بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد بن عبدالله وعلى أهل بيته الطاهرين أفضل صلوات المصلين.
مستمعينا الكرام السلام عليكم وأهلاً بكم في حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة حيث نقدم تفسيراً موجزاً لآيات أخرى من سورة الشعراء ونبدأ بالآيتين 41و42.
فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ ﴿٤١﴾ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴿٤٢﴾
لقد مر علينا فيما سبق أن موسى (ع) جاء بالمعجزات الدالة على نبوته ومع هذا جحد فرعون ومن لف لفه بتلك المعجزات.
واتهم فرعون، موسى (ع) بالسحر. وأشار عليه رجال بلاطه أن يجمع سحرة مصر ليأتوا بما عندهم قبال موسى (ع).
وكان السحرة على ثقة تامة أن الغلبة ستكون لهم. لقد قالوا لفرعون بماذا ستكافئنا؟ أجابهم فرعون: بمكافأة كبيرة وستكونن من المقربين. إذ كان المهم لدى فرعون بجوره وظلمه أن لا يدع النصر ليكون لموسى (ع).
أجل.. بالمال والجاه أغرى فرعون السحرة. إنه ما كان يريد أن يزلزل حكمه.
والآن لنرى ما في النص من دروس فهي:
- إن من غرتهم الحياة الدنيا لا يكون مهماً عندهم بيان الحق والباطل بل المهم عندهم المال والمنصب وهذا ما كان يفكر به السحرة الذين أحضرهم فرعون.
- إن حكام الجور يستعملون كل الوسائل لمحاربة الحق وأهله حتى وإن كانت تلك الوسائل ألبدع والخرافات.
ويقول تعالى في الآيات 43 و 44 و 45 من سورة الشعراء المباركة:
قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ ﴿٤٣﴾
فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ ﴿٤٤﴾
فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ﴿٤٥﴾
وحل اليوم الموعود وحضر فرعون والسحرة وموسى (ع) وكان معه أخوه هارون. طلب من السحرة أن يلقوا ما عندهم.
وبكل غرور ألقى السحرة ما عندهم من عصي وحبال وبدت هذه الأشياء للناظرين بواسطة السحر أفاعي صغيرة وكبيرة.
داخل الخوف الناس لما شاهدوا وفرح فرعون وحزبه لما رأوا وظنوا أن السحرة انتصروا على موسى (ع) ولكن لم تدم فرحة اولئك. إذ بعد ما ألقى موسى (ع) عصاه رأى الناس حية كبيرة ابتلعت كل ما كان لدى السحرة.
وشعر الكثيرون ومنهم رجال فرعون بصدمة. ما كانوا ليتصوروا أن لموسى (ع) القدرة على مواجهة كل اولئك السحرة الماهرين.
والدروس المأخوذة من هذه الآيات الثلاثة. ثلاثة هي:
- ان المؤمنين يتوكلون على الله تعالى. إنهم لا يستوحشون في طريق الهدى لقلة سالكيه.
- إن على أهل الحق أن يجهزوا أنفسهم بالوسائل اللازمة لدحض الباطل وأهله.
- ليس للباطل بما له من أسس واهنة أن يغلب الحق. ولقد رأينا كيف أن السحرة وهم أهل الباطل انهزموا قبال موسى (ع) لأنه في طريق الحق.
وآخر ثلاث آيات نفسرها في هذه الحلقة هي الآيات 46و47و48 من سورة الشعراء حيث نستمع لتلاوتها والتفسير آت بعدها..
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ﴿٤٦﴾
قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٤٧﴾
رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ ﴿٤٨﴾
لقد أيقن السحرة أن عمل موسى (ع) ليس من السحر انه معجزة الهية. إذ ليس للإنسان مهما أوتي من قوة أن يحول الخشب والعصى الى أفعى.
نعم.. لقد ظهر الحق وزال الباطل وهنا سجد السحرة إيماناً بالله تعالى ورسالة موسى (ع).
أجل.. إن المعرفة كانت طريقاً لهذا التحول من الكفر الى الإيمان واعلم السحرة الناس أن عمل موسى معجزة من الله وليس من السحر في شيء.
وها نحن في الدقائق الأخيرة نقتفي الدروس المودعة في هذا النص القرآني الشريف وهي:
- ان ما يصل اليه عقل الإنسان من الحقيقة الحقة هو مفتاح طريق الإيمان.
- لقد خلق الله تعالى الإنسان مختاراً فإن أيقن خطأه واعوجاج طرقه، عزف عن الخطأ بإرادته وسلك نحو الصلاح سبيلا.
نسأل الله ان يثبتنا جميعاً على طريق الإيمان والإستقامة، آمين يا رب العالمين.
حضرات المستمعين الأفاضل هكذا وصلنا وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة البرنامج الذي يأتيكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
الى اللقاء والسلام خير ختام.