البث المباشر

إنَّ الليلَ طويلٌ وأنتَ مُقِْمر

الإثنين 2 يناير 2006 - 00:00 بتوقيت طهران

يضرب عند الأمر بالصبر والتأنِّي في طلب الحاجة. أول مَنْ قاله السُّلَيك بن سُلَكة السعدي، واسمه الحارث بن عمرو بن زيد مناة بن تميم. ومِنْ خبره أنَّ السليك افتقر حتى لم يبق عنده شيء، فخرج على رجليه رجاء أنْ يُصيبَ غِرَّةً مِنْ بعض مَنْ يمرُّ عليه، فيذهب بإبله، حتى إذا أمسى في ليلة مِنْ ليالي الشتاء باردة مقمرة اشتمل الصماء- وهو أنْ يَرُدَّ فضلَ ثوبه على عضده اليمنى، ثم ينام عليها- فبينا هو نائم إذ جثم على صدره رجل، فقال له: استأسر. فرفع السُلَيك رأسه، وقال له: إنَّ الليلَ طويلٌ وأنتَ مُقْمِر. أي: في القمر، يعني أنَّك تجد غيري. فَتَعدَّني. فذهب قول السُلَيك مثلاً. ثم جعل الرجل يلهزه ويقول له: استأسر يا خبيث. فلمّا اذاه أخرج السُلَيك يده، وضمَّ الرجل ضمَّةً ضرِط منها وهو فوقه. فقال له السُلَيك: اظرطاً وأنت الأعلى؟ فأرسلها مثلاً فيمَن يَضعُفُ في غير موضع الضعف. ثم قال له السُلَيك: مَنْ أنت؟ فقال: أنا رجل افتقرت، فقلت: لأخرُجنَّ فلا أرجع حتى أستغني. قال: فانطلق معي. فانطلقا حتى وجدا رجلاً قصته مثل قصتهما، فاصطحبوا جميعاً، حتى أتوا الجوف جوف مراد الذي باليمن، إذا نَعمٌ قد ملأ كُلَّ شيءٍ مِنْ كثرته. فهابوا أنْ يغيروا فيطردوا بعضها، فيلحقهم الحيُّ. فقال لهما السليك: كونا قريباً، حتى آتي الرعاء، فأعلم لكما علم الحيِّ: أقريب هم أم بعيد؟ فإنْ كانواً قريباً رجعت إليكما. وإنْ كانوا بعيداً قلت لكما قولاً ألحن به لكما، فأغيرا. فانطلق حتى أتى الرعاء، فلم يزل يتسقطهم حتى أخبروه بمكان الحي، فإذا هم بعيد إذا طلبوا لم يدركوا. فقال السليك: ألا اغنيكم؟ قالا: بلى. فتغنى بأعلى صوته: يا صاحبَيَّ ألا لا حيَّ بالوادي الّا عَبيدٌ وآمٍ بين أذوادِ أتنظران قليلاً ريث غفلتِهِم أم تغدوان فإنَّ الربح للغادي فلمّا سمعا ذلك اتياه، فأطردوا الإبل، فذهبوا بها، ولم يبلغ الصريخ الحي حتى مضوا بما معهم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة