نص الحديث
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): العدة: دين.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم لرسول الله (صلى اله عليه وآله)، يعرض لمفهوم او ظاهرة (الوعد) والالتزام به، حيث يصفه بانه (دين)، والدين كما هو واضح في تكليفه الشرعي ـ ينبغي ان يلتزم الدائن بأدائه، والنبي (صلى الله عليه وآله) نفسه ـ كما ورد في سيرته ـ انه (صلى الله عليه وآله) واعد احد الاشخاص في الحضور في مكان معين، وقد حضر فعلاً في المكان الذي وعد به وكان الوقت صيفاً، والشمس تغمر المكان، فشوهد في الشمس من قبل البعض، وقيل له في ذلك بان ينتقل من الشمس الى الظل، فقال: واعدته في هذا المكان، وهذا يعني ان النبي (صلى الله عليه وآله) قد التزم حتى في المكان وليس الزمان وحده ومما يلفت النظر ان القرآن الكريم وصف احد انبيائه وهو: اسماعيل عليه السلام بعبارة: «وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ»، وهذه السمة تكشف لنا مدى اهمية الالتزام بها مادام القرآن الكريم قد رسمها لأحد انبيائه، حيث ان السمات الاخرى مثل (الشكر) الذي وصف به نوحاً (عليه السلام)، والصبر الذي وصف به (ايوب) عليه السلام، وهكذا سائر ما وسم به الانبياء الآخرين، هذه جميعاً تكشف لنا اهمية ما وصف به الله تعالى اسماعيل بصدق الوعد وهو ظاهرة يتعين علينا ان نعني بها في سلوكنا.
بلاغة الحديث
واذا اتجهنا الى الحديث المذكوروهو(نور) في دلالته الى بلاغة الحديث ايضاً، نجد ان هذا الحديث قد اعتمد عنصر(الصورة الفنية) متمثلة في ما نطلق عليه مصطلح (الصورة التمثيلية)، اي: الصورة التي يتركب طرفاها من ظاهرتين تجسد احداهما معنى الآخر،وهذا ما نلاحظه في صورة (العدة: دين) حيث خلع النبي (صلى الله عليه وآله) طابع (الدين) ـ وهو سمة اقتصادية ـ على الوعد ـ وهو سمة لفظية ونفسية ـ حتى يبلور لنا اهمية هذه السمة (صادق الوعد).
والنكتة البلاغية الاخرى في هذا الحديث هي: ان (الدين) ليس مجرد حق يتعين اداؤه بل هو حق مقترن بالفضل، اي: ان الدائن ذو فضل على مدينه، لانه ببساطة يقدم له خدمة هي: اشباع حاجته، فعلى المدين ان يقدر هذا الفضل، ومن ثم ان يلتزم به بالنحو الذي اوضحناه.