بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين .. حياكم الله مستمعينا الكرام واهلا بكم إلى حلقة جديدة من نهج الحياة إذ نواصل الشرح السهل و الوجيز عن الدروس التي تحملها الايات 51 حتى 58 من سورة يس المباركة .. دعونا ننصت إلى تلاوة الايات 51 حتى 53 من هذه السورة المباركة:
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ ﴿٥١﴾
قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ۜ ۗ هَـٰذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَـٰنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ﴿٥٢﴾
إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٥٣﴾
أشرنا في الحلقة الماضية إلى أن العالم وجد وخلق بإرادة إلهية و سيزال بإذنه أيضا و سيقضى على جميع من يسكن في الأرض بصيحة سماوية عظيمة . ثمّ تشير هذه الآيات إلى مرحلة اُخرى، مرحلة الحياة بعد الموت. فتقول: (ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربّهم ينسلون). فبنفخة واحدة يبعثون أحياء من جديد، فلا هلاكهم و تحولهم إلى تراب يشكّل عقبة أمام قدرة الله سبحانه وتعالى، ولا حياتهم كذلك ، ليتحقق المعاد الجسماني والروحاني من خلال خروج الأجساد من القبور من جديد . ترشدنا الايات إلى دروس منها :
- إن المعاد يتحقق بشقيه الروحي والجسمي و الناس سيحشرون يوم القيامة بأبدانهم التي كانوا عليها في الدنيا .
- إن القيامة يوم الحسرة ؛ حيث يتحسر الكفار بسبب رفضهم للدين و يتحسر المؤمنون بسبب قلة الأعمال الصالحة .
- القيامة ساحة لحضور الأولين والآخرين في زمان ومكان واحد .
والان أيها الأكرام نستمع إلى تلاوة الاية 54 إلى 58 من سورة يس المباركة :
فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٥٤﴾
إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ﴿٥٥﴾
هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ ﴿٥٦﴾
لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ ﴿٥٧﴾
سَلَامٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ ﴿٥٨﴾
إن حضور الأولين والآخرين يوم القيامة هو من أجل أن يمثلوا أمام محكمة العدل الإلهية ، لينال كل واحد منهم جزاءه الأوفى إن خيرا فخير وإن شرا فشر. و عليه فإن القران يقول :" وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" فالمقياس في تقييم الأعمال هو العدل الإلهي و لاغير .
تتحدث الايات عن حال أصحاب الجنة و بعض النعم التي يدركها عقول أهل الدنيا .مثل مختلف الأطعمة والملابس والمساكن والأزواج و كل ما يأتي للإنسان بالرفاه والطمانية والاستقرار. فهي نعم كان يرجوها أصحاب الجنة و نعم لا يمل منها المتنعمون بها من أصحاب الجنة . و إلى جانب تلك النعم المادية ثمة ألطاف معنوية ينعم بها أهل الجنة و من أهمها سلام الله و تحيته و هي ترمز إلى رحمة الله الخاصة بحيث تفوق على جميع النعم الأخرى .
نستلهم من الايات دروسا منها:
- إن يوم القيامة يوم تجلي العدل الإلهي و سيجزى كل البشر بعيدا عن تأثير الوساطات والعلاقات الدنيوية .
- إن الجنة ملأها السعادة والسرور ولا للحزن فيها من سبيل .
- إن الجنة تشهد حياة اجتماعية للإنسان أيضا بحيث يعيش المرء مع أزواجه و أولاده .
- لا حدود تمنع اهل الجنة من المطالبة بما يحبون فلهم كل ما يتمنون ويشتهون .
ايها الأحبة انتهت حلقة أخرى من حلقات برنامج نهج الحياة على امل أن نلقاكم مجددا نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .