البث المباشر

الخطبة ۱۹۲: وتسمى القاصعة، الاعتبار بالامم، النعمة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لوم العصاة

الثلاثاء 6 نوفمبر 2018 - 09:09 بتوقيت طهران

الاعتبار بالامم: فَاعْتَبِرُوا بِحَالِ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَبَنِي إِسْحَاقَ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ عليهم السلام، فَمَا أَشَدَّ اعْتِدَالَ الاَْحْوَالِ، وَأَقْرَبَ اشْتِبَاهَ الاَْمْثَالِ، تَأَمَّلُوا أَمْرَهُمْ فِي حَالِ تَشَتُّتِهِمْ وَتَفَرُّقِهِمْ، لَيَالِيَ كَانَتِ الاَْكَاسِرَةُ وَالْقَيَاصِرَةُ أَرْبَاباً لَهُمْ، يَحْتَازُونَهُمْ عَنْ رِيفِ الاْفَاقِ، وَبَحْرِ الْعِرَاقِ، وَخُضْرَةِ الدُّنْيَا، إِلَى مَنَابِتِ الشِّيحِ، وَمَهَافِي الرِّيحِ، وَنَكَدِ الْمَعَاشِ،

فَتَرَكُوهُمْ عَالَةً مَسَاكِينَ إِخْوَانَ ذَبَرٍ وَوَبَر، أَذَلَّ الاُْمَمِ داراً، وَأَجْدَبَهُمْ قَرَاراً، لاَ يَأْوُونَ إِلَى جَنَاحِ دَعْوَةٍ يَعْتَصِمُونَ بِهَا، وَلاَ إِلَى ظِلِّ أُلْفَة يَعْتَمِدُونَ عَلَى عِزِّهَا، فَالاَْحْوَالُ مُضْطَرِبَةٌ، وَالاَْيْدِي مُخْتَلِفَةٌ، وَالْكَثْرَةُ مُتَفَرِّقَةٌ، فِي بَلاَءِ أَزْل، وأَطْبَاقِ جَهْل، مِنْ بَنَاتٍ مَوْءُودَة، وَأَصْنَامٍ مَعْبُودَة، وَأَرْحَامٍ مَقْطُوعَة، وَغَارَاتٍ مَشْنُونَة.
 

النعمة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
فَانْظُرُوا إِلَى مَوَاقِعِ نِعَمِ اللهِ عَلَيْهِمْ، حِينَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولاً، فَعَقَدَ بِمِلَّتِهِ طَاعَتَهُمْ، وَجَمَعَ عَلَى دَعْوَتِهِ أُلْفَتَهُمْ، كَيْفَ نَشَرَتِ النِّعْمَةُ عَلَيْهِمْ جَنَاحَ كَرَامَتِهَا، وَأَسَالَتْ لَهُمْ جَدَاوِلَ نَعِيمِهَا، وَالْتَفَّتِ الْمِلَّةُ بِهِمْ فِي عَوَائِدِ بَرَكَتِهَا، فَأَصْبَحُوا فِي نِعْمَتِهَا غَرِقِينَ، وَفِي خُضْرَةِ عَيْشِهَا فَكِهِينَ، قَدْ تَرَبَّعَتِ الاُْمُورُ بِهِمْ، فِي ظِلِّ سُلْطَانٍ قَاهِر، وَآوَتْهُمُ الْحَالُ إِلَى كَنَفِ عِزٍّ غَالِب، وَتَعَطَّفَتِ الاُْمُورُ عَلَيْهِمْ فِي ذُرَى مُلْكٍ ثَابِت، فَهُمْ حُكَّامٌ عَلَى الْعَالَمِينَ، وَمُلُوكٌ فِي أَطْرَافِ الاَْرَضِينَ، يَمْلِكُونَ الاُْمُورَ عَلَى مَنْ كَانَ يَمْلِكُهَا عَلَيْهِمْ، وَيُمْضُونَ الاَْحْكَامَ فِيمَنْ كَانَ يُمْضِيهَا فِيهِمْ، لاَ تُغْمَزُ لَهُمْ قَنَاةٌ، وَلاَ تُقْرَعُ لَهُمْ صَفَاةٌ.
 

لوم العصاة:
أَلاَ وَإنَّكُمْ قَد نَفَضْتُمْ أَيْدِيَكُمْ مِنْ حَبْلِ الطاعَةِ، وَثَلَمْتُمْ حِصْنَ اللهِ الْمَضْرُوبَ عَلَيْكُمْ، بَأَحْكَامِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ قَدْ امْتَنَّ عَلَى جَمَاعَةِ هذِهِ الاُْمَّةِ فِيَما عَقَدَ بَيْنَهُمْ مِنْ حَبْلِ هذِهِ الاُْلْفَةِ الَّتِي يَنْتَقِلُونَ فِي ظِلِّهَا، وَيَأْوُونَ إَلَى كَنَفِهَا، بِنِعْمَة لاَ يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنَ الْـمَخْلُوقِينَ لَهَا قِيمَةً، لاَِنَّهَا أَرْجَحُ مِنْ كُلِّ ثَمَن، وَأَجَلُّ مِنْ كُلِّ خَطَر، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ صِرْتُمْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ أَعْرَاباً، وَبَعْدَ الْمُوَالاَةِ أحْزَاباً، مَا تَتَعَلَّقُونَ مِنَ الاِْسْلاَمِ إِلاَّ بِاسْمِهِ، وَلاَ تَعْرِفُونَ مِنَ الاِْيمَانِ إِلاَّ رَسْمَهُ، تَقُولُونَ: النَّارَ وَلاَ الْعَارَ، كَأَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُكْفِئُوا الاِْسْلاَمَ عَلَى وَجْهِهِ انْتِهَاكاً لِحَرِيمِهِ، وَنَقْضاً لِمِيثَاقِهِ الَّذِي وَضَعَهُ اللهُ لَكُمْ حَرَماً فِي أَرْضِهِ، وأَمْناً بَيْنَ خَلْقِهِ، وإِنَّكُمْ إِنْ لَجَأْتُمْ إِلَى غَيْرِهِ حَارَبَكُمْ أَهْلُ الْكُفْرِ، ثُمَّ لاَ جَبْرَائِيلُ وَلاَ مِيكَائِيلُ وَلاَ مُهَاجِرُونَ وَلاَ أَنْصَارٌ يَنْصُرُونَكُمْ، إِلاَّ الْمُقَارَعَةَ بِالسَّيْفِ، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَكُمْ، وَإِنَّ عِنْدَكُمُ الاَْمْثَالَ مِنْ بَأْسِ اللهِ وَقَوَارِعِهِ، وَأَيَّامِهِ وَوَقَائِعِهِ، فَلاَ تَسْتَبْطِئُوا وَعِيدَهُ جَهْلاً بَأَخْذِهِ، وَتَهَاوُناً بِبَطْشِهِ، وَيأْساً مِنْ بَأْسِهِ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَلْعَنِ الْقَرْنَ الْمَاضِيَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ، إِلاَّ لِتَرْكِهِمُ الاَْمْرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيَ عَنِ المُنكَرِ، فَلَعَنَ السُّفَهَاءَ لِرُكُوبِ الْمَعَاصِي، وَالْحُلَمَاءَ لِتَرْكِ الْتَّنَاهِيْ، أَلاَ وَقَدْ قَطَعْتُمْ قَيْدَ الاِْسْلاَمِ، وَعَطَّلْتُمْ حُدُودَهُ، وَأَمَتُّمْ أَحْكَامَهُ، أَلاَ وَقَدْ أَمَرَنِيَ اللهُ بِقِتَالِ أَهْلِ الْبَغْي وَالْنَّكْثِ وَالْفَسَادِ فِي الاَْرْضِ، فَأَمَّا النَّاكِثُونَ فَقَدْ قَاتَلْتُ، وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَقَدْ جَاهَدْتُ، وَأَمَّا الْمَارِقَةُ فَقَدْ دَوَّخْتُ، وَأَمَّا شَيْطَانُ الرَّدْهَةِ فَقَدْ كُفِيتُهُ بِصَعْقَة، سَمِعْتُ لَهَا وَجْبَةَ قَلْبِهِ، وَرَجَّةَ صَدْرِهِ، وَبَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَلَئِنْ أَذِنَ اللهُ فِي الْكَرَّةِ عَلَيْهِمْ، لاَُدِيلَنَّ مِنْهُمْ إِلاَّ مَا يَتَشَذَّرُ فِي أَطْرَافِ البِلادِ تَشَذُّراً.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة