بسم الله نور السماوات والارضين وله الحمد منير العوالم أجمعين والصلاة والسلام على نوره المبين محمد وآله الطاهرين.
نجد في كثير من الاحاديث الشريفة المروية في كتب مختلف الفرق الاسلامية أبناءات من الصادق الامين المصطفى (صلى الله عليه وآله) بأن حكمة الله في تدبير شؤون خلقه وهدايتهم قد شاءت أن يجعل من مراقد النبي وآله (عليهم السلام) مالم تهدي اليهم واليه جل جلاله ومحال لنزول البركات الربانية والفيوضات الرحمانية.
وهذه الظاهرة المباركة قد إستأثرت بأهتمام أدباء الولاء فعبروا عنها في مدائحهم للانوار المحمدية..
وقد أخترنا لكم في هذه الحلقة أبياتاً من إحدى غرر هذا النمط من المدائح وهي لأشعر شعراء الاسلام وأشدهم إباءً، عميد أدباء الولاء السيد محمد بن الحسين الموسوي الملقب بالشريف الرضي مؤلف المجازات النبوية وجامع ومرتب نهج البلاغة المتوفى سنة ست بعد الاربعمائة للهجرة. قال الشريف الرضي (رضوان الله عليه):
سقى الله المدينة من محل ٍ
لُباب الماء والنُطف العذاب
وجاد على البقيع وساكنيه
رخيُّ الذيل ملآن الوطاب
وأعلام الغري وما إستبانت
معالمها من الحسب اللباب
وقبرا ً بالطفوف يضم شلواً
قضى ظمأ إلى برد الشراب
وسامرّا وبغداداً وطوساً
هطول الودق منحرق العُباب
قُبور تنطف العبرات فيها
كما نطف الصبير على الروابي
فلو بخل السحاب على ثراها
لذابت فوقها قطعُ السراب
سقاك فكم ظمئت إليك شوقاً
على عدواء داري واقترابي
ونجد الشريف الرضي يستمطر في أبيات أخرى دموع الشوق للمشاهد المشرفة وأصحابها من قلوب المؤمنين حيث يقول في أبيات أخرى:
صلاة الله تخفق كل يوم
على تلك المعالم والقباب
وإني لا أزال أكرُّ عزمي
وإن قلت مساعدة الصحاب
وأخترق الرياح إلى نسيم ٍ
تطلع من تُراب أبي تُراب ِ
بودي أن تطاوعني الليالي
وينشب في المنى ظفري ونابي
لعلي أن أ ُبل بكم غليلاً
تغلغل بين قلبي والحجاب ِ
فما لقياكم إلا دليلٌ
على كنز الغنيمة والثواب
ولي قبران بالزوراء أشفي
بقربهما نزاعي واكتئابي
أقود إليهما نفسي وأهدي
سلاما ً لا يحيد عن الجواب
لقاؤهما يُطهر من جناني
ويدرأ عن ردائي كل عاب
قسيم النار جدّي يوم يُلقى
به باب النجاة من العذاب
وساقي الخلق والمهجات حرّى
وفاتحة الصراط إلى الحساب
ومن سمحت بخاتمه يمينٌ
تضنُّ بكل عالية الكعاب
أما في باب خيبر معجزاتٌ
تُصدّق أو مناجاة الحباب ِ
أرادت كيده والله يأبى
فجاء النصر من قبل الغراب
أهذا البدر يُكسف بالدياجي
وهذي الشمس تطمس بالضباب
وكان إذا استطال عليه جان
يرى ترك العقاب من العقاب
بكم في الشعر فخري لا بشعري
وعنكم طال باعي في الخطاب
أجلُّ عن القبائح غير أني
لكم أرمتي وأُرمى بالسباب
فأجهرُ بالولاء ولا أورّي
وأنطق بالبراء ولا أحابي
ومن أولى بكم مني ولياً
وفي أيديكم طرف انتسابي
مُحبّكم ولو بَغِضَت حياتي
وزائركم ولو عُقرت ركابي
نشكر لكم جميل نشكر لكم جميل صغائكم الافاضل لهذه الابيات البديعة في مدائح الانوار من قصيدة عصماء لنقيب أدباء الولاء السيد الشريف الرضي (رضوان الله عليه).