي استخدمتها الكيان الصهيوني لتنفيذ حربها على لبنان في 6 حزيران عام 1982 أنطلاقا من الجنوب اللبناني بما يلي:

يقدر مجموع القوات العسكرية التي استخدمها العدو الصهيوني في حرب عام 1982 على لبنان بمائة وثلاثين ألف جندي الكيان الصهيونيي من الجيش النظامي وكان على رأس هذه القوات وزير الدفاع أرئيل شارون ورئيس أركان الجيش الصهيوني رفائيل ايتان وهي موزعة كالتالي :

فرقة ميكانيكية .

فرقة مشاة ميكانيكية .

فرقة دبابات

أربعة ألوية مدرعة [ اللواء السابع – اللواء السابع عشر – اللواء التاسع – اللواء الحادي عشر ].

ثلاثة ألوية من المشاة الميكانيكية [ لواء جولاني – لواء جعفاتي – لواء ناحال ].

ثلاثة ألوية من سلاح المظليين [ اللواء المظلي 85 – اللواء المظلي 31 – اللواء المظلي 55 ] – يتكون كل لواء من كتيبتين عاملتين وكتيبة احتياط.

لواء إنزال بحري تم إنزاله على جسر الأولي شمال صيدا – شاطئ خلدة.

عشرة كتائب مدفعية مختلطة وصواريخ [ مدافع 175 ملم و 155 ملم وهاوتزر 155 ملم ومدافع 130 ملم ومدافع 122 ملم وهاونات مختلفة.

خمسة كتائب هندسة ميدان.

ألفين دبابة من مختلف الأنواع.

خمسة آلاف عربة مدرعة.

مشاركة أسراب سلاح الجو بشكل كبير [ فانتوم – سكاي هوك – إف 15– أف16 ].

مشاركة البحرية بشكل كبير.

مئات من الطائرات المروحية

ثالثاً – فكرة المناورة [ خطة الحرب ] :

1- الكيان الصهيوني :

تتلخص فكرة المناورة أو خطة الحرب للقوات الصهيونية بالتالي :

تنفيذ عملية تأخذ شكل الهجوم الكاسح براً وجواً وبحراً وتتميز بالتالي :

استخدام واسع وشديد لكثافة النيران واستخدام القوة الجوية الضاربة التي تقوم بقصف مئات من بنك الأهداف بقصد ايقاع عدد كبير من الشهداء في صفوف المدنيين وذلك للضغط على منظمة التحرير الفلسطينية وتحميلها مسؤوليتهم لكونها هي السبب المباشر في وجودها العسكري في لبنان واستخدمت الكيان الصهيوني السلاح الجوي بشكل مفرط بالقوة حيث استخدمت الكيان الصهيوني عشرة أسراب من المقاتلات والقاذفات بلغ مجموعها 80 طائرة دفعة واحدة وبشكل مستمر طيلة أيام الحرب وخاصة الأيام الأولى وفي خلال حصار بيروت وذلك لتسهيل عبور القوات البرية المخيمات والمباني والمنشآت وخاصة داخل بيروت.

تنفيذ تكتيك سياسة الأرض المحروقة في كثير من المناطق داخل لبنان.

تطويق المناطق والمراكز الإستراتيجية للمقاومة مع استمرار تقدم الدبابات من دون خوض معارك برية عنيفة بهدف التقدم البري السريع على المحاور الرئيسية :

1) ساحلياً التقدم السريع لتطويق بيروت من جهة الساحل من جهة الجنوب

[ الناقورة – صور – صيدا – الدامور – خلدة – مطار بيروت].

2) شمالاً التقدم السريع نحو عمق البقاع.

3) التقدم نحو وسط لبنان لقطع طريق بيروت – دمشق.

كثافة حشد القوى : زجت الكيان الصهيوني في معركتها تحشدات ضخمة من كافة الأسلحة [طيران – بحرية – دبابات – مشاة] بهدف إحراز نصر سريع في حربها.

التنسيق بين مختلف مصادر النيران حيث كانت خطة نيران العدو منسقة جيداً بين سلاح الطيران وسلاح المدفعية وسلاح البحرية وسلاح المشاة.

القتال ليلاً ونهاراً بهدف إحراز نصر سريع لأسباب سياسية.

التدمير الكامل للقرى والمخيمات والمدن واستهداف المدنيين في القتل والتدمير للمباني والأماكن الآهلة بالسكان بصرف النظر عن الأهداف العسكرية البحتة.

استخدام أسلحة حديثة وتجربتها في هذه الحرب [طائرات إف 15 – القنابل العنقودية – القنابل الفراغية – صواريخ أرض أرض وهدفت الكيان الصهيوني من استخدامها أن تتأكد من فاعليتها وتختبر قدرة الجيش على استيعابها].

النتائج السياسية لحرب لبنان عام 1982 على المستوى الفلسطيني واللبناني الدولي كانت كالتالي :

نتيجة الحرب تم تدمير البنية العسكرية لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان وخروج أكثر من أربعة عشر الف مقاتل من ساحة الصراع الى المنافي البعيدة .

بدأت مشاريع التسوية تطرح على الفلسطينين وأول شرط خروج المقاومة من لبنان ومن تلك المشاريع [ مشروع رونالد ريغن – مشروع فاس – مشروع بريجينيف – مشروع الكونفدرالية الفلسطينية –الاردنية – مشروع بيل كلنتون- مشروع أوسلو …]

لقد أدت حرب لبنان إلى حدوث هبوط في المكانة الدولية لالكيان الصهيوني باستثناء الولايات المتحدة فقط والتي بقيت على دعمها وقد كانت أغلبية التقارير الدولية عن الحرب تدين بشكل علني الكيان الصهيوني حيث تمت مقارنة عملياتها في بعض الأحيان مع العمليات التي قام بها الألمان أبان الحرب العالمية الثانية ضد اليهود.

وفي داخل الكيان الصهيوني فقد أدت الحرب إلى إضرام نار الخلاف السياسي لقد شعر الكيان الصهيونييون عديدون من ذوي النزعة اليسارية شعروا أن الكيان الصهيوني تخوض لأول مرة في تاريخها حرباً غير ملزمة بها أي لها الخيار أن تقاتل أو ألا تقاتل كما قالوا بان أغلبية أهداف الحرب هي أهداف من المستحيل تحقيقها مستحيلة هي الإبادة المادية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

لن تستطيع الكيان الصهيوني فرض حكومة غير شعبية على اللبنانيين وأنها لن تستطيع حل جميع المشاكل الداخلية في لبنان في عشية وضحاها.

وأن السوريون لن يتركوا لبنان.

وقد ظهرت حركات احتجاج عند كثير من الجنود النظاميين والاحتياط الذين عارضوا الحرب ورفضوا الخدمة العسكرية في لبنان.

وقد دفعت المذبحة التي قامت بها الكتائب اللبنانية ضد الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا دفعت نحو إنهاء الجدال السياسي الذي أدى إلى إقامة لجنة تحقيق كهانا التي أدت إلى استقالة أرئيل شارون من وزارة الدفاع.

ابتعد أمين الجميل (أخ بشير الجميل) من الكيان الصهيوني.

زيادة عدد المصابين الصهيونيين في الاعتداءات التي يشنها الفلسطينيون مع حلفائهم اللبنانيين وخاصة بعض الشيعة.

كل هذه النتائج أدت إلى انسحاب الكيان الصهيوني من لبنان أخيراً .

2- القوات المشتركة وقائدها الشهيد أبو عمار ومارشالها الشهيد أبو الوليد سعد صايل :

فعلاً بدأت المعارك وامتدت من أقصى الجنوب اللبناني إلى أقصى الشمال براً وبحراً وجواً ولمدة قاربت الثلاث أشهر، ووسط حصار رهيب وكانت القيادة الفلسطينية كلها في بيروت، وكانت الدبابات الصهيونية قد حاصرت بيروت من ثلاث جهات، والحربية الصهيونية من جهة البحر، وعندما حاصر الصهاينة بيروت كان هدفهم أن ينتحر الفلسطينيون فيها استسلاماً أو الانتحار على طريقتهم في “مسادا” أن نقتل أطفالنا ونساؤنا ثم يقتل واحدنا الآخر، هكذا فعلوا عندما حاصرهم الرومان في مسادا.

في مسادا أساطيرهم وأوهامهم وهواجسهم المرضية. رغم كل هذا الحصار حاصرنا عقيدتهم الصهيونية المنحطة في العالم كله، فوقفت بطولتهم عارية وزائفة، إنها عقيدة القتل والدمار والجبن، إنها تسقط في مواجهة الثورة، إنهم الخراب وإننا الدور الحضاري الجبار المشرق والإنساني.

وعندما تم الحصار حول بيروت وعندما اهتزت ركب وسابت مفاصل وانهارت عزائم ورفع اليأس رأسه وحاصر الناس وأوشك اليقين أن يتبدد عندئذ ألشهيد ابو عمار والشهيد ابو جهاد والشهيد أبو الوليد لم يفقدوا أعصابهم ولم يفقدوا روح المبادرة، ولذلك بدؤا بتحصين بيروت : والتحصين بسيط جداً : أكياس من الرمل في واجهات البنايات، أكوام من الرمل عند مفارق الطرق ومداخل بعض الشوارع الهامة، الحفر استعداداً لزرع الألغام.

لقد أشاعت هذه الأعمال البسيطة الحيوية الحماسة في أرواح الناس، الجرافات تهدر ليل نهار، الشاحنات تنقل الرمل من شاطئ البحر، أكوام الأكياس ترتفع، ويعلن أبو الوليد مارشال بيروت من خلال إذاعة صوت فلسطين ” لا خروج من بيروت، حصّنا بيروت بما يحول دون اقتحامها من أعتى جيش”.

وفي إحدى مراحل حرب بيروت وكانت غارات الطيران كثيفة على السكان قام الشهيد البطل بتشغيل الموتورات لبث الدخان في سماء العاصمة بيروت، مما جعل الطيران الصهيوني يلقي قنابله بشكل عشوائي وحتى أنه طال القوات الصهيونية المتواجدة في محيط بيروت مما أربك العدو وأوقف قصفه وخفف الضغط. وفي إحدى المراحل عندما حدث تقدم في منطقة الأوزاعي في بيروت وهي منطقة كانت أصلاً مكباً للنفايات التحم المقاتلون الفلسطينيون مع العدو في معركة شرسة أوقفوا فيها تقدم العدو وكبدوه خسائر فادحة، وسقط خلالها 150 شهيداً على أرض المعركة، شعر أبو الوليد بالغضب على القيادات العربية التي أغلقت حدودها في وجه هؤلاء الأبطال ليسقطوا هنا بدل أن يسقطوا على أرض القدس، لأن العرب يعرفون ماذا يعني انتصارنا في بيروت، ماذا يعني أن تصمد بيروت وتطرد الصهاينة، لذا شاركوا فعلاً حين عرفوا بالحرب شاركوا بالصمت وإغلاق الحدود في وجه مقاتلينا، يا للأيام الآتية إن ما ينتظرنا رهيب، لقد قضى الفلسطيني حياته وهو يقاتل، يتلقى الرصاص من أمام ومن خلف ومن فوق ومن تحت.

صحيح إننا لا نخوض معركة الآخرين وإننا نخوض معركة وطننا ولكن ومع ذلك فنحن نخوض معركة هي معركة الأهل والأصدقاء.

لقد بعث القائد أبو عمار برقيات ونداءات للقادة العرب يوضح لهم أبعاد المؤامرة الصهيونية الإمبريالية طالباً منهم المساعدة، ولكن لا حياة لمن تنادي، لم تأتِ الجيوش العربية للنجدة كل شيء صامت في بلاد العرب العواصم تنتظر بترقب وبعضها يشارك.

واستخدمت الكيان الصهيوني أحدث ما أنتجت آلة الحرب الأمريكية، فاستخدمت لأول مرة قنابل ذات دمار شامل مثل القنابل العنقودية والانشطارية والفراغية وقنابل النابالم الحارقة والقنابل الفسفورية المحرمة دولياً.

ولم تفرق الكيان الصهيوني بين مدني وعسكري، بين طفل وعجوز فدمروا المنازل والمدارس والمستشفيات ودور العبادة ومحطات توليد الكهرباء وخطوط المياه، لقد دمروا كل شيء فعاشت بيروت بدون ماء ولا كهرباء مدة ثلاث أشهر، وتحولت بيروت إلى أنقاض، ووصف مراسل صحيفة “التايمز” الهجوم على بيروت بأنه أكبر هجوم جوي ومدفعي في التاريخ الحديث، واستطاع القائد أبو الوليد بخبرته العسكرية وحسن تصرفه وتنظيمه للقوات الفلسطينية على قلة عددها وعدتها، استطاع أن يلحق الخسائر الكبيرة بالعدو، ويجبر العدو المتغطرس على القتال وفق حساباته هو وليس وفق حسابات العدو ويجعل من النزهة التي فكر بها العدو مقتلاً له ولجنوده.

كان ينبغي للعملية التي أصبحت حرباً أن تستمر من 48 – 72 ساعة ولكن استمرت ثلاث شهور بحيث تكون أطول حرب الكيان الصهيونيية عربية منذ قيام الدولة الصهيونية وكان ينبغي ألا يزيد عدد القتلى الصهيونيين عن ثلاثين قتيلاً وهاهم بالمئات.

لقد أدار أبو الوليد المعارك وجعل المعركة في بيروت مضبوطة كالساعة الجيدة إذا صدر الأمر بوقف القتال فهذا يعني أن مدافعنا تسكت كلها في لحظة واحدة محددة، أليس هذا ما فاجأ العدو؟

كان رحمه الله مصدر الصمود والعنفوان والتحدي والمواجهة لكل فلسطيني، هذا القائد الذي أدار وقاد المعركة العسكرية بقدرة وعبقرية نادرة بجانب القائد أبو عمار الذي أدار المعركة السياسية بحنكة ودراية أذهلت كل المراقبين حتى الأعداء أنفسهم، لم يكن يستند إلى فرضيات أثناء المعركة ولكنه رحمه الله كان يطلب من الضباط الاهتمام بجمع المعلومات عن العدو حتى يستند إليها.

واقترح الشهيد على القيادة أن تخرج القيادة السياسية من بيروت وتتابع المسيرة وتتركه والقيادة العسكرية لمتابعة القتال، ولكن اقتراحه لم ينل الموافقة فالتزم بقرار القيادة وبقيت القيادة في بيروت.

وفي النهاية وفي الوقت الذي أصبح فيه تدمير بيروت قريباً، كان على القيادة الفلسطينية أن تأخذ قراراً بالانسحاب العسكري من بيروت.

كان تدمير بيروت فوق رؤوس نصف مليون مسلم لم يعد مجرد احتمال بل أصبح حقيقة، وحصل جدال على قرار الخروج : فهناك من أيد وهناك من عارض، ولكن كانت هناك عوامل موضوعية، عوامل مادية مباشرة، عوامل واضحة وضوح الشمس. هذه العوامل هي التي تملي القرار السياسي سواء كان صاحب القرار يحبه أو يبغضه، لأن الثورة لم يكن هدفها القتال من اجل القتال، فالثورة ليست عصابة تقاتل من أجل أن ينجو أفرادها بأنفسهم بأية وسيلة كانت، والثورة ليست عملاً عدمياً المهم فيه هو العنف والتدمير أو التحرك تحت شعار “علي وعلى أعدائي يا رب”، الثورة عمل واع يتحرك من أجل إنجاز أهداف معينة وفي سبيل هذا الهدف يهون الاستشهاد، أما الموت المجاني الذي لا يخدم هدفاً فلا وجود له في قاموس الثورة.

كذلك هناك عوامل تحكم عمل الثورة وتحكم أسلوب العمل الفدائي، فحسب هذا الأسلوب القتالي لا يطلب من المقاتل أن يهزم الجيش الصهيوني كما يهزم الجيش النظامي جيش آخر. هناك مهمات أخرى مطلوبة من المقاتل أن يصمد أو لا ولأطول فترة ممكنة، وأن يوقع أكبر حجم من الخسائر، وبعدها إما أن ينسحب المقاتل ليعيد الكرة من جديد وإما أن تكون هناك أشياء ينتظرها عسكرية أم سياسية ويبقى صامداً حتى تتحقق، وفي ظروف معركة بيروت كان الحصار كاملاً ومحكماً ولا مجال فيه للانسحاب والهجوم من جديد، ولذلك لم يكن هناك خيار سوى الصمود من أجل انتظار شيء ما عسكري أو سياسي يأتي من الساحة العربية أو الدولية، أو من كليهما، وقد صمد المقاتل الفلسطيني ثلاثة أشهر بانتظار “شيء ما” ، ولكن هذا الانتظار كان دون نتيجة.

إن قتال المقاتل الفلسطيني وصموده وإيقاع الخسائر في صفوف الصهاينة كلها أمور هامة وأساسية في الميزان العسكري، وهي التي منعت الكيان الصهيوني من اقتحام بيروت طوال أشهر الحصار ولكن هذا كله يحتاج إلى من يستثمره ويحوله إلى نصر ملموس مباشر، يحتاج إلى من يستغله ويحوله إلى هجوم مضاد وهذا واجب الجيوش العربية، وهذا هو دورها المنتظر، ولكن لم يحصل ذلك، وكان هذا أحد الأسباب التي فرضت قرار الرحيل عن بيروت. كذلك كان هناك ضغط لبناني على الثورة الفلسطينية وبدأت المفاوضات لإنهاء القتال واتفق على خروج القيادة والمقاتلين من بيروت وانسحاب القوات الصهيونية.

وخرج أبو الوليد مع القيادة والمقاتلين عن طريق البحر، واستمرت عملية الرحيل على مدى أربعة عشر يوماً واصلت بيروت أثنائها وداع المقاتلين، وقام أبو الوليد قبل أن يغادر بزيارة مقبرة الشهداء وقرأ الفاتحة على أرواحهم، وحين انتهى من زيارته توجه إلى قبر خاص بين القبول ووقف أمامه خاشعاً يتلو الفاتحة مرة أخرى كان ذلك هو قبل الحاج أمين الحسيني وكأنه كان يريد من وراء ذلك تأكيد استمرارية النضال الفلسطيني، وإظهار احترام الجيل الفلسطيني الحالي لتضحيات الجيل الذي سبقه، أو أنه كان يستشعر اقترابه من الشهادة فذهب يودع الذين سبقوه على ذلك الدرب، وعند الخروج من بيروت أمر الشهيد أبو الوليد المقاتلين بأن لا يحمل أي منهم سوى سلاحه وحقيبته (جعبته العسكرية)، حتى يكون الخروج مشرفاً أمام العالم كله.

لقد رحل الأبطال عن بيروت رحلوا بعد أن أثبتوا لنا وللعالم أن الرحيل لا يعني الهزيمة، وأن البطولة تراهن على تغير العالم مهما كانت الظروف المحيطة والعقبات المثبطة. رحلوا بعد أن تخلى عنهم الأصدقاء وأخوة الدم والدين.

خامساً – الخسائر في الحرب :

1- الكيان الصهيوني :

قدرت تقارير المعاهد الإستراتيجية أن الخسائر الصهيونية كانت كالتالي :

– 1217 قتيلا

– 3000 جريحاً.

– 145 دبابة.

– 213 عربة مدرعة.

– 3 طارئات مقاتلة.

– 6 طائرات عمودية.

– 12أسرى من الضباط والجنود.

– 14 مفقوداً.

2- القوات المشتركة :

– 17915 شهيداً.

– 30203 جريحاً.

وبالاخير انسحب الصهيونيون من بيروت يلعقون مرارة الهزيمة، فلم ينسحبوا إلا وقد انتشر في مواقعهم القوات الدولية متعددة الجنسياتز

المصادر : صحف ومواقع

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة