بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه واشرف بريته سيدنا محمد واله الهداة المهديين لا سيما بقية الله في الأرضيين (عج).
السلام عليكم اخوة الأيمان في كل مكان واهلاً بكم في حلقة اخرى من هذا البرنامج
نواصل تفسيرنا الموجز لآيات اخرى من سورة يونس اذ يقول تعالى في الآيتين الرابعة والسبعين والخامسة والسبعين عن هذه السورة الشريفة:
ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ ۚ كَذَٰلِكَ نَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ ﴿٧٤﴾
ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ وَهَارُونَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ ﴿٧٥﴾
تشير هاتان الآيتان الى سنة الله في خلقه وحي بعث الرسل والأنبياء (ع) لهداية الناس الى نهج الحق.
ان كل الأنبياء (ع) قد جاءوا من عند الله بالمعجزات ومن هنا صدقهم الناس وآمنوا بهم وكان البعض يجحد دعوة السماء وان قبلها، اذ كان قبوله على اساس الفطرة وجاء جحوده عن لجاج وعناد وكما يتذكر المستمع الكريم فأنا كنا قد اشرنا في الحلقة الماضية الى قصة النبي نوح (ع) الذي انجاه الله تعالى والمؤمنين الذين كانوا معه في السفينة من الغرق بعد ان حل الطوفان بالكرة الأرضية.
وفي العصور التالية وبدوافع الفساد وخبث السريرة ودوافع اخرى كفر من الناس من كفر ولهدايتهم مرة اخرى بعث الله من لدنه انبياء آخرين مثل هود وابراهيم واسماعيل صالح ويعقوب ويوسف وغيرهم.
ان العناد والبحاج وكما مرت الأشارة حالا دون ايمان الكافرين والعودة الى سبيل الحق وطريق الرشاد.
وفي قصص الأنبياء (ع) تطالعنا قصة النبي موسى (ع) الذي بعثه الله تعالى واخاه هارون الى فرعون وملأه. بيد ان فرعون انكر نبوة هذين النبيين وعلا في الأرض واستكبر وكان من الخاسرين.
والذي نتعلمه هنا:
- ان الله تعالى يرسل الأنبياء (ع) لهداية البشرية، لكن الناس مختارون لدينهم وعقيدتهم. اذ لا اكراه في الدين .
- ان محاربة الطواغيت هي اولى اعمال الأنبياء (ع)
ويقول تعالى في الآيتين السادسة والسبعين والسابعة والسبعين من سورة يونس المباركة.
فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا إِنَّ هَـٰذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ ﴿٧٦﴾
قَالَ مُوسَىٰ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ ۖ أَسِحْرٌ هَـٰذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ ﴿٧٧﴾
ان من اساليب الكفار والطغاة في محاربة الأنبياء (ع) تكذيب رسالاتهم واتهامهم بتهم باطلة مثل الجنوب والسحر ومن اجل الوقوف امام خط الرسالة الزاهر كان يقال ان معاجز الأنبياء ماهي الاسحر وان الرسل سحرة وليس ما عندهم من عند الله العزيز الحكيم.
ويحدثنا تاريخ الأنبياء (ع) ان فرعون جمع موسى (ع) والسحرة في مجلس واحد ليوحم الناس ان معجزة موسى (ع) سحر ليس الا وعليه فهو ليس نبي من عند الله.
ان موسى (ع) مع هذا كله فرج منتصراً ذلك ان منطقه هو منطق الحق وانه من ربه على يقين ويفيدنا هذا النص الشريف مايلي:
- لابد ان يعرف القادة الربانيون ان من الناس من يعارض نهجهم الصائب ويبدي كلامهم الحق على انه باطل.
- ان الطغيان هوالذي يقود الى انكار الحق، وان الأنسان ليطغى ان رأه استغنى
- ان ادلة الأنبياء (ع) رصينة ومنطقهم سليم ولا سبيل لأنكارها الا الطغيان.
ولنصغي الآن الى تلاوة الآية الثامنة والسبعين من سورة يونس المباركة حيث يقول ربنا جل وعلا:
قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ ﴿٧٨﴾
ان الكثير من الناس ليسوا على استعداد للتنازل عن عقائد ابائهم واجدادهم وان منطقهم هكذا انا وجدنا اباءنا على ملة وانا على اثارهم مقتدون.
انه نوع من التقليد الاعمى حيث لا يسمح بتجاوزه او تخطيه وان كان خطأ وليس له من دليل وبرهان مبين.
ان هذا التقليد الأعمى ما هو الا عناد واصرار على الخطأ دون تقصي للحقيقة والصواب.
ان معارضي الرسل والأنبياء (ع) انما رفضوا دعوة الأيمان، اتباعاً منهم لسنن اباءهم واجدادهم في عبادة الأصنام وتقديس الأوثان فلما جاءهم الحق من الله تبارك وتعالى كفروا واصروا على كفرهم وشركهم وبقوا في غيهم يعمهون.
ويفيدنا هذا النص القرآني المبارك:
- ان التعصب والتقليد الأعمى للأباء والأجداد هو احد اهم اساليب معارضة رسالة الأنبياء الربانيين (ع)
- ان الحفاظ على تراث الماضين هو غير التعصب لهم.
- ان فرعون علا في الأرض واستكبر وطغى، وان بقيت اهرامات الفراعنة الى اليوم، فقد ساروا هم الى مزبلة التاريخ الذي لا يذكره الا بسوء على مر الزمان.
دمتم ودامت لكم الأيام مستمعينا الكرام والسلام خير ختام.