البث المباشر

قصيدة للشريف الرضي في الرثاء الحسيني

الإثنين 9 ديسمبر 2019 - 10:06 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مدائح الانوار: الحلقة 298

بسم الله وله جميل الحمد والثناء على جميع صنعه وحسن إختياره لعباده، والصلاة والسلام على مصابيح هداه وخزائن عطاه محمد المصطفى وآله النجبا. السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات، في أحاديث شريفة عدة صحت طرق روايتها في مصادر الفريقين، تصريحات من النبي الأكرم صلى الله عليه وآله أن الشجرة الملعونة المذكورة في القرآن الكريم هم طواغيت بني أمية وأن من أفظع ما سيرتكبونه مجزرة كربلاء وظلمهم الفظييع لآل الرسول صلى الله عليهم أجمعين. وهذا المعنى تجسده بأجمل البيان وأبلغه القصيدة التي إخترنا لكم في هذا اللقاء تلاوة شطر منها وهي من إنشاء الشريف الرضي أبي الحسن محمد بن أبي الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم ابن الإمام أبي إبراهيم موسى الكاظم عليه السلام. وسيدنا الشريف الرضي هو مفخرة من مفاخر العترة الطاهرة، وإمام من أئمة العلم والحديث والأدب، وبطل من أبطال الدين والعلم والمذهب، هو أول في كل ما ورثه سلفه الطاهر من علم متدفق، ونفسيات زاكية، وأنظار ثاقبة وإباء وشمم، وأدب بارع، وحسب نقي، ونسب نبوي، وشرف علوي، ومجد فاطمي، وسؤدد كاظمي، إلى فضائل قد تدفق سيلها الأتي، وإنّ في البيان قصورا عن بلوغ مداه وللوصف انحسارا عن استكناه حقيقته، وإن دون ما تحلى به من مناقبه الجمة، كل ما سردوه في المعاجم من ثناء وإطراء مثل فهرست النجاشي، يتيمة الدهر للثعالبي والأنساب للمجدي، تاريخ بغداد كامل ابن الأثير، معالم العلماء وتاريخ ابن خلكان المنتظم لابن الجوزي وغيرها. ولد الشريف الرضي ببغداد سنة ۳٥۹ بإطباق من المؤرخين ونشأ بها وتوفي بها يوم الأحد في السادس من المحرم سنة ٤۰٦ كما في معجم النجاشي وتاريخ بغداد للخطيب وعمدة الطالب والخلاصة، وغيرها.
قال رضوان الله عليه في قصيدته الغراء التي نظمها في شهر محرم الحرام في رثاء سيد الشهداء عليه السلام:

هذي المنازل بالغميم فنادها

واسكب سخيَّ العين بعد جمادها

إن كان دينٌ للمعالم فاقضه

أو مهجةٌ عند الطلول ففادها

هل تطلبون من النواظر بعدكم

شيئاً سوى عبراتها وسهادها

لم يبق دخرٌ للمدامع عنكم

كلاّ ولا عينٌ جرى لرقادها

شغل الدموع عن الديار بكاؤنا

لبكاء فاطمة على أولادها

لم يخلفونها في الشهيد وقد رأى

دفع الفرات يذاذ عن أورادها

كانت مآتمُ بالعراق تعُدُّها

أمويةٌ بالشام من أعيادها

ما راقبت غضب النبيّ وقد غدا

زرعُ النبيّ مظنّةً لحصادها

باعت بصائر دينها بضلالها

وشرت معاطب غيها برشادها

جعلت رسول الله من خصمائها

فلبئس ما ذخرت ليوم معادها

نسلُ النبيّ على صعاب مطيها

ودمُ النبيّ على رؤوس صعادها

زعمت بأنَّ الدينَ سوَّع قتلها

أو ليس هذا الدينُ عن أجدادها

طلبت تراث الجاهلية عندها

وشفت قديم الغلّ من أحقادها

واستأثرت بالأمرعن غيابها

وقضت بما شاءت على شهّادها

الله سابقكم إلى أرواحها

وكسبتم الآثام في أجسادها

إن قوّضت تلك القباب فإنّما

خرّت عمادُ الدين قبل عمادها

إنّ الخلافة أصبحت مزوية

عن شعبها ببياضها وسوادها

طمست منابرها علوج أميّةٍ

تنزو ذئابهمُ على أعوادها

هي صفوة اللهِ الّتي أوحى لها

وقضى أوامره إلى أمجادها

أخذت بأطراف الفخار فعاذرٌ

أن يصبحُ الثقلان من حسّادها

الزهد والأحلامُ في فتّاكها

والفتك لولا اللهُ في زهّادها

غصبٌ يقمَّط بالنجاد وليدها

ومهودُ صبيتها ظهورجيادها

تروي مناقب فضلها أعداؤها

أبداً وتسنده إلى أضدادها

يا غيرةَ الله اغضبي لنبيه

وتزحزحي بالبيض عن أغمادها

من عصبةٍ ضاعت دماء محمّدٍ

وبنيه بين يزيدها وزيادها

صفداتُ مالِ اللهِ ملءُ أكفُّها

وأكفُّ آل اللهِ في أصفادها

ضربوا بسيف محمّدٍ أبناءهُ

ضرب الغرائب عدن بعد ذيادها

قف بي ولو لوث الإزار فإنّما

هي مهجةٌ علق الجوى بفؤادها

بالطفّ حيثُ غدا مراقُ دمائها

ومناخُ أينقها ليوم جلادها

القفر من أرواقها والطيرُ من

طرّاقها والوحشُ من عوّادها

تجري لها حبب الدموع وإنّما

حبُّ القلوب يكنُّ من أمدادها

يا يوم عاشوراء كم لك لوعةً

تتفجّع الأحشاءُ من إيقادها

ما عدتَ إلاّ عاد قلبي غلّةٌ

حرّى ولو بالغت في إبرادها

مثلُ السليم مضيضةٌ آناؤهُ

خُزرُ العيون تعودهُ بعدادها

يا جدُّ لا زالت كتائبُ حسرةٍ

تغشى الضمير بكرّها وطرادها

أبداً عليك وأدمعٌ مسفوحةٌ

إن لم يراوحها البكاء يغادها

هذا الثناءُ وما بلغتُ وإنّما

هي حلبةٌ خلعوا عذار جوادها

أأقول جادكم الربيعُ وأنتم

في كلِّ منزلةٍ ربيعُ بلادها

أم أستزيدُ لكم علاً بمدائحي

أين الجبال من الربى ووهادها

كيف الثناء على النجوم إذا سمت

فوق العيون إلى مدى أبعادها

أغنى طلوع الشمس عن أوصافها

نجلالها وضيائها وبعادها


إنتهى إخوتنا مستمعي إذاعة طهران لقاءُ اليوم من برنامج (مدائح الأنوار)، قرأنا لكم فيه إحدى غرر المدائح والمراثي الحسينية أنشأها السيد الموسوي الجليل العلامة الأديب الشريف الرضي رضوان الله عليه، تقبلوا منا خالص الدعوات والسلام عليكم ورحمة الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة