البث المباشر

آكُلُ لَحْمي ولا أدعهُ لِآكل

الإثنين 2 يناير 2006 - 00:00 بتوقيت طهران

هذا المثل يضرب لمن ينتصر لذي صلة به وإن كان كارهاً له. أوَّلُ مَنْ قاله العيار بن عبد الله الضبِّي، ثم أحد بني السيد بن مالك بن بكر بن سعد بنِ ضبَّة. وكان من حديثه فيما ذكر المفضل أنّ العيّار وفد هو وحبيش بن دلف وضرار بن عمرو الضبيان على النعمان، فأكرمهم وأجرى عليهم نزُلا. وكان العيار رجلاً بطّالاً يقول الشعر ويُضحك الملوك، وكان قد قال: لا أذبح النازيَ الشَّبوب ولا أسلخ يوم المقامة العُنُقا. وكان منزلهما واحداً، وكان النعمان باديا، فأرسل اليهم بِجُزُر فيهن تَيْسٌ، فأكلوهنَّ غير التيسِ، فقال ضرار للعيار- وهو أحدثهم سناً-: إنّه ليس عندنا مَنْ يسلخ هذا التيس، فلو ذبحته وسلخته، وكفيتنا ذلك. قال العيار: ما أُبالي أنْ أفعل ذلك. فذبحه وسلخه. فانطلق ضرار الى النعمان، فقال له: أبيتَ اللعن، هل لك في العيار يسلخ تيساً؟ قال النعمان: أبعدَ ما قال؟ قال: نعم. فأرسل اليه النعمان، فوجده الرسول يسلخ تيساً، فأتى به النعمان، فقال له: أين قولك: لا أذبح النازي الشَّبوب ولا أسلخ يوم المُقامةِ العُنُقا. فخجل العيار وضحك النعمان منه ساعة. وعرف العيار أنّ ضراراً دهاه. واعتاد النعمان أنْ يجلس في الهاجرة في ظل سُرادقه، ويؤتى بطعامه. وكان كسا ضراراً حُلّة مِنْ حُلله وهو شيخ اعرج بادن كثير اللحم. فتربَّص العيار حتى كانت الساعة التي يجلس فيها النعمان في ظل سُرادقه، ويؤتى بطعامه، فعمد الى حُلّة ضرار تلك، فلبسها، وخرج يعارج، فلما صار بحيال النعمان كشف عن عورته فَخَرِئ. فقال النعمان إذا رآه: مالضرار قاتله الله لايهابني عند طعامي؟ وغضب عليه وهَمَّ به، فقال ضرار: أبيتَ اللعن. ما فعلت هذا، ولكنه العيار فعله لما ذكرت لك مِنْ سَلخهِ التيس. فصدقه النعمان، وأنكر العيارُ، فوقع بنيهما كلام حتى تشاتما عند النعمان، ثم افترقا. وبعد مدة اختصم ابو مرحب اليربوعي وضرار بن عمرو، وتناول اليربوعي ضراراً عند النعمان والعيار شاهد، فشتم اليربوعي وزجره، فقال له النعمان: أتفعل هذا بأبي مرحب في ضرار وقد سمعتك تقول له شرّاً من قول ابي مَرحب؟ فقال العيار: أبيت اللعنَ وأسعدكَ إلاهُك آكُلُ لَحمي ولا أدعهُ لِآكل. فأرسلها مثلاً. فقال النعمان: لا يملك مولىً لمولىً نصرا. فأرسلها مثلاً أيضاً. وتقديره: لا يملك مولىً تَرْكَ نصرٍ لمولاه أو ادخاره له. أي أنّه يغضب له، فلا يملك نفسه في ترك نصرته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة