نص الحديث
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الطاعة قرَّة العين
دلالة الحديث
من الواضح، ان الحديث المتقدم يستهدف الاشارة الي أهمية الطاعة لله تعالي من حيث انعكاساتها علي الشخصية المطيعة، حيث ان الطائع او المطيع او الملتزم بمبادئ الله تعالي، يظل اخروياً من الفائزين برضاه تعالي، وبالجنة، كما انه دنيوياً يحقق توازن الشخصية اي عدم تمزقها او قلقها أو توترها.
طبيعياً ثمة فارق بين شدائد الحياة التي يواجهها المؤمن، وبين انعكاساتها علي شخصيته المتوازنة حيث لا يجزع البتة بل يتحمل الشدائد ويفلسفها ومن ثم يأخذ توازنه حيالها لأنه يعرف بوضوح ان وراء العسر يسراً، فضلاً عن ان رضاه تعالي من خلال تحمل الشخصية للشدائد، يهب الشخصية اماناً وطمأنينة، وهذا هو السعادة بدورها.
بلاغة الحديث
والآن بعد ان اوضحنا دلالة الحديث، اي كون الطاعة تسّبب توازن الشخصية واسعادها اخروياً، نتجه الي البعد البلاغي المتجسد في عبارة النبّي (صلى الله عليه وآله) وهو، "الطاعة، قرَّة العين"، وهي صورة يمكن تسميتها بالصورة الرمزية، كما يمكن تسميتها بالصورة التضمينية، اما انها رمزية فلأن عبارة (قرَّة العين) ترمز الي سرور الانسان: كما سنوضح. وأما انها تضمينية فلأنها عبارة مشهورة تستخدم في مناسبات كثيرة، ولذلك فإن مجيئها في سياق الطاعة يهبها بعداً جديداً من الدلالة.
ان (قرَّة العين) تعني: التعبير عن سعادة الانسان وسرورة من حيث طاعته لله تعالي.
والنكتة البلاغية هي ان (قرَّة العين) اصلها (برودة العين) مقابل سخونتها، كما انها تعني جفاف دمع العين، ثم رؤية ما يتشوق اليه الانسان وهذه الدلالات المستخلصة من العين القارّة، تعني ان المطيع لله تعالي - كما سبقت الاشارة في مقدمة الحديث الي ذلك - يظل محظياً بما يسعد ويسّر ويفرح بما لا حدّ له من ذلك في الدنيا وفي الآخرة.
اخيراً، لا تغفل نكتة بلاغية جديدة، هي ان قرَّة العين تستخدم في تهنئة من يرزق ولداً، او مطلق ما يحصل عليه الانسان من المسرات، ولذلك فإن استخدامها في سياق الطاعة، يظل من التوظيف البلاغي المدهش.