نص الحديث
قال الامام علي (عليه السلام): من الحمق: الأتكال علي الأمل.
دلالة الحديث
النص المتقدم يجسد وثيقة نفسية او تقريراً عبادياً طالما يشير اليه علماء النفس في تشجيعهم لمختلف الامراض، وفي مقدمتها: احلام اليقظة او في صورتها غير الحادة ونعني بها: صياغة الأمل دون أن يتسم بالواقعية او لا اقل صعوبة تحقيق ذلك.
وفي الحالات جميعاً فان الارتكان علي الاحلام او الامال او التطلعات التي لا تتناسب مع بنية الشخصية أو امكاناتها المحدودة، حينئذ فان الظاهرة تشير الي عرض نفسي قد يكون خفيفاً او متوسطاً او حاداً، لذلك نجد ان الامام علياً (عليه السلام) قد اختصر الموقف وقدم لنا تقريراً عبادياً )ونقصد بذلك: العبادة النفسية)، ينسحب علي المستويات جميعاً، الا وهو ان صاحب الامل يتسم بالحماقة، والحماقة قد تكون عرضاً بسيطاً هو: عدم اعمال العقل بالنحو المطلوب، او متوسطاً او شديداً يصل الي حد الاضطراب العقلي.
وفي الحالات جميعاً، فان الاعتماد علي الأمل يظل سمة شاذة، وذلك لان الامل مالم يقترن بامكان تحققه يعني: نسج الاخيلة والاوهام وهو - اي النسج الوهمي والخيالي - سمة العصابيين والذهانيين: كما هو واضح.
بلاغة الحديث
التوكل او الاتكال في دلالته اللغوية يعني: ان توكل الشخصية أمورها الي جهة غير ذاتها: كمن يتكل علي الناس مثلاً في تدبير اموره، ان التوكل بمعناه العبادي يتحقق في حالة واحدة هي التوكل علي الله تعالي فحسب وما عدا ذلك، فان من الغباء وضعف الوعي ان تعتقد الشخصية بان التوكل علي غير الله تعالي، هو الصائب وخارجاً عن دلالة الاتكال علي الله تعالي، يصبح الاتكال سلوكاً مخطئاً او مرضياً، وهذا ماعناه الامام علي (عليه السلام) حينما خلع علي الاتكال بالنسبة الي الامال طابع الحمق، وجعل العبارة المذكورة بمثابة صورة استعارية تخلع علي ما هو وهم او تخبل او حلم يقظة او نحو ذلك طابع التوكل، اي: الثقة بالشيء مع انه وهم لا امكانية لتحقيقه، ومن هنا نلاحظ جمالية الصورة من خلال صياغتها استعارة من جانب، وجعلها ومن ظاهرة الاتكال علي الامل: حمقا من جانب آخر.
اذن الركون الي الامل او حلم اليقظة تظل من الزاوية النفسية اشباعاً مرضياً علي الاحباط الذي يصيب الشخصية، وهذا ما أوضحه الامام (عليه السلام) من خلال مالاحظناه، سائلين الله تعالي ان يعصمنا من ذلك، وان يجعل توكلنا عليه، وان يوفقنا الي طاعته، انه سميع مجيب.