بسم الله وله جميل الحمد وكريم المن أن جعلنا من أهل مودة حبيبه المصطفى ووليه المرتضى وآلهما الطيبين الطاهرين صلوات الله وتحياته وبركاته عليهم أجمعين.
السلام عليكم أخواتنا واخوتنا المستمعين ورحمة الله. (الى أبي تراب) هو عنوان المديحة العلوية الغراء التي إخترناها لكم في هذا اللقاء وهي من إنشاء العالم الجليل والخطيب المفوه والأديب المبدع المرحوم الشيخ أحمد الوائلي رضوان الله عليه.
تتميزهذه المديحة_أيها الأعزاء_ بمميزات عدة في قوة مضامينها وجمال صورها الفنية منها، براعة منشئها _رحمه الله_ في بيان علل وحقيقة الغلو والتقصير في الإعتقاد بأمير المؤمنين _عليه السلام_ وعلل شدة مودة محبيه له وشدة عداء أعدائه له _عليه السلام_.
نقرأ لكم ما يتسع له وقت البرنامج من هذه المديحة الغراء بعد قليل، فتابعونا على بركة الله:
قال عميد المنبر الحسيني:
غالي يسارٌ واستخفّ يمين
بك يا لكهنك لايكاد يبين
تجفى وتعبد والضغائن تغتلي
والدهر يقسو تارةً ويلين
وتظلّ أنت كما عهدتك نغمة
للآن لم يرقى لها تلحين
فرأيت أن أرويك محض رواية
للناس لا صور ولا تلوين
فلا أنت أروع إذ تكون مجرداً
ولقد يضر برائع تثمين
إني أتيتك أجتليك وأبتغي
ورداً فعندك للعطاش معين
وأراك أكبر من حديث خلافة
يستامها مروان أو هارون
لك بالنفوس إمامةٌ فيهون لو
عصفت بك الشورى أو التعيين
فدع المعاول تزبئر قساوةً
وضراوةً إن البناء متين
أأبا تراب وللتراب تفاخر
إن كان من أمشاجه لك طين
والناس من هذا التراب وكلهم
في أصله حمأ به مسنون
لكن من هذا التراب حوافر
ومن التراب حواجبٌ وعيون
فإذا استطال بك التراب فعاذرٌ
فلأنت من هذا التراب جبين
ولئن رجعت إلى التراب فلم تمت
فالجذرليس يموت وهو دفين
لكنه ينمو ويفترع الثرى
وترف منه براعمٌ وغصون
بالأمس عدت وأنت أكبر ما احتوى
وعيٌ وأضخم ما تخال ظنون
فسألت ذهني عنك هل هو واهم
فيما روى أم أن ذاك يقين
وهل الذي ربى أبي ورضعت من
أمي بكل تراثها مأمون
أم أنه بعد المدى فتضخمت
صور وتخدع بالبعيد عيون
أم أن ذلك حاجة الدنيا إلى
متكامل يهفو له التكوين
فطلبت من ذهني يميط ستائراً
لعب الغلوّ بها أو التهوين
حتى أنتهى وعيي إليك مجرداً
ما قاده الموروث والمخزون
فإذا المبالغ في علاك مقصر
وإذا المبذر في ثناك ظنين
وإذا بك العملاق دون عيانه
ما قد روى التاريخ والتدوين
أأبا الحسين وتلك أروع كنيةٍ
وكلاكما بالرائعات قمين
آلاؤك البيضاء طوقت الدّنا
فلها على ذمم الزمان ديون
أفق من الأبكار كل نجومه
ما فيه حتى بالتصور عون
في الحرب أنت المستحم من الدّما
والسلم أنت التين والزيتون
والصبح أنت على منابر نغمة
والليل في المحراب أنت أنين
تكسوا وأنت قطيفةٌ مرقوعةٌ
وتموت من جوع وأنت بطين
وترق حتى قيل فيك دعابة
وتفح حتى يفزع التنين
خلق أقل نعوته وصفاته
أن الجلال بمثله مقرون
ويتابع المرحوم الوائلي مديحته العلوية بتصوير فني لحال محبي أميرالمؤمنين _عليه السلام_ وشانئيه، قال _رضوان الله عليه_:
ما عدت ألحو في هواك متيماً
وصفاتك البيضاء حورٌ عين
فبحيث تجتمع الورود فراشةٌ
وبحيث ليلى يوجد المجنون
وإذا سئلت العاشقين فعندهم
فيما رووه مبرر موزون
قسماً بسحر رؤاك وهي إليةٌ
ما مثلها فيما أخال يمين
لو رمت تحرق عاشقيك لما ارعووا
ولقد فعلت فما ارعوى المفتون
وعذرتهم فلدى محاريب الهوى
صرعى ودين مغلق ورهون
والعيش دون العشق أو لذع الهوى
عيش يليق بمثله التأبين
ولقد عشقتك واحتفت بك أضلعي
جمراً وتاه بجمره الكانون
وفداء جمرك إن نفسي عندها
توق إلى لذعاته وسكون
ورجعت أعذر شانئيك بفعلهم
فمتى التقى المذبوح والسكين
بدر وأحد والهراس وخيبر
والنهروان ومثلها صفين
حقد إلى حسد وخسة معدن
مطرت عليك وكلهن هتون
راموا بها أن يدفنوك فهالهم
أن عاد سعيهم هو المدفون
وتوهموا أن يغرقوك بشتمهم
أتخاف من غرق وأنت سفين
ستظل تحسبك الكواكب كوكباً
ويهزسمع الدهرمنك رنين
وتعيش من بعد الخلود دلالةً
في أن ما تهوى السماء يكون
نشكر لكم ايها الأخوة والأخوات طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامجكم(مدائح الأنوار) وقد قرأنا لكم فيها مديحة(الى أبي تراب) التي أنشأها في مدح الوصي المرتضى _عليه السلام_ عميد المنبرالحسيني الشيخ أحمد الوائلي _رضوان الله عليه_ من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. لكم خالص الدعوات ودمتم بكل خير.