بسم الله وله الحمد حمد الشاكرين له على عظيم المصاب والصلاة والسلام على سادة الشهداء المصطفى محمد وآله الأطياب.
من القضايا المهمة التي تناولها الشعر الحسيني وصف الشجاعة الفريدة التي جلاها سيد الشهداء (عليه السلام) وانصاره الابرار في يوم كربلاء
الصور الملحمية لهذه الشجاعة الأبية النابعة من نفوسٍ مطمئنة جذبت قرائح الشعراء اليها فطفقوا يصورونها ببلاغة منشؤها قوة هذه الصور.
ومن القصائد التي ابدعت في وصف هذه الشجاعة، القصيدة التي اخترناها لهذا اللقاء من برنامج مدائح الانوار، وهي من انشاء العالم الاديب الشيخ التقي محمد السماوي مؤلف الكتاب التحقيقي القيّم عن انصار الحسين، والمتوفي سنة سبعين بعد الثلاثمائة والالف للهجرة (رضوان الله عليه). قال الشيخ السماوي:
كم طلعة لكَ يا هلال محرّمِ
قد غيّبت وجه ا لسرور بمأتمِ
ما انت الا القوس في كبِد السما
ترمي قلوب المسلمين بأسهُمِ
ذكرتهم يوم الطفوفٍ وما نسوا
لكنْ تَجدّدَ ذكرهُ المتصـّرمِ
يومٌ به زحف الضلال على الهدى
وبه تميز جاحدٌ من مسلمِ
ونَحَتْ بها عزم ابن حيدر فاستوى
منها يلف مؤخّراً بمقدمِ
سدّت بها صدر الفضا فأزالها
منه بصاعقة الحسام المخذّمِ
وأغاضت الماء الفرات بوردها
فأفاضها بندى يديه وبالدمِ
ويُصوّر الاديب الشيخ محمد السماوي بفنية ٍ بالغةٍ تجليّات الشجاعة الحيدرية المفعمة بروح الفتوّة التي اظهرها الحسين بن علي (عليه السلام) يوم كربلاء. قال رحمه الله:
خَلَطَ السّماحةَ بالحماسةِ فالنّدى
ينهلّ من سحب الردى المتحتمِ
يثني الحديد بقوة ٍ من بأسه
ويردّ كلّ محددٍ ومُقَوّمِ
كم من خميسٍ جال في اوساطِهِ
فدحاهٌ ملقىً لليدينِ وللفمِ
قصّ الجناح له وانشب قلبهُ
بمخالب البازيّْ وظِفرِ الضيغمِ
تتقصّفُ الاصلابُ في يوم الوغى
ما ان يقول انا الحسين وينتمي
وتهافتِ الارواحِ مثل فَراشها
دفعا ببارق سيفه المتضرّمِ
أترى اميةَ يوم قادرت جيشها
ظنتهُ يعطيها يد المستسلمِ
هيهات ما أنف لأبيِّ بضارعٍ
للحادثات من الخطوب الهُجّمِ
وبعد هذه الأشارة للإباء الحسيني يواصل الشيخ محمد السماوي مديحته متطرقا الى وصف تجليات الشجاعة الحيدرية في انصار الحسينيين، قال (قدس سره):
فقضى بحكم حسامه اجسادها
لإوابدٍ ونفوسها لجهنّمِ
في فتيةٍ يتلونه فكأنّهُ
من بينهم قمرٌ يحُفُّ بأنجمِ
يتهللون اذا تشاجرت القنا
والليث يأنس باصطكاك المأجمِ
واذا تناكصت العدى وصلوا الظبا
يوم النزال بساعدٍ وبمعصَمِ
دلفوا على تلك الجموع وغيرهم
من لم يسر قدما بيوم تكرم
وتقدموا نحو المنون وارخصوا
منهم نفوسا قطُّ لم تتقوّمِ
فقضوا على شاطي الفرات براحة
تندي وقلب من مذاقته ظمي
من كل جسمٍ بالحسامِ موزّع
عن كل صدرٍ بالسهامِ مُسهّمِ
وقعوا فما مس الثرى جسداً لهم
مما عليه من القنا المتحطمِ
وتقسموا بضعاً فضلَّ عميدهُم
يرنو بطرفٍ بينهم مُتَقًسّمِ
وأصات عن قلبٍ تفطّرَ بالظما
وفمٍ تلبّدَ بالعجاج الأقتمِ
فكأنَّ نفخَ الصّور جاء وعيدهُ
او قد اُحيطوا بالقضاءِ المبرم
ان يدعُهُ الباري فكم لبّاه في
كرم واعقبهُ بشخصٍ اكرَمِ
فثوى على حرّ البسيطة باسطاً
كفـّيهِ بين عدىً وبينَ مُخيّمِ
تتحاذر الاعداء وثبتهُ وقد
علموا بصرعته حذار توهمِ
كانت هذه مديحة حسينية غراء للعالم الاديب الشيخ محمد السماوي قدس سره الشريف.