نص الحديث
قال الإمام علي (عليه السلام): الهوي: شريك العمي.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يجسّد ما يطلق عليه بـ (الصورة التمثيلية) او (التعريضية) التي تعني: ان احد طرفيها يعرف الأخر كما هو طابع الصورة المذكورة حيث عرّفت (الهوي) بانه (شريك العمي) والمهم هو: ان نحدثك اولاً عن دلالتها، وثانياً عن بلاغتها. اذن ماذا تعني دلالياً؟
الصورة او النص يتحدث عن (هوي النفس) اي: الرغبة الحادة أو المعتدلة أو الخفيفة حيال شيء ما، وهو قد يكون له صلة بأحد الروائع المشروعة كالطعام والجنس، أو غير المشروعة: كالبحث عن الجاه او البحث عن الاطعمة والممارسات المحرمّة.
بلاغة الحديث
والمهم هو: ان تميز بين الرغبة المشروعة وبين غير المشروعة، الحديث يتناول ما هو غير مشروع، ومثاله - كما قلنا - النهم في الطعام او الجنس الي درجة غير طبيعية، فضلاً عن الرغبة غير المشروعة في الجنس أو الطعام او الشراب أو الموقع.
وهذه المستويات من الرغبة الجامحة تظل مقرونة بما هو مرضي من السلوك، أي: ان الشخصية المستوية لا يطبعها الهوي بل يطبع الشخصيات العصبانية والذهانية. هذا من جانب، ومن جانب آخر فان (الهوي) يتخير بكونه اندفاعاً عاطفياً شاذاً لا ينظر فيه الشخص الي عواقب هواه الذي قد يرديه اساساً، وقد يعرّضه الي خسار الشخصية دنيوياً وأخروياً، من هنا شبّه الحديث الهوي بانه (شريك العمي) ليدلّل بلاغياً علي هذه الظاهرة، وهي ما نبدأ فنحدثك عن بلاغة الحديث المتقدم.
لقد قرن الحديث بين (العمي) وهو عدم البصر للأشياء وبين الهوي وهو عدم التفكير بعواقب الشيء، حيث ان الاندفاع لتحقيق الرغبة يجعل الشخصية عمياء لا تنظر الي عواقب سلوكها المندفع.
اذن العمي في البصر يتامل العمي في البصيرة، وهو مقارنة عميقة وحافلة بطرافة الدلالة بالنحو الذي اوضحناه.