بسم الله نور الأنوار وله الثناء والمجد الواحد القهار والصلاة والسلام علي سيد الابرار الهادي المختار وآله الأطهار.
نلتقيكم في لقاء آخر مع مدائح الانوار الإلهية إخترنا لكم فيه ثلاث مقطوعات في مودة العترة المحمدية الطاهرة لثلاثة من أعلام الأدباء والعلماء.
الأول: هو متنبي الأندلس وأشعر شعراء المغاربة كما وصفه المؤرخون محمد بن هاني الأزدي الأندلسي المتوفي رحمه الله سنة إثنتين وستين بعد الثلاثمائة.
والثاني: شاعر عصره ابو الفتح محمد بن عبيد الله البغدادي الملقب بسبط ابن التعاويذي المتولي للكتابه في ديوان المقاطعات والمتوفي سنة ثلاث وثمانين بعد الخمسمائة للهجرة رحمة الله عليه.
أما الثالث: فهو العلامة الجليل علم الهدي الشريف المرتضي علي بن الحسين الموسوي المتوفي سنة ست وثلاثين بعد الأربعمائة للهجرة المباركة في مدينة الكاظمية وله فيها مرقد ومزار يؤمه المؤمنون بالقرب من المشهد الكاظمي المبارك (رضوان الله عليه).
نبدأ أعزاءنا بهذه الأبيات لابن هاني الإندلسي يخاطب فيها أهل بيت النبوة (عليهم السلام) مشيراً الي أخلاقهم الإلهية قائلاً:

سبقتم الي المجد القديم بأسره

وبؤتم بعاديّ علي الدّهر أقدم

إذا ما بناء شاده الله وحده

تهدّمت الدّنيا ولم يتهدم

تمدّون من أيد تغيّم بالنّدي

إذا ما سماء القوم لم تتغيم

ألا إنّكم مزن من العرف فائض

يردّ إلي بحر من القدس مفعم

بكم عزّ ما بين البقيع ويثرب

ونسِّك ما بين الحطيم وزمزم

فلا برحت تتري عليكم من الوري

صلاة مصلٍّ أو سلام مسلّم

لئن كان لي عن ودّكم متأخّر

فما لي في التوحيد من متقدّم

مدحتكم علماً بما أنا قائلٌ

إذا كان غيري زاعماً كلًّ مزعم

لكم جامع النّطق المفرّق في الوري

فمن بين مشروحٍ وآخر مبهم

كانت هذه أبياتاً بليغة لأشعر شعراء المغاربة ابن هاني الأندلسي من قصيدة في مدح العترة النبوية الطاهرة، ومنه ننقلكم الي ابيات لسبط ابن التعاويذي نختار من قصيدته الإحتجاجية المحكمة التي يخاطب فيها أعداء آل محمد (صلي الله عليه وآله) قائلاً:

وفي صفّين عاندتم أباه

وأعرضتم عن الحقّ الجليّ

وخادعتم إمامكم خداعا

أتيتم فيه بالأمر الفريّ

إماماً كان ينصف في القضايا

ويأخذ للضعيف من القويّ

فأنكرتم حديث الشمس ردّت

له وطويتم خبر الطوي

فجوزيتم لبغضكم عليّاً

عذاب الخلد في الدرك القصيّ

سأهدي للأئمة من سلامي

وغرّ مدائحي أزكي هديّ

سلاماً أتبع الوسميّ منه

علي تلك المشاهد بالولي

وأكسو عاتق الأيام منه

حبائر كالرداء العبقري

حساناً لا أريد بهنّ إلّا

مساءة كلّ باغٍ خارجيّ

يضيع لها إذا نشرت أريج

كنشر لطائم المسك الذكيّ

كأنفاس النسيم سري بليل

يهزّ ذوائب الورد الجنيّ

لطيبة والبقيع وكربلاء

وسامرّي وفيدٍ والغريّ

وزوراء العراق وأرض طوس

سقاها الغيث من بلدٍ قصيّ

فحيّا الله من وارته تلك

القباب البيض من خير نقيّ

وأسبل صوب رحمته دراكاً

عليها بالغدوّ وبالعشي

فدخري للمعاد ولاء قومٍ

بهم عرف السعيد من الشقيّ

كفاني علمهم أنّي معادٍ

عدوّهم موالٍ للولي

ومن هذه الأبيات الولائية لابي الفتح سبط ابن التعاويذي نعود الي القرن الهجري الخامس ومع أديب فقهاء عصره علم الهدي الشريف المرتضي (رضوان الله عليه) الذي يذكر مودة آل محمد (صلي الله عليه وآله) فيقول:

لأنتم آل خير الناس كلّهم

المنهل العذب والمستورد الغدق

وليس لله دين غير حبّكم

ولا إليه سواكم وحدكم طرق

وإن يكن من رسول الله غيركم

سوي الوجود فأنتم عنده الحدق

رزقتم الشرف الأعلي وقومكم

فيهم غضاب عليكم كيف ما رزقوا

وأنتم في شديدات الوري عصر

وفي سواد الديّاجي أنتم الفلق

ما للرّسول سوي أولادكم ولد

ولا لنشر له إلّا بكم عبق

فأنتم في قلوب الناس كلّهم

السّمت نقصده والحبل نعتلق

هل يستوي عند ذي عين ربي وربي

أو الصّباح علي الأوتاد والغسق

ودّي عليه مقيم لا براح له

من الزّمان ورهني عندكم علق

وثقت منكم بأن تستوهبوا زللي

عند الحساب وحسبي من به أثق

وبمشاعر المودة القرآنية الصادقة للعترة المحمدية الطاهرة التي تضمنتها أبيات الشريف المرتضي.