بسم الله وله الحمد على أن أظهر على لسان أعدائِهِ مناقب أوليائِهِ الطاهرين محمد وآله الطيبين صلواته عليهم أجمعين السلام عليكم إخوة الإيمان. نطلاقاً من المقولة المشهورة (الفضل ما شهدت به الأعداء)، نخصص هذه الحلقة من البرنامج لأشعارفي مدح أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام أنشأها أحد أعدائِهِ الالدّاء هو الدعي الماكر عمرو بن العاص، فنبدأ أولاً بما قاله المؤرخون في ترجمته حيث قالوا: هو عمرو بن العاص بن وائل القرشي، داهية من دهاة العرب وشاعر وخطيب، منه ابتداء الفتنة وصدورها واليه انتهاؤها وورودها، أبوه هو الأبتر بنص التنزيل: "إن شانئك هو الأبتر" كما هو عن ابن سعد في طبقاته، وابن قتيبة في معارفه، وابن عساكر في تاريخه. وذهب التابعي الكبير سليم الهلالي إلى أن عمرو بن العاص نفسه هو الأبتر المقصود بالآيةِ المباركة، لما كان عليه من بغض وشنآن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ويؤيد هذا المذهب ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في أبيات له، أولها:
إن يقرنوا وصيه والأبترا
ساني الرسول واللعين الأخزرا
وكان معدودا من الأدعياء في الجاهلية كما هو عن الكلبي (ت ۲۰٦ هـ) في كتابه: (مثالب العرب). مات في ليلة الفطر عام ٤۳هـ/ ٦٦۳م عن تسع وتسعين سنة.
وبعد هذه الترجمة لشانيء رسول الله المصطفى ووصيه المرتضى عليهما وآلهما السلام، ننقل لكم مقطوعتين من أشعاره التي قالها في مدح عدوه ولي الله وأمير المؤمنين عليه السلام. المقطوعة الأولى هي من قصيدة أنشأها وبعثها لحليفه معاوية يحذره من الغدر به ويذكره بالخدمات التي قدمها له والمكائد التي أعانه بها للإستحواذ على حكم المسلمين، وكان معاوية قد أراد الغدر به وعدم إعطائه بعض الإمتيازات المادية التي وعده بها إثر تسلطه على رقاب المسلمين، فعمد في هذه القصيدة الى توبيخ معاوية وذكر فضائل الإمام علي عليه السلام، مذكراً بأنه باع دينه وخذل ولي الله الوصي المرتضى من أجل دنيا معاوية كي يحصل على ما يحقق أهوائه، قال ابن العاص:
معاوية الحال لا تجهل
وعن سبل الحق لا تعدل
نسيت احتيالي في جلق
على أهلها يوم لبس الحلي؟
حتى يقول:
وكم قد سمعنا من المصطفى
وصايا مخصصة في علي؟
وفي يوم (خم) رقى منبرا
يبلغ والركب لم يرحل
وفي كفه كفه معلنا
ينادي بأمر العزيز العلي
ألست بكم منكم في النفوس
بأولى؟ فقالوا: بلى فافعلِ
فأنحله إمرة المؤمنين
من الله مستخلف المنحل
وقال: فمن كنت مولى له
فهذا له اليوم نعم الولي
فوال مواليه يا ذا الجلال
وعاد معادي أخي المرسل
فبخبخ شيخك لما رأى
عرى عقد حيدر لم تحلل
فقال: وليكم فاحفظوه
فمدخله فيكم مدخلي
وإنا وما كان من فعلنا
لفي النار في الدرك الأسفل
وإن عليا غدا خصمنا
ويعتز بالله والمرسل
أما في المقطوعة الثانية فهي من قصيدة لابن العاص وفيها يرد على معاوية حينما ذكره بما كان منه، يوم كشف عن سوأته لينجو من الإمام علي عليه السلام، قال يمدح خصمه المرتضى ويمدح حليفه الطاغية معاوية:
معاوي لا تشمت بفارسٍ بُهمْةٍ
لقي فارسا لا تعتريه الفوارسُ
معاوي إن أبصرت في الخيل مقبلا
أبا حسن يهوي دهتك الوساوس
وأيقنت أن الموت حق وأنه
لنفسك إن لم تمض في الركض حابس
فإنك لو لاقيته كنت بومة
أتيح لها صقر من الجو رايس
وماذا بقاء القوم بعد اختباطه
وإن إمرأ يلقى عليا لآيس
وتشمت بي إن نالني حدّ رمحه
وعضضني ناب من الحرب ناهس
أبى الله إلا أنه ليث غابة
أبو أشبل تُهدى إليه الفرايس
وأي امريء لاقاه لم يلف شلوه
بمعترك تسفي عليه الروامس
ايها الأخوة والأخوات كانت هذه اشعار في مدح الوصى المرتضى عليه السلام من إنشاء خصمه الماكر عمرو بن العاص قرأناها عليكم من باب (الفضل ما شهدت به الاعداء)، وبهذا ينتهي لقاؤنا بكم في هذه الحلقة من برنامج مدائح الأنوار إستمعتم لها من إذاعة طهران نودعكم شاكرين ودمتم بكل خير.