وقال السفير الايراني في حوار اجرته قناة "الميادين" ان الأهمية الأولى تكمن في الرد الصارم الذي أعلناه على الملأ وأمام العالم بأسره ـ أقصد في هذه الحالة ايران وفنزويلا ـ في وجه السياسات الأحادية الجانب من قبل الولايات المتحدة.
الولايات المتحدة تريد ممارسة الضغط وفرض سياساتها وإرادتها على الدول، فأتت إيران وفنزويلا لتقولان "كلا" نيابة عن العديد من دول العالم. إن حق تقرير المصير، والحق في التجارة الحرة والعبور الحر هو لجميع بلدان العالم.. ولجميع البلدان أن تستفيد منه، وأن تمارس هذا الحق.
وماذا فعلت إيران وفنزويلا؟ لقد أظهرتا أن هذا الحق موجود، وأنه بالإمكان الاستفادة منه، وهذا عامل مهم للغاية بالنسبة الى جميع البلدان، فالولايات المتحدة لم تعد تسيطر على العالم، ولا يمكنها أن تقول لبلدان العالم ماذا يجب أن تفعل أو ماذا يجب ألا تفعل، فالحكومات ذات السيادة هي التي تتخذ القرارات بحرية وبالطريقة التي تريدها ومع الدول الأخرى التي تختارها.
واضاف: لطالما كانت الولايات المتحدة واحدة من أكبر منتهكي القانون الدولي والاتفاقيات الدولية في العالم، واليوم، عندما تلتزم في هذه الحالة بإحدى مسؤولياتها والتزاماتها في إطار الحقوق والاتفاقيات الدولية، فإنها بطريقة ما، تكون قد تحدّت نفسها في ما اعتادت على فعله في السابق من انتهاك للقوانين الدولية.
ما حدث اليوم، هو أن الولايات المتحدة أُجْبرت على الامتثال للحد الأدنى من المسؤولية التي تتحملها، وعلى احترام الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها. لقد اعتادت الولايات المتحدة على انتهاك كل الاتفاقيات الدولية وعدم الأخذ بالاعتبار أيّ كان وعدم الرجوع لأي كان، ولكنها الآن تعلّمت أن عليها أن تحترم ذلك، وهذا التصرف بحد ذاته هو بمثابة تحدّ لنفسها ولما جرت العادة أن تقوم به الولايات المتحدة نفسها.
واكد أنه أصبح لدى البلدان الثورية وشعوبها فعلياً المزيد من الثقة في قدراتها الذاتية، وأصبحت واقعاً أكثر إطلاعاً حول حقوقها وأكثر استعدادًا للنضال من أجل انتزاع هذه الحقوق التي هي ملكها. فإيران وفنزويلا مارستا حقهما وهناك العديد من البلدان الأخرى ستبدأ تطالب منذ الآن بحقوقها ولن تطلب الإذن من الولايات المتحدة كما كان الحال في العقود السابقة، عندما كانت تتقبل كل ما تقوله لها الولايات المتحدة.. الآن بدأ العالم يطالب بحقوقه،ويجب على الولايات المتحدة أن تستجيب، وأن تحترم حقوق الدول الأخرى.
وصرح بانه لم تواجه السفن في مسارها أي مشاكل أو صعوبات، ولم يزعجها أحد أو يعوق إبحارها. يمكن للأميركيين أن يقولوا ما يريدون، لكن أكاذيبهم لن تغيّر الواقع، والحقيقة هي أن السفن الإيرانية أصبحت الآن موجودة بالفعل في فنزويلا، أي في أميركا الجنوبية، وللمرة الأولى. بطبيعة الحال إيران كانت قد اتخذت قبل الإبحار إجراءاتها الإستباقية وأصدرت أيضًا التحذيرات الرسمية للولايات المتحدة من خلال الأمم المتحدة، مؤكدةً أنه يجب على الولايات المتحدة الامتثال لالتزاماتها الدولية ومنها احترام الحق بالتجارة الحرة والعبور الحر. لذا يمكن للأميركيين، أن ينشروا أية أكذوبة، أو أي خبر مختلق، فليفعلوا ما يريدون، لكنهم لن يغيروا الواقع.
وتابع السفير: أحيانًا تحصل أفعال وتُتّخذ قرارات غير منطقية من قبل بعض حكام الولايات المتحدة، لكن إيران لديها القدرة التي تتميز بها، وهي على يقين وثقة بقوتها، ونحن فعلياً لدينا خبرة في الماضي وقد أثبتنا أمام العالم أن إيران لا تمزح بما تقوله. وهي تنفذ ما تقوله. الحمد لله أن الولايات المتحدة قد تعلّمت بالفعل هذا الدرس، وأنها ملزمة باحترام المواثيق الدولية، التي تنص على حقوق متساوية لجميع الدول، فهكذا فقط يمكن للجميع أن يكونوا أكثر هدوءًا وراحة وأكثر أمانًا، وهذا الإنجاز ليس فقط لإيران وفنزويلا، بل إنه للعالم كله. وعلى هذا الأساس، الجميع، مادلين، سوف يكونون أكثر أمانًا وهدوءًا.
واضاف: ما قالته الولايات المتحدة عن أميركا اللاتينية بأنها فناؤها الخلفي كان في إطار عقيدة اعتنقها في عام 1825، لقد مر قرنان من الزمن تقريباً منذ ذلك الوقت، وقد تغير العالم كثيرًا، وتغيرت البلدان كلياً، وأنا أطرح السؤال على الشكل التالي: كيف ترسل الولايات المتحدة قواتها وحاملات طائراتها ومدمراتها وقطعها الحربية وجيوشها إلى الخليج الفارسي والشرق الأوسط والعديد من البلدان الأخرى في العالم؟ وماذا كانت نتيجة الوجود العسكري الأميركي في تلك البلدان غير البؤس والموت والدم؟ كيف يكون من حق الولايات المتحدة أن تذهب الى قارات أخرى ومناطق أخرى، بينما البلدان الأخرى كإيران مثلاً لا يحق لها أن تقوم بتجارة مشروعة في إطار الاتفاقيات الدولية المعمول بها، أو أن تبحر الى أميركا اللاتينية؟ يوجد في القانون الدولي مبدأ مهم للغاية ينص على "المساواة في سيادة الدول" بصرف النظر عن حجم وعدد سكان وقوة كل دولة، وبالتالي فإن الدول متساوية في هذا الحق.
وقال: لكل بلد صوت واحد في المنظمات الدولية وذلك بالتساوي بين الدول. إيران تغادر محيطها لأن مصالحنا تتطلب منا أن نسافر من قارتنا الى أماكن أخرى، والعديد من البلدان في العالم تغادر محيطها قاصدة مناطق أخرى لهذه الأهداف، ولتبحث عن فرص عمل جديدة في قارات أخرى. وهذا حق راسخ لجميع دول العالم. علينا أن نفكر ونأخذ بالإعتبار أن لدينا اتفاقات دولية، ومن الضروري احترامها والامتثال لنصوصها، هل هذا الأمر جيد أم لا؟ إذا كان جيدًا، فيجب أن يكون هذا الحق للجميع، وإذا لم يكن جيدًا، فيجب أن يكون ممنوعاً على الجميع أيضًا. لا يمكن للولايات المتحدة أن تخرج لتقول أنها تسمح بتطبيق تلك القوانين التي تفي بمصالحها الوطنية.
واردف قائلا: أما حين يكون تطبيق القوانين والاتفاقيات الأخرى غير مناسب لمصالحها، عندها تريد أن تفرض على العالم أن يتراجع عن ممارسة حقه الذي تنص عليه تلك الاتفاقيات الدولية.. هذا الأسلوب غير منطقي. والعالم لا يقبل بهذا التعاطي مع القوانين الدولية، العالم يطالب بحقوقه، العالم تغير كلياً، والآن انظري إلى الوضع في الولايات المتحدة، فهم يعيشون في حالة بائسة مع هذا الفيروس كورونا ، لديهم أسوأ حالة في العالم على مستوى مكافحة هذا الوباء هناك.. وليس لدى للولايات المتحدة القوة الأخلاقية لتملي على الدول الأخرى ما يجب أن تفعله أو ما يجب الامتناع عن القيام به. فالدول والشعوب لهم الحق في تقرير المصير، وبهذه الطريقة يتعين على الولايات المتحدة التأقلم والتعود على احترام هذا التغيير الجديد على المستوى الدولي.
واضاف: لقد انتصرت التعددية، وانتصر السلام أيضاً، انتصرت الأخوة والصداقة بين إيران وفنزويلا، كشعبين وكحكومتين ذات سيادة، بالإضافة إلى التعاطف والمحبة على المستوى الدولي تجاه مسألة وصول الناقلات الإيرانية إلى فنزويلا، إلى أميركا اللاتينية... أما على الصعيد الثنائي، فقد أعطى هذا الإنجاز مزيداً من التضامن والتعاون بين إيران وفنزويلا كبلدين يملكان قرارهما ويتمتعان بالإستقلال والسيادة. اليوم، نرى أن الشعب الإيراني ممتن للغاية لما قامت به القوات المسلحة الفنزويلية في عرض البحر من مرافقة ومواكبة لهذه الناقلات، هذا عمل بطولي من قبل القوات المسلحة الفنزويلية، فقد حلقت طائرات مقاتلة وأبحرت فرقاطات ومدمرات فنزويلية لترحب بالسفن الإيرانية ولكي يشعر القبطان والطاقم الإيراني بالأمان والسلام وأن لا يشعر أحد من الطواقم بأي قلق قائلين لهم: "نحن هنا لمواصلة نضالنا المشترك". ومن ناحية أخرى، أظهرت إيران للعالم، من خلال وصول ناقلاتها البحرية إلى فنزويلا، أنها لن تبيع الصداقة التي تربطها بشعب وحكومة فنزويلا لأي شخص كان ولا بأي ثمن على الإطلاق..وأن الشعب الإيراني والحكومة الإيرانية، سوف يكونان دائماً إلى جانب الشعب والحكومة في فنزويلا الصديقة مهما كان الثمن.
وقال السفير الايراني: الحمدلله أن إيران اليوم مكتفية وتغطي حاجتها من الوقود.. ولدينا الكثير للتصدير.. عملياً نحن نصدر ما يلزم للسوق الدولية، وخاصة في منطقة الخليج الفارسي والبلدان المجاورة، وهذا يعني أن ما نصدره إلى فنزويلا لن يؤثر على حاجتنا للاستهلاك المحلي ولكن، في أي حال من الأحوال، إذا كان من الضروري إرسال الوقود إلى فنزويلا وتخفيض حجم الاستهلاك المحلي في إيران بعض الشيء، فالحكومة الإيرانية والشعب الإيراني مستعدان لذلك بلا شك، وفنزويلا تضامنت معنا في عام 2008 ونحن لم ننس ولن ننسى أبدًا عندما كانت إيران تعاني من شحة الوقود في عام 2008 بسبب العقوبات غير العادلة من قبل الولايات المتحدة، كيف هبت فنزويلا بتوجيهات من الرئيس شافيز لترسل لنا الوقود التي كنا بحاجة إليها. هناك قول جميل بأن الحب لا يقابل إلا بالحب، واليوم أكرر أنه لو دعت الضرورة أن نخصص جزءاً من وقود السوق المحلية الإيرانية كي نرسله إلى فنزويلا، فكنا سنفعل، لكن الحمد لله لم نضطر لذلك باعتبار أنه يوجد لدينا ما يكفي من الإنتاج المحلي ونحن نصدّر لبلدان مجاورة وللسوق الدولي. حتى أننا مستعدون أن نعلّق ارسال الوقود لبعض الزبائن التقليديين كي نؤمن ما تحتاجه فنزويلا.
وفي الرد على سؤال ان كان على متن هذه السفن مواد ومكونات أخرى لدعم صناعة النفط في فنزويلا قال السفير: لقد تضررت مصافي فنزويلا من جراء العقوبات الجائرة واللاإنسانية التي تفرضها الولايات المتحدة، وتحتاج تلك المصافي إلى مواد ومحفزات لإنتاج الوقود. ومنذ ما يقارب الثلاثة أسابيع، أرسلت إيران أيضاً إلى فنزويلا شحنة من تلك المحفزات واليوم نحن نرسل الوقود لمساعدة فنزويلا. إن جلب الوقود هو لتأمين حل لجزء من الاحتياجات الملحة في السوق الفنزويلي، أما الهدف فهو مساعدة فنزويلا على زيادة إنتاجها الخاص بحيث تكون مستقلة ومكتفية من خلال ما تنتجه.. لذلك فنحن في هذا السياق وبهذا المعنى على أتم الإستعداد لمساعدة الأصدقاء الفنزويليين في المجالات التي تحتاج فيها فنزويلا لمساعدة إيران.