البث المباشر

صارتِ الفتيانُ حُمَماً

الإثنين 2 يناير 2006 - 00:00 بتوقيت طهران

الحُمَم جمع الحُمَّة، وهي ... ؟ يضرب ... ؟ أوَّلُ مَنْ قاله الحمراء بنت ضمرة بن جابر. ومِنْ خبره أنَّ سويد بن ربيعة قتل سعداً أخا الملك عمرو بن هند، فآلى لِيقتلنَّ بأخيه مِئة من بني تميم. فجمع أهل مملكته، وسار إليهم, فبلغهم ذلك، فتفرقوا في نواحي بلادهم. فأتى دارهم، فلم يجد إلّا عجوزاً كبيرة، وهي الحمراء بنت ضمرة بن جابر، فلمّا نظر إليها وإلى حمرتها قال لها: إنّي لأحْسبُكِ أعجميَّة. فقالت: لا والذي أسأله أنْ يَخفض جناحك، ويَهُدَّ عمادك، ويضع وسادك، ويسلبك بلادك، ما أنا بأعجمية. قال: فمن أنتِ؟ قالت: أنا بنت ضمرة بن جابر، ساد مَعدّاً كابراً عن كابر. وأانا أخت ضمرة بن ضمرة، السريع الكرّة، البطيء الفرة. قال: فَمَنْ زوجكِ؟ قالت: هوذة بن جَرْوَل. قال: وأين هو الآن؟ قالت: هذه كلمة أحمق. لو كنت أعلم مكانه لحال بينك وبيني. قال: وأي رجل هو؟ قالت: هذه أحمق مِنَ الأولى. أعَنْ هوذة يُسألُ؟ هو واللهِ طيب العرق، سمين العرق، لا ينام ليلة يخاف، ولا يشبع ليلة يضاف، يأكل ما وجد، ولا يسأل عمّا فقد. فقال عمرو: ألا واللهِ لولا أنِّي أخاف أنْ تلدي مثل أبيك وأخيك وزوجك لاستبقيتك. فقالت: وأنت واللهِ لا تقتل إلّا نساء أعاليها ثدي وأسافلها دمي. وواللهِ ما أدركتَ ثارا، ولا محوتَ عاراً. وما مَنْ فعلتَ هذه به بغافلٍ عنك، ومع اليوم غد. فأمر بإحراقها، فلما نظرت إلى النار قالت: ألا فتىً مكان عجوز؟ فذهبت مثلاً. ثم أُلقيت في النار. ولبث عمرو عامة يومه لا يقدر على أحدٍ، حتى إذا كان في آخر النهار أقبل راكب يسمى عماراً توضع به راحلته، حتى أناخ إليه، فقال له عمرو: مَنْ أنتَ؟ قال: أنا رجل مِنَ البراجم. قال: فما جاء بك إلينا؟ قال: سطع الدخان، وكنت قد طويت منذ أيام، فظننته طعاماً. فقال عمرو: إن الشقي وافِد البراجم. فذهبت مثلاً. وأمر به فأُلقي في النار. وقال بعضهم: ما بلغنا أنَّه أصاب مِنْ بني تميم غيره، وإنما أحرق النساء والصبيان. ومِنْ طريف الأمثال العربية قولهم: إنَّ البلاءَ مُوَكَّلٌ بالمنطِق وقد سألنا زميلنا الاستاذ الجزائري عن أوّلِ مَنْ قاله وقصته، فقال: هذا المثل يضرب وأوَّلُ مَنْ قاله أبوبكر الصديق. قال المفضل: إنَّ أوّلَ مَنْ قال ذلك أبوبكر الصديق- رضي الله تعالى عنه- فيما ذكره ابن عباس قال: حدثني علي بن أبي طالب- رضي الله تعالى عنه- لمّا أمر رسول الله – صلى الله عليه وآله- أن يَعرضَ نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبوبكر، فدفعنا إلى مجلس من مجالس العرب. فتقدم أبوبكر- وكان نسابة- فسلّم، فردّوا عليه السلام. فقال: مِمَّن القوم؟ قالوا: مِنْ ربيعة. فقال: أمِنْ هامتها أم مِنْ لهازمها؟ قالوا: مِنْ هامتها العظمى. قال: فأيُّ هامتها العظمى أنتم؟ قالوا: ذُهلٌ الأكبر. قال: أفمِنكم عوف الذي يقول لا حُرَّ بوادي عوف؟ قالوا: لا. قال: أفمِنكم بسطام ذو اللواء ومنتهى الأحياء؟ قالوا: لا. قال: أفمِنكم جَسّاس بن مُرَّة حامي الذِّمار ومانع الجار؟ قالوا: لا. قال: أفمِنكم الحَوفزان قاتل الملوك وسالبها انفسها؟ قالوا: لا. قال: أفمِنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة؟ قالوا: لا. قال: أفأنتم أخوال الملوك مِنْ كندة؟ قالوا: لا. قال: فلستم ذُهلاً الأكبر، أنتم ذُهل الأصغر. فقام إليه غلام قد بقل وجهه يقال له دَغْفَل، فقال: إنَّ على سائلنا أن نسألَهُ والعِبءُ لا تعرِفُه أو تحمله ياهذا، إنّك قد سألتنا فلم نكتمك شيئا. فمَن الرجل أنت؟ قال أبوبكر: مِنْ قريش. قال: بخ بخ أهل الشرف والرياسة. فمِن أي قريش أنت؟ قال: مِن تيم بن مُرَّة. قال: أمكنتَ واللهِ الرامي مِن صفاء الثغرة. أفمِنكم قصي بن كلاب الذي جمع القبائل مِن فهر وكان يُدعى مُجَمِّعا؟ قال: لا. قال: أفمِنكم هاشم الذي هشم الثَّريد لقومه ورجالُ مكة مُسنتون عجاف؟ قال: لا. قال: أفمِنكم شيبةُ الحَمد مطعِمُ طيرِ السماء الذي كان في وجهه قمراً يضيء ليل الظلام الداجي؟ قال: لا. قال: أفمِنَ المفيضين بالناس أنت؟ قال: لا. قال: أفمِنَ اهل الندوة أنت؟ قال: لا. قال: أفمِنَ أهل الرِّفادة أنت؟ قال: لا. قال: أفمِن أهل الحجابة أنت؟ قال: لا. قال: أفمِن أهل السقاية أنت؟ قال: لا. واجتذب أبوبكر زمام ناقته، فرجع الى رسول الله – صلى الله عليه وآله- فقال: صادف درأُ السيل درأً يصدعه. أما واللهِ لو ثبت لأخبرتك أنّك مِن زَمَعات قريش، أو ما أنا بِدَغفل. فتبسم رسول الله- صلى الله عليه وآله- قال علي: قلت لأبي بكر: لقد وقعت مِن الأعرابي على باقعة. قال: أجل، أنَّ لكل طامةٍ طامةً، وإن البلاء مُوكَّلٌ بالمَنْطقِ.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة