بسم الله وله خالص المجد والحمد أن منّ علينا بمعرفة أبواب رحمته ومعادن حكمته وأمان خلقه وسفن نجاته الحبيب المصطفي وآله أئمة الهدي صلوات الله عليهم أجمعين.
نقرأ لكم في هذا اللقاء مديحة من مدائح الأنوار المحمدية فيها إستجارة إيمانية بباب الحوائج مولانا الامام موسي بن جعفر الكاظم (عليه السلام).
القصيدة من إنشاء الأديب الاستاذ عبد الغفار بن عبد الواحد المعروف بالاخرس، وليد مدينة الموصل والناشئ في مدينة بغداد والمتوفي في مدينة البصرة سنة تسعين ومئتين بعد الالف للهجرة (رحمة الله عليه).
وقد أنشأ هذه القصيدة بمناسبة أهداء بعض ستائر قبر النبي الاكرم (صلي الله عليه وآله) لمشهد الجوادين (عليهما السلام) في مدينة الكاظمية وقد قرأها عند وصول هذه الستائر المباركة الي المشهد الكاظمي وفيها إشارات لطيفة لوثاقة الارتباط بين النبوة والامامة. قال الاستاذ عبد الغفار الأخرس مخاطباً مولانا الإمام الكاظم (عليه السلام):
يا إمام الهدي ويا صفوة الله
ويا من هدي هداه العبادا
يا ابن بنت الرسول يا ابن علي
حيّ هذا النادي وهذا المنادي
قد أتينا بثوب جدّك نسعي
وأتيناك سيّدي وفادا
فأتيناك راجلين احتراماً
واحتشاماً وهيبة وانقيادا
نتهادي به إليك جميعاً
وبه كانت المطايا تهادي
راميات سهم النوي عن قسيّ
قاطعات دكادكاً ووهادا
طالبات موسي بن جعفر فيه
وكذا القدوة الإمام الجوادا
من نبيّ قد شرّف العرش لمّا
أن ترقي بالله سبعاً شدادا
شرف في ثياب قبر نبيّ
عطّرت في ورودها بغدادا
ومزايا الفخار أورثتموها
شرف الجد يورث الأولادا
أنتم علّة الوجود وفيكم
قد عرفنا التكوين والإيجادا
ما ركنتم إلي نفائس دنيا
ولقد كنتم بها أفرادا
وانتقلتم منها وأنتم أناس
ما اتخذتم إلّا رضا الله زادا
ولقد قمتم الليالي قياماً
واكتحلتم من القيام السهادا
إن يكونوا كما أذاعوا فمن ذا
مهّد الأرض سطوة والبلادا
ومحا الشرك بالمواضي غزاة
وسطا سطوة الأسوة جهادا
ويشير الأديب عبد الغفار الأخرس هنا، الي ما قام به أئمة العترة المحمدية (عليهم السلام) من تدعيم أسس الشريعة الإلهية الخاتمة رغم ما كابدوا من أذي أعدائهم لكنهم تحملوه إبتغاءً لرضا الله عزوجل. قال رحمه الله:
حيث إنّ الإله يرضي بهذا
بل بهذا من القديم أرادا
فجزيتم عن أجركم بنعيم
تتوالي الأرواح والأجسادا
وابتغيتم رضا الإله ولا زلتم
بعزّ يصاحب الآبادا
أنتم يا بني البتول أناس
قد صعدتم بالفجر سبعاً شدادا
آل بيت النبيّ والسادة الطهر
رجال لم يبرحوا أمجادا
فضلوا بالفضائل الخلق طراً
مثلما تفضل الظبا الأغمادا
ليس يحصي عليهم المدح منّي
ولو أنّ البحار صارت مدادا
أنتم الذخر يوم حشر ونشر
ومعاذاً إذا رأينا المعادا
ويتوجه الأستاذ عبد الغفار الأخرس في خطابه للإمام الكاظم (عليه السلام) مستجيراً بهداه حيث يقول (رحمه الله):
كاظم الغيظ سالم الصدر عاف
وما هوي قطّ صدره الأحقادا
قد وقفنا لدي علاك وألقينا
إلي بابك الرفيع القيادا
مع أنّ الذنوب قد أوثقتنا
نرتجي الوعد نختشي الإبعادا
ومددنا إليك أيدي محتاج
يرجّي بفضلك الإمدادا
وبكينا من الخشوع بدمع
هو طوراً وطوراً فرادي
قد وفدنا آل النبيّ عليكم
زوّدونا من رفدكم إرفادا
بسواد الذنوب جئنا لنمحو
ببياض الغفران هذا السوادا
وطلبنا عفو المهيمن عنّا
وأغظنا الأعداء والإلحادا
ويجيل الأديب عبد الغفار الأخرس بصره في المشهد الكاظمي قائلاً:
موطن تنزل الملائك فيه
ومقام يسرّ هذا الفؤادا
أيّها الطاهر الزكيّ أغثنا
وأنلنا الإسعاف والإسعادا
وعليّ أباك يا ابن علي
كي ينال المني بكم والمرادا
مستزيداً بفضلك حيث كنتم
منهلاً ما استزيد الّا وزادا
فعليك السلام يا خيرة الخلق
سلام يبقي ويأبي النفادا
كانت هذه مديحة لمولانا الإمام باب الحوائج موسي الكاظم (عليه السلام) من إنشاء الأديب عبد الغفار الأخرس (رحمه الله).