نص الحديث
قال الامام الباقر (عليه السلام): لا تطلب الرئاسة، ولا تكن ذنباً.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم ينطوي على دلالات في غاية الاهمية من حيث الصحة النفسية وانعكاساتها على السلوك، ان هذا الحديث يظل تقريراً عبادياً، اي: وثيقة في علم النفس السويّ والمرضي، بحيث يكشف عن الجذور النفسية لمن يطلب العلوّ او الرئاسة لقوم او ادارة او مؤسسة، دون ان تكون له مؤهلات ذلك، او دون ان يقترن ذلك بسبب موضوعي.
والسؤال الآن هو: ما هي الدلالات النفسية لمن يطلب الرئاسة او عكس ذلك لمن لديه استعداد لان يكون ذنباً؟
ان طلب الرئاسة اوالعلو ويقابله العكس وهو: التبعية او الذيل او الذنب اي الخنوع والخضوع للغير.
ان هذين السلوكين وان كانا متضادين، الا انهما ينبعان من جذر واحد هو: الاحساس بالنقص، كيف ذلك؟
الباحث عن الرئاسة يحس الذلة والدونية والنقص في شخصيته، فيعوض ذلك بسلوك هو: العلوّ على الآخر وكذلك الخانع او الذنب او التابع، يحس بدوره هواناً ودونية وضعة، فينصاع الى الآخر، ويتلذذ بخنوعه وتبعيته.
من هنا، فان الامام الباقر (عليه السلام)، امرنا بالا نطلب الرئاسة، وغي نفس الوقت الا نكون خانعين، او أمعة او ذيولاً يستخدمنا الآخرون.
ولعل هذه الظاهرة تتوهج دلالتها اكثر، حينما نلاحظ الصياغة البلاغية لها.
بلاغة الحديث
ان بلاغة هذا الحديث تتمثل في الصورة الاستعارية او الرمزية التي انتخبها الامام (عليه السلام)، وهي: انه (عليه السلام) رمز لمن يتحسس بالدونية او العدوان بـ (الذيل)، حيث ان الذيل او الذنب هو: العضو التابع لجسم الحيوان فهو من جانب تعبير عن الهوان والدونية في شخصية التابع للغير، بصفة ان احساسه بالضعة يدفعه ـ كما اوضحنا ـ الى ان يتلذذ بخنوعه للغير، وهو مالا يتناسب مع عز المؤمن، حيث ورد ان المؤمن يفوض اليه كل شيء الا اذلال نفسه.