بسم الله وله الحمد أن جعلنا من أهل مودة أحباءه وأصفياءه الدعاة الى قربه والادلاء على حبه، أحب خلق اليه المصطفى المختار وآله الاطهار صلوات الله عليهم آناء الليل والنهار. السلام عليكم اخوة الولاء، في يوم التروية الثامن من شهر ذي الحجة الحرام، وعندما كان الحجيج يستعدون لأداء مناسك الحج، جعل الامام الحسين عليه السلام عمرته مفردة بدل عمرة التمتع للحج، وغادر مكة البلد الحرام حفظاً لحرمة بيت الله اذ علم أن طاغية بني أمية قد بعث جلاوزته لقتله عليه السلام في البلد الحرام. غادر أبو عبدالله الحسين الكعبة الظاهرية حفظاً لحرمتها من الانتهاك اليزيدي وأعرض عن مناسك الحج في يوم بدئها، ولكنه توجه لأداء حج آخر الى لقاء الله عزوجل وليس الى كعبته المقدسة، فخلد نمطاً من الحج المعنوي كان موعده يوم عاشوراء. والابيات التي اخترناها لهذا اللقاء تصور مستمعينا الافاضل بعض جوانب هذا الحج الحسيني الأكبر الذي لبى سيد الشهداء عليه السلام وصحبه الاوفياء سلام الله عليهم نداء الله عزوجل للقائه، وقدموا هدياً هو أسمى من كل هدي قدم في منى القرابين. وقد اخترنا هذه الأبيات من قصيدة حسينية عزاء لأحد أدباء الولاء المعاصرين، تابعونا مشكورين.
قال اديبنا الولائي:
ما مثل عاشوراء يوم أتى
بما أتى من هديه الوهوب
يوم دعا الاله أحبابه
لمنتهى الفداء بالنجيب
لأكرم الهدي بكرب البلا
مبلغاً لغرة الحبيب
فأختاره الحسين لبى الندا
مبادراً بركبه المهيب
تسابقوا كلاً لأزكى الفدا
كلّ غدا (الحسين) من قريب
وزينب تثير ايثارهم
تورثهم شجاعة الحريب
ونخوةً من حيدرٍ للعطا
بمنتهى التضحية الغلوب
وتكمل الحوراء من بعدهم
ما بدأ الحسين في الحروب
تستكمل الفداء في أسرها
جلالةً بصيرها العجيب
تذيب في السبي عروش الدجى
بآهها وعزها المذيب
تؤم من صلى على حسينٍ
مسلماً بالآه والنحيب
مستمعينا الافاضل لقد وصفت النصوص الشريفة الامام الحسين عليه السلام بأنه (ثار الله وابن ثاره) والثار لغة يعني الدم وفي ذلك اشارة الى قدسية الدم الحسيني وأن الله عزوجل هو الآخذ بثأر الحسين. ومن هذا المضمون ينطلق أديبنا الولائي في المقطع اللاحق من قصيدته الحسينية وهو يبدأ بخطاب لسيد الشهداء عليه السلام مصوراً ينابيع هذا الدم الالهي المقدس حيث يقول:
يا مهجة الله دماه التي
تفجرت من غصنك الرطيب
من نحرك المفري من قفاه
من ثغرك الملثوم بالقضيب
من جبهة الحوراء في محملٍ
آهاته كالحمم الشبوب
من عنق السجاد غارت به
جامعة كخنجر ذريب
ومن متون يتمٍ أدميت
بسوط بغي ٍجلفٍ قطوب
ومن خدود اللاطمات أسى
في دهشةٍ عن غضبه الرقيب
من عين سقاء الوفا اذ سقت
شفاه سهم للدما شروب
من مفرق الاكبر ممزوجة
بفلذةٍ كبسمة المشيب
من هامة القاسم اذ خضبت
وانشق بدر الحسن المهيب
فأنشقّت الاقمار مكلومةً
وهلهلت في عرسه العجيب
ويواصل أديبنا الولائي تصويره لعيون أو الينابيع التي تفجرت منها الدماء الالهية المقدسة لتحي العوالم ومن فيها فقال:
ومن وريد الطفل حيّى السما
ببسمةٍ من ثغره الخضيب
ومن حنايا مسلماً اذ هوى
مسلّماً عليك بالوجيب
ومن جسومٍ طيبها عابق
لفتيةٍ براعمٍ وشيب
لخير أنصار فدوا طوعةً
حسينهم بأنفس رغوب
لواهم الوفاء مستوثق
بكف قربان الوفا حبيب
ومن عيون ندبٍ وردهم
حبيبي الحسين ياحبيبي
انتهى اخوتنا مستمعي اذاعة طهران الوقت المخصص لهذا اللقاء من برنامج (مدائح الانوار)، تقبل الله أعمالكم والسلام عليكم.