بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة على رسول الله محمد واله الكرام .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته و أهلا بكم إلى لقاء جديد من برنامج نهج الحياة ووقفة تأملية أخرى عند ايات اخرى من سورة يس المباركة. والبداية اعزائنا مع تلاوة مرتلة للايتين 13 و14 من هذه السورة المباركة.
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ﴿١٣﴾
إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ ﴿١٤﴾
تكملة للبحوث الماضية حول القرآن ونبوّة الرّسول الأكرم(ص)، والمؤمنين الصادقين، والكفّار المعاندين، تطرح هذه الآيات نموذجاً من موقف الاُمم السابقة بهذا الصدد، تتحدّث حول تاريخ عدد من الأنبياء السابقين الذين بعثوا لهداية المشركين عبدة الأوثان الذين سمّاهم القرآن الكريم (أصحاب القرية) وكيف أنّهم نهضوا لمخالفة اُولئك الأنبياء، وتكذيبهم، وكانت خاتمتهم أن أخذهم العذاب الأليم، لتكون تنبيهاً لمشركي مكّة من جهة، وتسلية للرسول الأكرم (ص) ومن آمن معه في ذلك اليوم.
الايتان تحفلان بمجموعة من التعاليم نذكر منها:
- إن دراسة تاريخ الماضين أفضل درس لبناء المستقبل .
- قوله :"إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ " يشير إلى أن الأنبياء هم الذين كانوا يتوجهون إلى الناس لإرشادهم ولم ينتظروا لمجيء الناس إليهم .
- ثمة سنن كونية الهية ثابتة لا تتغير بتغير واختلاف الأمم والزمان والمكان .
والان أيها الأكارم نستمع إلى تلاوة الايات 15 الى 17 من سورة يس:
قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ ﴿١٥﴾
قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ ﴿١٦﴾
وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴿١٧﴾
لم يكن رد فعل هؤلاء القوم الضالّين قبال دعوة الرسل إلا أنهم تعلّلوا بنفس الأعذار الواهية التي يتذّرع بها الكثير من الكفّار دائماً في مواجهة الأنبياء (قالوا ما أنتم إلاّ بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلاّ تكذّبون). فإذا كان مقرّراً أن يأتي رسول من قبل الله سبحانه، فيجب أن يكون ملكاً مقرّباً وليس إنساناً مثلنا. و لكن هؤلاء الأنبياء لم ييأسوا جرّاء مخالفة هؤلاء القوم الضالّين ولم يضعفوا، وفي جوابهم (قالوا ربّنا يعلم إنّا إليكم لمرسلون) وأكدوا أن مسؤوليتنا إبلاغ الرسالة الإلهية بشكل واضح وبيّن فحسب شاء الناس أو أبوا .
إلى تعاليم تهدينا إليها هذه الايات المباركات:
- يظن البعض أن الرحمة الإلهية الواسعة تكون مبررا لانفلات الانسان وعدم تقيده بحدود و قوانين .
- إن القيام بمهمة الأمر بالمعروف والدعوة إلى الحق مهمة تحتاج إلى أكثر من واحد وينبغي توفر الدعم والحماية والتعزيز .
- إن واجب الانبياء هو الدعوة وبيان الحقائق وإبلاغها إلى الناس وليس عليهم ضمان نتائج الدعوة .
و الان اليكم تلاوة الايتين 18 و19 من سورة يس:
قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١٨﴾
قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ ۚ أَئِن ذُكِّرْتُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴿١٩﴾
التطير هو من الخرافات القديمة و مازال الكثيرون متمسكين بها و الاسلام يرى ذلك من الشرك و قد حسم ذلك بعبارة الطيرة شرك و كفارة ذلك التوكل على الله . ترشدنا الاية إلى تعاليم منها:
- إن الرد على الكلام الباطل يجب أن يكون بكل وضوح كما قال الانبياء " طَائِرُكُم مَّعَكُمْ " .
- إن التكذيب والتحقير والتهديد كله من الأساليب التي يستخدمها الكفار لمواجهة الحق .
- إن الإنحرافات الفكرية مقدمة للإنحرافات السلوكية كما تكون فكرة الطيرة مقدمة لإنكار الانبياء ورسالة السماء.
- إن الكفر والشرك بالله تعالى ظلم عظيم والظلم سبب لقسوة القلوب والجرأة على رسل الله تعالى ..
إلى هنا انتهت حلقة أخرى من حلقات برنامج نهج الحياة شكرا لطيب متابعتكم وإلى اللقاء .