بسم الله وله خالص الحمد وجميل الثناء ذوالفضل والإنعام والجلال والإكرام الذي أكرمنا بمعرفة ومودة مشارق نور المبين محمد وآله الطاهرين صلواته وتحياته عليهم أجمعين.
السلام عليكم إخوتنا المستمعين، أهلاً بكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج أعددنا لها من ديوان مدائح الأنوار الإلهية مديحة إقتطف فيها منشؤها بعض سنابل الحكم العلوية الغراء من بيدر نهج البلاغة وصاغها بلغة الشعر الصادق.
وهذا الأديب المبدع يعبر عن نموذج لتأثر الوجدان الإنساني بالقيم الإلهي التي تجلت في شخصية الموحدين، فهو ليس من المسلمين بل ولد مسيحياً ونشأ على العقائد المسيحية، أنه الأستاذ الجامعي اللبناني والأديب المعاصر الأستاذ ريمون القسيس نقدم لما إخترناه من قصيدته العلوية قوله في جواب سؤال عرضه عليه الأخ الأديب حسين الطرفي وقد إلتقاه في الأهواز في زيارته الأولى لإيران لحضور أحد المهرجانات الأدبية ونشر هذا اللقاء على شبكة الإنترنت، الأخ حسين الطرفي سأل قائلاً: كيف بدأ الشاعر ريمون قسيس رحلته بكتابة الشعر وكيف تعرف على الإمام علي (ع)؟
فأجاب الأديب المسيحي اللبناني: القصيدة الأولى التي كتبتها تعود إلى السن الرابعة عشرة وعندما دخلت الثانوية سمعت عن الإمام علي (ع) وعن أخلاقه الحميدة فأحببت شخصية الإمام وإزداد حبي بالنسبة له عندما علمت أنه إبن عم النبي (ص) فالتجأت إلى قراءة نهج البلاغة لمعرفته أكثر وتوقفت عند بعض الخطب والحكم والرسائل فراحت تهز كياني وبدأت بنظم ملحمة (علي الفارس الفقيه الحكيم) وقسمتها إلى أحد عشر قسماً وسأقرأ لك من كل قسم بيتين فقط:
ثم نقل الأخ الأديب حسين الطرفي ما قرأه الأستاذ ريمون القسيس وهو مع حذف العنواين:
بذي الفقار الذي لولاك ما كانا
يا فارس الساح كم أرديت فرسانا
أين (إبن ود)؟ يصيح القفر مرتعدا
اصمى منيته كفرا وبهتانا
كما الشجاعة في جنبيك مورية
يوري بيانك أفكارا وأذهانا
بمرقم خاذم كالسيف مكتنز
فقها وعلما وحكما هلّ تهتانا
نحا (أبو أسود) لما استقام حجى
بعيد قولك نحوا في اللغى بانا
فكنت رائدة لما سلكت به
منهاج من ينتقي درا وعقيانا
ويتابع الأديب المسيحي إستلهاماته من خطب نهج البلاغة مشيراً إلى عناوينها قائلاً:
ما الخلق؟ ربي وهل ذا البدء في حير
لكم أراه فلم أحسبه حيرانا
حتى إذا شمته ريان منسكبا
أرضا كواكب أرواحاً وأبدانا
تشوقني الخطبة الغراء تلفحني
رياحها الهوج هل في الريح مثوانا
عبرت يا ليل جزت البون منكفئاً
إلى الغواية كم أغويت ربانا
وسرت حتى إذا الأشباح قد خطرت
في الكون شفاعة تجلي خفايانا
ما الله؟ ما قدرة أوفت على عدم
أضحى طريف وجود لاح ملآنا
وتلك غرارة قالت لخاطرة
وأيمن الله هل أكملت نقصانا
ورب قاصعة إبليس تلعنه
وأنت تعلم من سواه شيطانا
ينازع الله في عز وفي كبر
وليس يسجد حتى قيل ما لانا
وما التكاثر؟ ما ألهية ظفرت؟
وهل بمن سلفوا تجنى مزايانا
يا سورة نزلت كالقطر ماطرة
والريح تمحو صدى من بات نسيانا
وما أنا يا أميرالمؤمنين سوى
إمرئ يلذ له الترثاف إدمانا
وهل أنا بسوى الإدمان مكتنز
حلو الذخائر كم إزداد عرفانا
بالعلم بالوعي بالإرشاد نهضتنا
فلا كبوّ بنا لا جهل أغرانا
إن البناء بإيمان نشيّده
وحكمة تعتلي أساً وجدرانا
كانت هذه – أيها الإخوة والأخوات – مختارات من ملحمة (الإمام علي الفارس الفقيه الحكيم) للأديب اللبناني المعاصر الأستاذ ريمون القسيس قرأناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران ضمن برنامج (مدائح الأنوار)، طابت أوقاتكم بكل ما تحبون ودمتم في رعاية الله آمنين.