نص الحديث
قال الامام علي عليه السلام: "الأخذ على العدو بالفضل: أحد الظفرين"
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يجسد صورة رمزية، حيث يخلع على ما هو معنوي طابعاً معنوياً ايضاً ولكن من خلال تحويله الى رمز:كما سنوضح ذلك بعد قليل.
ولكن تعنينا اولاً دلالة الحديث حيث يقرر بأن الشخصية اذا مارست الفضل على عدوها، تكون بذلك قد حققت النصر، اي: بما ان محاربة العدو تهدف الى الانتصار عليه: عسكرياً، كذلك فان محاربة العدو معنوياً (ولكن ليس من خلال الصراع: كما هو طابع الحرب) بل من خلال (المسالمة) وهي ان تتفضل عليه بما هو احسان، وحينئذ تكون قد حققت النصر على عدوك الا وهو: السكوت والكف عنك، لان الاحسان بعامة يغير اعماق العدو ويتحول الى صديق، او لا اقل يكف عن محاربتك – وهذا هو النصر... والسؤال الآن هو: كيف عبرّ الامام _عليه السَّلام_ عن الحقيقة المذكورة بلاغياً ؟ هذا ما نبدأ بتوضيحه الآن.
لاحظنا ان الامام علياً _عليه السَّلام_ ذكر بان تفضلك على عدوك يعتبر احد الظفرين او الانتصارين، بصفة ان الانتصار المعهود هو: النصر العسكري... واما الانتصار الثاني فهو: النصر المعنوي...
كيف ذلك ؟
ان مجرد جعل الامام عليه السَّلام (التفضل على العدو) احد الظفرين يعتبر صياغة فنية قد تكون رمزاً او استعارة أو تمثيلاً، ان النصر او الظفر يقترن في التجربة البشرية: ظفراً عسكرياً على العدو... والآن اذا كان الهدف هو النصر: حينئذ ما المانع من تحقيق النصر ولكن من خلال سلوك آخر غير الحرب العسكرية !! من هنا يصوغ الامام (عليه السَّلام) عبارة بلاغية تجعل النصر او الظفر نمطين، احدهما صراعي أو سلوك قتالي بالسلاح والاخر ليس قتالاً من نحو الحرب النفسية بل هو الاحسان الى العدو اي على عكس ما هو مألوف من الصراع بين طرفين متقابلين، انه: المسأله والحب والاحسان والبر الخ ….الى عدوك، وبذلك تكون قد كسبته مادامت القلوب، كما ورد عن الامام الباقر _عليه السَّلام_، "تألف من يحسن اليها " ... وهكذا يكون الامام _عليه السَّلام_ قد رسم لنا صورة فنية بالنحو الذي اوضحناه.
بلاغة الحديث
ختاماً: نسأله تعالى ان يجعلنا ممن يتعامل مع الآخر بما هو احسان ونحوه، وان يوفقنا بعامة الى ممارسة وظيفتنا العبادية ألا وهي الطاعة، انه سميع مجيب.