بسم الله والحمد لله الذي هدانا بأقرب الوسائل للفوز برضاه محمد مصطفاه وآله أبواب رحمته وهداه عليهم صلواته وتحياته وبركاته كلما داع دعاه.
السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في لقاء اليوم مع مدائح الأنوار الإلهية.
أيها الأفاضل، التوسل الى الله عزوجل بمحمد وآله الطاهرين – صلوات الله عليهم أجمعين – من صالحات الأعمال التي ندبت إليها كثير من النصوص الشريفة المروية في مصادر مختلف المذاهب الإسلامية، ولذلك إعتمد عليها علماء من مختلف هذه المذاهب.
والمديحة التي اخترناها لهذا اللقاء هي مصادق ذلك أنشأها أحد أعلام المذهب الحنفي في العراق في القرن الهجري الثالث عشر، إنه العالم الجليل السيد عبدالرحمن الآلوسي المتوفى في بغداد سنة ۱۲۸٤ للهجرة بعد عمر قضاه في الوعظ والتدريس في جامع الشيخ (صندل) بالكرخ من بغداد، وقد تلقى علومه في الفقه وتفسير القرآن من أخيه العالم والمفسر الحنفي الشهير السيد شهاب الدين محمود الآلوسي صاحب التفسير المعروف الموسوم باسم (روح المعاني).
وقد أنشأ – رحمة الله عليه – هذه المديحة الحسينية إثر أزمة حلت به وتوسل فيها الى الله عزوجل بأهل بيت النبوة – عليهم السلام – لكشفها كما صرح بذلك في أبياتها الختامية والقصيدة مؤثرة ندعوكم للإستماع إليها بعد قليل فابقوا معنا مشكورين.
قال الخطيب الحسيني التقي السيد جواد شبر – رضوان الله عليه – بعد ترجمته لحياة هذا العالم الحنفي في موسوعة أدب الطف:
جاء في مخطوطة بمكتبة الأوقاف العامة ببغداد، ما يلي: هذه الأبيات قالها الفقير الى الله السيد عبد الرحمن الآلوسي رثاءً في حق جده سيد الشهداء وذلك في عاشر محرم ۱۲۸۰ ه:
هو الطف فاجعل فضة الدمع عسجدا
وضـع لك فـولاذ الـغرام مـهـندا ،
ورد منهل الاحـزان صرفا وكررن
حـديثا لـجيران الـطفـوف مجـددا ،
وما القلب الا مضغة جـد بقـطعها
ودعـها فـداء السبط، روحي له الفدا،
أتـرضى حـياة بعد ما مات سيـد
غــدا جـده الـمختار للناس سيـدا ،
أترضى اكتحال الجفن بـعد مصابه
وجـفن التـقى والـدين قد بات أرمدا ،
خذ النوح في ذاك المصاب عـزيمة
الى الفوز واجعل صهوة الحزن مقعدا ،
بـكت رزءه الاملاك والافق شاهـد
ألـم تـره مـن دمـعـه قـد تورد
ثم يتوجد العالم المفسر والأديب الحنفي الأستاذ عبدالرحمان الألوسي لمخاطبة الإمام الحسين عليه السلام قائلاً:
فيا فـرقـدا ضـاء الوجوه بنوره
فما بـعده نـلقى ضيـاءا وفـرقدا ،
وريحانة طـاب الـوجود بنشرها
بها عبـثت أيـدي الـطغاء تعـمدا ،
ودرة عـلم قد أضاءت فأصبحت
تمانعـهـا الاوغـاد منعا مـجردا
بروحي منها منظرا بات في الثرى
ويا طال ما قد بات في حجر أحمدا ،
وثغـرا فم المختار مص رضابه
وهـذا يـزيد بـالقـضيب لـه غدا ،
ورأسا يـد الزهراء كانت وسادة
لـه فـغدا في الترب ظلما مـوسدا ،
لئن أفسدوا دنياك يا بـن مـحمد
سيعلم أهـل الظلـم منـزلهم غـدا
لئام أتـوا بالظلـم طبعـا وانـما
لـكـل امـرء من نـفسه ما تعودا ،
وحقك ما هـذا الـمصاب بضائر
لأن الورى والخـلق لم يخلقوا سدى ،
فألبسك الـرحمن ثـوب شهـادة
وألبسهم خـزيا يـدوم مـدى الـمدا ،
لبستم كساء المجـد وهـو اشارة
بأن لـكم مـجدا طـويلا مـخلـدا ،
وطـهركـم رب العلى في كتابه
وقـرر كـل الـمسلمـين وأشهـدا ،
أتنـكر هـذا يـا يزيد وليس ذا
بأول قـبح مـنك يـا غـادر بـدا
بني المصطفى عبد لكم وده صفا
فـأضحـى غـذاء للقلوب وموردا ،
غريب عـن الاوطان ناء فؤاده
تـضرم مـن نـار الاسى وتـوقدا ،
ألم به خطب من الدهـر مـظلم
تـحــمل مـن أكـداره وتـقلـدا ،
نضى سيفه في وجـهه متعمـدا
وجـرده عـن حـقـه فـتجـردا ،
بباكـم ألقى الـعصا وحريمكـم
أمـان اذا دهـر طـغـى وتـمردا
أتاكم صريخا من ذنوب تواترت
على ظـهره في اليوم مثنى ومفردا ،
أتاكـم ليستجدي الـنوال لأنكـم
كـرام نداكم يسـبق الـغيث والندا ،
أتاكم ليحمي من أذى الدهر نفسه
وأنتـم حـماة الجار ان طـارق بدا ،
أتـاكـم أتاكـم يا سلالـة حيدر
كسيـرا يـناديكم وقـد أعلن الـندا ،
حسين أقلني مـن زمان شرابـه
حـميم وغسلين اذا مـا صفا صـدا ،
على جـدك الـمختار صلى الهنا
وسـلم مـا حاد الى أرضـه حـدا
كانت هذه مستمعينا الأكارم مديحة إخترنا لها عنوان (فرقد المجد) وهي في مدح الإمام الحسين – عليه السلام – والتوسل به الى الله عزوجل أنشأها تلميذ وشقيق المفسر الحنفي الشهير محمود الآلوسي صاحب تفسير (روح المعاني)، الأستاذ السيد عبد الرحمن الآلوسي أحد أعلام علماء المذهب الحنفي في العراق في القرن الهجري الثالث عشر – رحمة الله عليه -.
وبهذا ننهي حلقة اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم وفي أمان الله.