نص الحديث
قال الامام علي عليه السلام: "كنا اذا احمر البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه واله وسلم".
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يجسد صورة رمزية ترتبط بساحات القتال التي كان الامام (ع) مع رسول الله (ص) يخوضان الحروب الاسلامية، ويعنينا من الحديث المتقدم الرمز القائل (احمر البأس) حيث ان المعنين بالشأن البلاغي قدموا تحليلات متنوعة حيال ذلك. وها نحن نتقدم بتحليل ذلك فنقول:
ان عبارة (احمر البأس) تحمل رمزين هما: (احمر) و(البأس)، فماذا نستلهم منهما منفرداً ومزدوجاً او مركباً؟ بالنسبة الى (البأس) فان اللغة تشير الى جملة دلالات منها: الشجاعة، والقوة، والاشتداد، واما الاحمرار فتعني: بروز اللون الاحمر، والان مع ملاحظتنا لدلالتيهما لغوياً، ماذا نستلهم منهما بلاغياً؟.
بالنسبة الى (الاحمرار) او (الاحمر) بمعنى: صار احمر، فان الرمز المذكور يفرض دلالته بوضوح، فالساحة هي ساحة حرب. ومع ان (النار) بصفته سلاحاً، لم يعرف استخدامه حينئذ بقدر ما ينسحب في ازمتنا الحديثة، الا ان النار نفسها رمز لشدة القتال وهو ما رمزت له النصوص الادبية قديماً وحديثاً، والمهم الان هو: استخدام الامام علي (ع) لهذا الرمز من خلال ربطه بالنبي (ص) وهو ما يكثف اهمية الدلالة الرمزية التي استخدمها الامام عليه السلام، كيف ذلك؟.
ان اللون (الاحمر) يرتبط بالنار وبالدم، لو اتسقنا مع (النار) وحدها، فان تأجيج ساحة القتال كافية لانارة الرمز المذكور، فاذا أخذنا كلمة (البأس) بمعنى: الاشتداد او القوة، حينئذ يتجلى الرمز بأوضح دلالته التي تعني: ان قوة القتال او كثرة جيش العدو اذا اخذت مأخذها: اتقينا برسول الله (ص) حيث يشجعنا او يدعو لنا او يشاركنا، كذلك: ثمة استخلاص آخر هو: حماسة الحرب ذاتها بغض النظر عن سلاح العدو، اي: الحماسة العقائدية التي تدفعنا الى ساحة القتال تكثف من خلال اتقائنا برسول الله (ص )، والمهم في الحالتين، يظل النبي (ص) رمزاً للنصرة على العدو، وبهذا نتبين هدفا مزدوجاً من الحديث المتقدم هو: شخصية محمد (ص) ومن ثم شخصية الامام علي (ع) وهذا هو اهم ما يرشح به الرمز المركب المذكور.
ختاماً: نسأله تعالى ان يوفقنا الى ان نقتدي بالنبي (ص) وبالامام علي (ع) ومن ثم ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، انه سميع مجيب.