بسم الله والحمد لله الذي جعلنا من المتقربين إليه بمودة وولاية أحب خلقه إليه المصطفى الأمين وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين. السلام عليكم أحباءنا المستمعين، لاشك أن معرفة الله عزوجل هي المحور الأساسي الذي تقوم عليه حركة الإنسان نحو الوصول الى التكامل الذي قدّره الله عزوجل له والى السعادة التي دعاه لها، لكن الله تبارك هو الغيب المطلق الذي لايمكن معرفته إلا بواسطة رؤية آياته في الآفاق والأنفس. و أكبر هذه الآيات وأعظمها هم محمد وآله الطاهرون عليه وعليهم السلام فهو أكمل الخلائق وأقربهم الى الله عزوجل ولذلك لا يمكن معرفة الله عزوجل بالصورة المطلوبة إلا بمعرفتهم، من هنا كانت معرفتهم وموالاتهم واتباعهم من أعظم النعم الإلهية.
ايها الاخوة والأخوات الحقيقة المعرفية المتقدمة هي نستفيدها من النص التالي الذي إخترناه لهذه الحلقة من برنامج (من فيض أهل المعرفة) وهو من كلام العلامة المتبحر في أحاديث أهل بيت النبوة عليهم السلام الشيخ محمد بن ابراهيم النعماني تلميذ ثقة الإسلام الكليني وأحد أعلام علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام في القرن الهجري الرابع، قال رضوان الله عليه في مقدمة كتابه (الغيبة): "الحمد لله الذي من علينا بمحمد صلى الله عليه وآله سبق بريته إلى الإقرار بربوبيته، وهو خاتم أصفيائه وأحب أحبائه إليه، وأكرم أنبيائه عليه، وأعلاهم رتبة لديه، وأخصهم منزلة منه، أعطاه جميع ما أعطاهم، وزاده أضعافا على ما أتاهم، وأحله المنزلة التي أظهر بها فضله عليهم، فصيره إماما لهم، إذ صلى في سمائه بجماعتهم، وشرف مقامه على كافتهم، وأعطاه الشفاعة دونهم، ورفعه مستسيرا إلى علو ملكوته حتى كلمه في محل جبروته بحيث جاز مراتب الملائكة المقربين، ومقامات الكروبيين والحافين وأنزل عليه كتابا جعله مهيمنا على كتبه المتقدمة، ومشتملا على ما حوته من العلوم الجمة وفاضلا عليها بأن جعله كما قال تعالى :(تبيانا لكل شيء) لم يفرط فيه من شيء، فهدانا الله عزوجل بمحمد (صلى الله عليه وآله) من الضلالة والعمى، وأنقذنا به من الجهالة والردى، وأغنانا به وبما جاء به من الكتاب المبين، وما أكمله لنا من الدين، ودلنا عليه من ولاية الأئمة الطاهرين الهادين أغنانا عن الآراء والاجتهاد، ووفقنا به وبهم إلى سبيل الرشاد" .
مستمعينا الأفاضل : إذن فمن عرف محمداً صلى الله عليه وآله إستغنى بمعرفته عن الحاجة لغيره صلى الله عليه وآله لمعرفة الله والتقرب إليه وصولاً الى الكمال والسعادة الحقيقية. ومعرفة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله لاتتحقق بغير معرفة أهل بيته الذين إذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ولذلك هدانا صلى الله عليه وآله إليهم وأوصانا بمودتهم وولايتهم لأن الطريق الى معرفته وإتباعه وبالتالي الى معرفة الله والتقرب منه عزوجل، من هنا نلاحظ العلامة النعماني يتابع كلامه في مقدمة كتاب الغيبة قائلاً بعد ذكر الرسول الأكرم: "صلى الله عليه وعلى أخيه أمير المؤمنين تاليه في الفضل، ومؤازره في اللأواء وسيف الله على أهل الكفر والجهل، ويده المبسوطة بالإحسان والعدل، والسالك نهجه في كل حال، والزائل مع الحق حيث مازال، والخازن علمه، والمستودع سره، الظاهر على مكنون أمره، وعلى الأئمة من آله الطاهرين، الأخيار الطيبين الأبرار. معادن الرحمة، ومحل النعمة، وبدور الظلام، ونور الأنام، وبحور العلم، وباب السلام الذي ندب الله عزوجل خلقه إلى دخوله، وحذرهم النكوب عن سبيله حيث قال : (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين)، أفضل صلواته وأشرفها، وأزكاها وأنماها، وأتمها وأعلاها وأسناها، وسلم تسليما كثيرا كما هو أهله وكما محمد وآله عليهم السلام أهله منه" .
مستمعينا الأفاضل ويختم العلامة النعماني كلامه ببيان أهمية إتباع الإمامة في السير والسلوك الى الله عزوجل حيث قال رضوان الله عليه: "الإمامة هي التي جعلها الله برحمته دين الحق، ولسان الصدق، وزينا لمن دخل فيها، ونجاة وجمالا لمن كان من أهلها، وفاز بذمتها، وتمسك بعقدتها، ووفى لها بشروطها، من المواظبة على الصلوات، وإيتاء الزكوات، والمسابقة إلى الخيرات، واجتناب الفواحش والمنكرات، والتنزه عن سائر المحظورات، ومراقبة الله تقدس ذكره في الملأ والخلوات وتشغيل القلوب وإتعاب الأنفس والأبدان في حيازة القربات".
تقبل الله منكم إخوتنا مستمعي إذاعة طهران حسن الإستماع لهذه الحلقة من برنامج (من فيض أهل المعرفة). دمتم في رعاية الله والسلام عليكم.