بسم الله والحمد لله الذي جعلنا من أهل مودة سيد النبيين وعترته الأطيبين الأطهرين صلوات الله وبركاته وتحياته عليهم أجمعين.
سلام من الله عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة منه بركات.. أهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج.
أيها الأطائب إستلهام دروس النهضة والحرية والعدالة من سيرة أهل بيت الرحمة المحمدية – صلوات الله عليهم اجمعين – هو المحور الأساس الذي توجه إليه نظر الأديب المسيحي المبدع الأستاذ عبد المسيح الأنطاكي الحلبي في ملحمته الفريدة المسماة (بالملحمة العلوية الكبرى).
ويرجع ذلك الى كون الأستاذ الأنطاكي رحمه الله كان من رواد النهضة العربية في العصر الحديث وسعى لدعوة الأمة العربية خاصة الى استعادة دورها الريادي في العالم طوال عمره وحتى وفاته سنة ۱۹۲۳ ميلادية.
وقد اشتملت سيرته على تجارب غنية إذ انتهى به تطوافه بين مناهج التحرر والنهضة الى أن يستيقن من حقيقة أن النهضة التي كان ينشدها للأمة العربية لا يمكن أن تتحقق إلا باستلهام أصول النهضة من سيرة أهل البيت المحمدية – عليهم السلام – وكان ذلك دافعه الأساس لإنشاء تلك الملحمة التي قاربت أبياتها الستة آلاف بيت من الشعر العربي الملحمي الراقي.
فقد سعى وهو يؤرخ فيه سيرة الوصي المرتضى – عليه السلام – الى استلهام قيم النهضة الحقيقية من هذه السيرة باعتبارها سيرة قائد إلهي وهذا المحور صرح به الأديب الأنطاكي في مواقع عدة من ملحمته، نختار في هذا اللقاء منها بعض أبيات مقدمتها وخاتمها، تابعونا على بركة الله..
قال الأديب الأستاذ الأنطاكي في بدايات ملحمته وهو يتحدث عن أمة المحمديين:
هذي هي الأمَّة العليا الَّتي بزغت
أنوارُ أحمد من أقصى فيافيها
وخير هاشمَ بل خيرُ الخليقةِ أحــــــ
مدُ الَّذي شرَّف الدُّنيا وأهليها
وبعده المرتضى صنوُ النَّبيِّ رسو
لِ الله أفضل خلق الله تفقيها
وحسب أمَّتنا بالمصطفى وعلــــــــــــــــــــــــ
ي المرتضى أن تكاسي من يضاهيها
ونسبة المرتضى كالمصطفى وهما
في ذروة المجد في أعلى أعاليها
وإنَّها عِتْرةٌ ما فيْ الخلائقِ مَنْ
يدنُو لسؤْددِهَا أو مَنْ يُدَانيْهَا
قَدِ ابتدتْ بالأمينِ المُصطفى وعَلِــــــــ
يٌّ منهُ آخذُها إرثاً وجانيها
كلاهُما نَهلا من موردٍ عذبٍ
جرى بهِ منْ مياهِ المجدِ صافيْهَا
نَعَمْ أبُوْ طالبٍ ريَّى الرَّسول وحاجاتُ الرَّسولِ المُفدَّى كان قاضيْهَا
والمُصطفى كرَماً ربَّى الوصيَّ على
يديهِ تربيةً ما انفكَّ موفيْهَا
وكانَ للمُصطفى الهادِيْ البشيرِ أخاً
مُذْ أحكمتْ أُمَّةُ الهاديْ تآخيْهَا
كانَا كمُوسى وهارُونٍ لأُمَّتِنا
وإنَّما بهما الخلاَّقُ مُسمِيْهَا
وللرَّسولِ أحاديثٌ مثبَّتةٌ
عنْ فضلِ حيدرةٍ ما مانَ راويْهَا
وفيْ الكتابِ مثانٍ فيهِ قدْ نزلتْ
فشرَّفتهُ فقُلْ: سُبحانَ مُوحيْهَا
وتحت عنوان (مسك الختام) قال الأديب المسيحي الأنطاكي الحلبي وهو يختم ملحمته العلوية الكبرى مبيناً هدفه منها بقوله – رحمه الله -:
يا أمة المصطفى يا من أعيش لها
ولست أرغب إلا في تعاليها
إليك ملحمتي باسم المعز أمير العرب قد جليت غراً قوافيها
جمعت فيها حديثاً كله عبر
تفيد قارءها رشداً دراريها
مبيناً كيف قد نادى الرسول الى الهدى الخلائق عربيها وعجميها
وكيف قد ناوءت بالجهل دعوته
قريش وهو ابنها للخير داعيها
وكيف قد أعرضت عن نور شرعته
لما أضاء لتبقى في دياجيها
وكيف بالصبر قد داس المصاعب حتى الحق أزهق في الدنيا التراريها
وكيف كان جهاد المخلصين عظيماً في نتائجه البادي تجليها
وكيف كان علي خير صحب رسو
ل الله يلقى أعاديه ويفنيها
إن آثاره في الدين خالدة
على المدى خيب الباري مضيعيها
فمن تدبر حرمان الوصي حقو
قه التي الشرع راضيها وممضيها
وصبره وهو مظلوم على غير الإ
يام حتى غدا تالله معييها
وظل أصدق أهل الدين أجمعهم
سعياً لأمته يبغي ترقيها
هانت عليه حقوق منه ضائعة
بنفس حر تناهت في تفانيها
نعم فأسوتنا بالصبر حيدرة
وكل نفس به تلفي تأسيها
كذاك قد كان بالإقدام قدوتنا
على الصعاب فلم يرهب توليها
فلنتبع خطوات المرتضى لننا
ل المجد ما ناله إلا مخطيها
ويا بني العرب الأجواد زادكم
ربي بنهضتكم مجداً وتجويها
أردت خيركم في نظم ملحمتي
وها إخالكم تستنشدونيها
وبهذا ننهي أيها الأطائب حلقة اليوم من برنامجكم مدائح الأنوار وقد خصصناها لأبيات نهضوية من الملحمة العلوية الكبرى للأديب المسيحي النهضوي الأستاذ عبدالمسيح الإنطاكي الحلبي – رحمه الله -.
نشكركم على طيب المتابعة ولكم خالص الدعوات من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، دمتم بألف خير.