نص الحديث
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): ان العبد لينال بحسن خلقه درجة الصائم القائم.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم، يتحدث عن حسن الخلق، مع ملاحظة ان المبادئ الاسلامية في التعامل الاجتماعي، تظل من الالحاح الي درجة انها تزاحم الممارسة الشعائرية من صلاة وصيام ونحوهما، وهي مبادئ طالما حاول علم النفس الأرضي ان يرشد اليها في العبادات النفسية لمعالجة السلوك وجعله تتسما بما هو (سويّ)، ولكن دون ان ينجح في ذلك بسبب بعده عن السماءه وعدم امتلاكه لا عبادي التي رسمها التوصيات الاسلامية، وفي مقدمتها وحسن الخلق، اي: جعل الشخصية هينة لينّة تهشّ وتبشّ وتبتسم وتصفح وتنجز حاجات الآخرين.
المهم الحديث اعلاه يشير ان هذا النمط من التعامل الاجتماعي مع الآخرين، وهو (حسن الخلق)، يتماثل في الثواب المترتب عليه مع الشخصيات العبادية التي تصرف عمرها في قيام الليل وصوم النهار، وهو تشبه عمليّ يحسن بنا ان نسلط الاضاء ت عليه.
ان التشبيه، اي: مقارنة شيء بآخر، اما ان يكون عمليا او تخيليا، فالتخيلي هو: انك تشبّه درجة الشخصية ذات الخلق الحسن بالشخصية الصائمة القائمة، اما التشبيه العملي فلا تشبيه فيه بل هو: مماثلة بين الشيء ومثيله، الا وهو (حسن الخلق) و(صيام النهار وقيام الليل)، ولذلك عبّر الحديث عن هذا التشبيه العملي بعبارة (درجة) اي: ان درجة الشخصية الأخلاقية هي درجة الصائم القائم وليست شبيهة بها: كما هو واضح.
بلاغة الحديث
نخلص مما تقدم، بان النكتة البلاغية في هذا النور المبعث من احاديث المعصومية عليهم السلام هي: ان بلاغة المعصومين عليهم السلام لا تختلف عن العصمة العامة التي تغلف شخصياتهم، اي: كما انهم معصومين من الذنب، ومن الخطأ مطلقاً، كذلك معصومين في كلماتهم الفنية، لذلك، فان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما قارن بين الشخصية الحسنة في اخلاقها وبين الصائمة القائمة انما ساوي بينهما من حيث الدرجة دون ان يبالغ او ينتقص من احد طرفي التشبيه، وهذا هو العصمة البلاغية بالنحو الذي اوضحناه.