بسم الله وله الحمد والمجد رب العالمين، وأزكى صلوات المصلين على أوليائه المقربين محمد وآله الطاهرين. السلام عليكم إخوتنا المستمعين، ثمة قضية مهمة كشفتها فاجعة كربلاء للعالمين وهي أن جناة هذه الفاجعة هم أعداء الله ورسوله ودين العدالة الإلهية الحقة. وهذا البعد في الملحمة الحسينية قد خلد كثيرٌ من شعراء الولاء ومنهم كافي الكفاة العالم الجليل والأديب الحكيم والوزير المدبر ابو القاسم إسماعيل الصاحب بن عباد الطالقاني، وهو من نوابغ الأمة الإسلامية ومن أبرز أعلام القرن الهجري الرابع وقد أسدى للأمة وللإسلام خدمات علمية أدبية أقر بأهميتها جميع من ترجمه ، نقرأ لكم في هذا اللقاء مختارات حسينية من ديوانه تتمحور حول المحور المشار إليه، فكونوا معنا مشكورين.
قال رضوان الله عليه بعد مقدمة عن جذور فاجعة كربلاء الفظيعة ومساعي أعداء الله:
نصبت حقودهم حروباً أدرجت
آل النّبي على الخطوب النزّل
حلّوا وقد عقدوا كما نكثوا وقد
عهدوا فقل في نكث باغٍ مبطل
دبّت عقاربهم لصنو نبيهم
فاغتاله أشقى الورى بتختّل
أجروا دماء أخي النبي محمدٍ
فلتجر غرب دموعها ولتهمل
ولتصدر اللعنات غير مزالةٍ
لعداه من ماضٍ ومن مستقبل
لم تشفهم من أحمدٍ أفعالهم
بوصيه الطهر الزكيّ ألمفضل
فتجرّدوا لبنيه ثمّ بناته
بعظائمٍ فاسمع حديث المقتل
منعوا حسين الماء وهو مجاهد
في كربلاء فنح كنوح المعول
منعوه أعذب منهلٍ وكذا غدا
يردون في النيران أوخم منهل
أيحزّ رأس ابن الرسول وفي الورى
حيّ أمام ركابه لم يقتل
تسبي بنات محمدٍ حتّى كأن
محمداً وافى بملّة هرقل
وبنو السفاح تحكموا في أهل حي
على الفلاح بفرصةٍ وتعجّل
نكت الدعي ابن البغيّ ضواحكاً
هي للنبي الخير خير مقبّل
تمضي بنو هندٍ سيوف الهند في
أوداج أولاد النبيّ وتعتلي
ناحت ملائكة السماء عليهم
وبكوا وقد سقّوا كؤوس الذّبل
فأرى البكاء مدى الزمان محلّلاً
والضحك بعد السبط غير محلل
قد قلت للأحزان دومي هكذا
وتنزّلي بالقلب لا تترحّلي
يا شيعة الهادين لا تتأسفي
وثقي بحبل الله لا تتعجّلي
فغداً ترون الناصبين ودارهم
قعر الجحيم من الطباق الأسفل
وتنعمون مع النبي وآله
في جنّة الفردوس أكرم موئل
هذي القلائد كالخرائد تجتلي
في وصف علياء النبيّ وفي علي
وقال الصاحب بن عباد رضوان الله عليه في قصيدة أخرى مشيراً الى آثار التفاعل الوجداني مع واقعة الطف الملحمية في تقوية روح الولاء لله وأوليائه عليهم السلام والبراءة من أعدائهم، قال:
لعنت أمية انّها
أهل الضلالة والإفاك
قد حاربت خير الورى
والدين مذ جحدوه شاكي
وتعمدوا قتل الحسينِ
فناظر الاسلام باكي
سبيت بنات محمّد
وستورها رهن انتهاك
يا ليتني في كربلاء
أنوح ان بكت البواكي
هذا ولو شاهدتها
لوهبت روحي للهلاك
يا أرضها أفدي ذراك
ومهجتي تفدي ثراك
من أين للدّنيا عشيرٌ
من سنائك أو سناك
فيك المساعي والمعالي
بأمتزاجٍ واشتباك
وفي قصيدة أخرى يشير الصاحب بن عباد الى ترسخ الإنحطاط المعنوي لدى ظالمي آل محمد صلى الله عليه وآله، فيقول:
يا كربلاء تحدثي ببلائنا
وبكربنا ان الحديث يعاد
أسدٌ نماه أحمدٌ ووصيه
أرداه وغدٌ قد نماه زياد
لا يشتفي الا بسبي بناته
وحداتها التخويف ولا يعاد
والدين يبكي والملائك تشتكي
والجوّ أكلف والسنون جماد
لا بأس انّ الله بالمرصاد والرجس
الزنيم إلى الجحيم يقاد
كانت هذه إخوتنا مستمعي إذاعة طهران مختارات حسينية من قصائد العالم الأديب والوزير الحكيم ابو القاسم إسماعيل الصاحب بن عباد من أعلام القرن الهجري الرابع. وقد قرأناها لكم ضمن حلقة اليوم من برنامج (مدائح الأنوار) نشكر لكم طيب الإصغاء وفي أمان الله.