اللهم لك الحمد حمد الشاكرين والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله الطاهرين.
إخوة الإيمان أهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة وتفسير آي أخر من سورة العنكبوت المباركة نستهل الحلقة بالآية السابعة والعشرين:
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴿٢٧﴾
تعقيباً لما تقدم من الآيات التي أجملت سيرة النبي إبراهيم عليه السلام وتحمله لأشد الصعاب والتعرض للحرق بالنار من أجل تبليغ دعوة التوحيد جاءت هذه الآية للإشارة إلى ما أنعم الله به عليه من الذرية الصالحة التي يكون بها إستمرار دعوته التوحيدية وخط النبوة، وذلك أن الله لم يبعث نبياً من بعد إبراهيم إلا من صلبه، فالتوراة والإنجيل والزبور والفرقان كلها أنزلت على أولاده عليهم السلام، أما قوله عزوجل "وآتيناه أجره في الدنيا" فهو الذكر الحسن والولد الصالح ورضي أهل الأديان به فكلهم يحبونه ويتولونه أي أن إبراهيم عليه السلام مع ما أعطي من الأجر والثواب في الدنيا يحشره الله في جملة الصالحين العظيمي الأقدار مثل أنبياء أولي العزم عليهم السلام.
أفادتنا الآية:
- الإبن البار، هبة من الله لعباده الصالحين.
- مما يثاب عليه الإنسان في الحياة الدنيا أن يكون ذا ذرية حسنة.
- خلافاً للرؤى الإنحرافية والأفكار المضللة، يمكن الجمع بين الدنيا والآخرة.
- فما توصي به الثقافة الإسلامية عدم التفريط بالآخرة على حساب الحيوة الدنيا وعدم التحلي عن هذه الحيوة وصولاً لليوم الآخر.
والآن نصغي للآيتين الثامنة والعشرين والتاسعة والعشرين من سورة العنكبوت المباركة:
وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ ﴿٢٨﴾
أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ ۖ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّـهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿٢٩﴾
تعني الآيتان: أن الله أرسل لوطاً إلى قوم ما عرف التاريخ القديم لهم مثيل في انحلالهم وبشاعته.. فكانوا يأتون الرجال شهوة ويقطعون الطريق على المسارة بالأذى إضراباً وسلباً واغتصاباً، أما أنديتهم ومجالسهم فلا تعرف إلا الفحش والمنكر والآثام.. فحذرهم لوط، وأنذرهم بعذاب الله وهذا كل ما يملكه ويقدر عليه، فسخروا منه وقالوا: أرنا هذا العذاب لنؤمن بك.. فالتجأ إلى الله يستنصره على القوم المفسدين.
أفادتنا الآيتان:
- ليس العلماء أو كبار رجال الدين مسؤولين عن الدعوة الى الله فحسب، فعليهم أيضاً محاربة الفساد والآفات الإجتماعية وتطهير المجتمع.
- لا تعني إشاعة الفساد في المجتمع التنصل عن مسؤولية النهي عن المنكر، بذريعة أن ذلك لم يعد يجدي نفعاً.
- يوصي الأنبياء والرسل الناس بإرضاء غرائزهم الجنسية بالطرق الصحيحة وما تقره أديان السماء، تجنباً للإنحرافات الجنسية والإنفلات الخلقي والمثلية.
- الخطيئة فردية ما لم تنتشر علناً ومنكر إجتماعي ما إن تتجاوز الحدود وتخدش الحياء العام.. ما يحتم التصدي لها.
- المثلية المسموح بها في دول غربية اليوم، محرمة في كل أديان السماء وقد تصدى لها الأنبياء والرسل باعتبارها عملاً قبيحاً وفعلة شنعاء يعاقب عليها.
والآن نبقى مع الآية الثلاثين من سورة العنكبوت المباركة:
قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ ﴿٣٠﴾
بعد أن كذب القوم النبي لوطاً وقالوا له إستهزاءً "إئتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين" إلتجأ لوط إلى الله يستنصره على القوم المفسدين قائلاً "رب انصرني على القوم المفسدين" الذين فعلوا المعاصي وارتكبوا القبائح وأفسدوا في الأرض.
ما بينته لنا الآية:
- المثيلية في القاموس الإسلامي صنف من أصناف إشاعة الفساد في الأرض، يعاقب المتجاهر بها.
- وجوب مواجهة الفساد في المجتمع، والتماس العون من الله ونصرته سبحانه على المفسدين.
إنتهت هذه الحلقة وعلى أمل اللقاء المجدد بكم أيها الإخوة والأخوات الكرام نستودعكم الله والسلام عليكم جميعاً ورحمته وبركاته.