البث المباشر

تفسير موجز للآيات 131 الى 135 من سورة طه

السبت 7 مارس 2020 - 17:59 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 561

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد (ص) وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.

السلام عليكم حضرات المستمعين الأكارم وأهلاً بكم في هذه الحلقة من نهج الحياة وفيها نفسر الآيات الخمس الأخيرة من سورة طه المباركة، ونبدأ بالإستماع إلى الآية الحادية والثلاثين بعد المئة من هذه السورة وهي قوله تعالى:

وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ﴿١٣١﴾

في هذه الآية يأتي الخطاب الرباني داعياً الإنسان المؤمن إلى عدم الإنبهار بزبارج الدنيا وزخرفها، فنعمة الإيمان قيمتها أكثر من نعم الدنيا الزائلة وما عند الله خير للأبرار.

نعم، إن متاع الدنيا متاع زائل وبه يمتحن الله الناس وهو تعالى إنما يملي للكافرين ليزدادوا إثماً ورحمة ربك خير مما يجمعون.

أما الدروس المستفادة من هذه الآية فهي:

  •  إن الإنسان ميال إلى الماديات وهذا أمر غريزي فيه، لكن عليه أن لاينساب وراء هذه النزعة الخادعة.
  • علينا أن نتأمل فيما هو في أيدينا لا أيدي الآخرين، وفي هذا ما يعزز صفة القناعة لدى الإنسان وكما قيل فإن القناعة كنز لا يفنى.
  • كلما زادت عطايا الدنيا كلما اشتد الإختبار، ولعل إلى هذا المعنى أشار مولى الموالي وإمام الزهد والتقوى الإمام علي عليه الصلاة والسلام حين قال: (إن الدنيا في حلالها حساب وفي حرامها عقاب وفي الشبهات عتاب).

ويقول تعالى في الآية الثانية والثلاثين بعد المئة من سورة طه:

وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ ﴿١٣٢﴾

تأمر هذه الآية الشريفة الرسول (ص) وبالتالي كل مؤمن بالإستقامة في أداء الصلاة وكذلك أمر أهله بها.

والصلاة هي عمود الدين ومن أقامها أقام الدين وهي أحب الأعمال إلى رسول الله (ص) حتى أنه سماها قرة عينه لكن قد يسأل البعض ماجدوى الصلاة، وهل الله في حاجة إلى صلاتنا؟

وللجواب على هذا السؤال نقول أن الله ليس بحاجة إلى صلاتنا، بيد أنها صلة بيننا وبينه جل شأنه، ومن هنا قيل أن الصلاة معراج المؤمن، إن الدين الإسلامي الحنيف أيها الكرام هو الدين الذي يوثق علائق الإنسان بالله عزوجل، ومن هذه العلائق الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر.

ومن هنا قال مولانا أمير المؤمنين (ع) تعاهدوا أمر الصلاة وحافظوا عليها واستكثروا منها وتقربوا بها فإنها كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً.

إن الذي نأخذه من هذا النص من دروس هي:

  •  إن الواجب يملي على رب الأسرة أن يعمل على تربية أبنائه وأن لا يكتفي بتوفير حاجاتهم المادية.
  •  المهد الأول للتربية الأسرة لا المدرسة.
  • إن عائدات العبادة لنا والله تعالى هو الغني الحميد.

ويقول تعالى في الآية الثالثة والثلاثين بعد المئة من سورة طه المباركة:

وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ ۚ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ ﴿١٣٣﴾

إن مشركي مكة أفضوا القرآن ولم يروه معجزة النبي (ص) وطلبوا منه (ص) أن يأتي بما يشبه معاجز الأنبياء السابقين عليهم السلام، لكن هذه الدعوة ما هي إلا دعوة كاذبة، فلو جاء نبينا (ص) بمثل معاجز الرسل السابقين لما آمن به كفار قريش.

والتاريخ يشهد على أن البعض من الناس لم يؤمنوا بموسى وعيسى عليهما السلام مع ما أتوا به من معجزات لعناد ألفته قلوبهم.

وبشكل عام فإن النبي، أي نبي كان، يأتي بالمعجزة بأمر الله وإذنه لا كما يشتهي الناس.

ويفيدنا هذا النص التالي:

  •  إن المتكبرين والمعاندين يتركون البراهين الساطعة ويطلبون ما تشتهيه نفوسهم.
  •  إن المهم هو قبول المعجزة.

ولنصغي إلى تلاوة الآيتين الرابعة والثلاثين والخامسة والثلاثين من سورة طه:

وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ ﴿١٣٤﴾

قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَىٰ ﴿١٣٥﴾

يشير هذا النص إلى ذريعة أخرى من ذرائع المشركين، إنه يوضح لنا لو أن الله عاقب الكفار في هذه الدنيا لقالوا لم يعاقبنا الله ولم يبعث فينا رسولاً، فلو بعث فينا رسولاً لكنا له من المصدقين.

على أن الله تعالى يعلم أن مثل هؤلاء لا يؤمنون وإنما بالذرائع والحجج يتذرعون، ولما بعث الله سيدنا محمد (ص) بالقرآن لم يؤمن به الكفار، بل تمادوا في غيهم يعمهون.

إن الله تعالى وإزاء هذه الفئة من الناس أمر رسوله (ص) أن يقول لهم إنا وإياكم لمن المنتظرين ليوم المعاد على أن في هذا النص المبارك أخبار بانتصار المسلمين على الكافرين.

والآن إلى الدروس المأخوذة من هذا النص:

  • إن على الرسل إتمام الحجة على الناس كي لا يتذرعوا من بعد ذلك بالذرائع الواهية هروباً من الإيمان الراسخ.
  •  إن الإسلام دين الإعتدال يدعو الناس إلى الصراط المستقيم.

هكذا حضرات المستمعين الأفاضل أنهينا بفضل الله ومنته وتوفيقه وتسديده تفسير سورة طه المباركة وجاء التفسير على مدى 24 حلقة.

نسأل الله تعالى القبول الحسن وأن يتفضل علينا بلطفه وكرمه إنه الكريم المنان، واعتباراً من الحلقة القادمة وبإذن الله سنبدأ تفسير سورة الأنبياء ولم يبق لنا إلا أن نودعكم ونقول لكم السلام عليكم والسلام خير ختام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة