قيل لأعرابي: ما تفاريقُ العصا؟
قال: العصا تقطع ساجوراً، والسواجير تكون للكلاب وللأسرى منَ الناس.
ثم تُقطع عصا الساجور، فتصير أوتاداً.
ويفرق الوتد، فتصير كل قطعة، شظاظاً، فإنْ جُعل لرأس الشظاظ كالفَلَكة صار للبُختيِّ مِهاراً، وهو العود الذي يدخل في انف البُختيِّ.
وإذا فرق المِهار جاءت منه تَوادٍ، وهي الخشبة التي تُشدُّ على خلف الناقة إذا صُرَّت.
هذا إذا كانت عصا.
فإذا كانت قناةً، فكل شَقٍّ منها قوس بندق.
فإن فرقت الشقة صارت سهاماً.
فإن فرقت السهام صارت حِظاء.
فإن فرقت الحظاء صارت مغازل.
فإن فرقت المغازل شَعَبَ به الشعّاب أقداحه المصدوعة وقِصاعَهُ المشقوقة على أنّه لا يجد لها أصلح منها وأليقَ بها.
وهذا لا يجد لها اصلح منها واليق بها.
وهذا المثل يضرب فيمن؟
وأولُّ مَنْ قاله غُنيَّةُ الأعرابية.
ومِنْ خبره أنَّه كان لغُنيَّة ولد عارِمٌ- أي: شرسٌ- كثير التلفُّت الى الناس مع ضعف أسرٍ ودقَّة عظم.
فواثب يوماً فتىً، فقطع الفتى أنفه، فأخذت غُنيَّة دية أنفه، فحسنت حالها بعد فقر مدقع.
ثم واثب آخر، فقطع أُذنه، فأخذت ديتها، فزادت حسن حال.
ثم واثب آخر، فقطع شفته، فاخذت الدية.
فلمّا رأت ما صار عندها من الإبل والغنم والمتاع- وهو من كسب جوارح ابنها- حسن رأيها فيه، وذكرته في ارجوزتـ ، قالت:
أحلِفُ بالمَرْوَةِ حَقّاً والصَّفا
أنَّكَ خيرٌ مِنْ تَفاريقِ العَصَا
شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم