حضرات المستمعين الكرام السلام عليكم واهلاً بكم في حلقة اخري من برنامج مشاهير الفكر الأيراني منار للبشرية.
اعزاءنا، في الحياة العصرية والحضارية، تعد اللغة عاملاً مؤثراً وفاعلاً في الأرتقاء بالمستوي الثقافي وفي نشر العلوم والاداب والمعارف والتواصل مع الشعوب والأمم المختلفة.
وقد انتبه الأيرانيون الي هذه الحقيقة، فجسدوها في مشاريعهم الفكرية طوال العصور المختلفة.
وللأيرانين يعود الفضل في نشر اللغة العربية التي دخلت بلادهم مع دخول الأسلام اليها في مطلع القرن السابع الميلادي. وهم كذلك كانوا من السباقين في نشر اللغة الفارسية في اصقاع الأرض حتي صارت هاتان اللغتان اساسيتان في معاهد تدريس العلوم والاداب وفي اروقة المحافل الأكاديمية في العالم.
ولقد كنا تتبعنا تطور اللغة الفارسية باعتبارها قنطرة من قناطر الأرتباط الفكري واتضح لنا ان هذه اللغة في القرون الأولي من عمر الأسلام بلغت شأوا رفيعاً حتي انها اثارت اهتمام العلماء والأدباء والرحالة كذلك. ومن اولئك الرحالة السائح والرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة ورحلة مدونة ومطبوعته.
ويذكر ابن بطوطة في رحلته انه واجه خلال تجواله واسفاره في آسيا اناساً كلموه باللغة الفارسية سواء كانوا في الصين ومنخوليا [ بلاد المغول] او في بلاد الهند. وما جاورها.
وخلال القرن الثامن الهجري طاف الرحالة ابن بطوطة في اصقاع كثير من العالم الأسلامي وغير الأسلامي وجمع خلال تلك الرحلات ادلة عديدة حول مكانة اللغة الفارسية عالمياً.
وحتي في المناطق التي يقطنها الأتراك الذين كانوا يتكلمون التركية في محادثاتهم اليومية. كانت اللغة الفارسية هي اللغة الرسمية ولغة المعارف والعلوم في العديد من المناطق مثل آسيا الصغري واذربايجان.
ويحدثنا ابن بطوطة ان اللغة الفارسية كانت لغة المخاطبات الرسمية في بلاطات سلاطين الأتراك وملوك الهند.
وعلي سبيل المثال راجت في الهند انذاك اي في زمن ابن بطوطة كلمات فارسية مثل دژخيم التي كانت تؤشر علي سياف السلطان وكلمة [خشت] التي اطلقت علي سبائك الذهب والفضة التي تشبه في شكلها شكل الطابوق واطلق الهنود علي دهلي دارالسلام بارگاه واطواق النصر طاق نصرت وهذه المفردات اللغوية التي مرت عليكم كلها فارسية.
لازال برنامج/ مشاهير الفكر الأيراني، منار للبشرية يأتيكم من اذاعة طهران- صوت الجمهورية الأسلامية في ايران. من بعد فاصل للحديث عودة. تابعونا.
وجاء في كتاب تاريخ ايران نشرته جامعة كمبرج في المملكة المتحدة ان اللغة الفارسية في بلاد الهند كانت اللغة الرسمية وان هذه اللغة بقيت محافظة علي كيانها حتي زمن الأحتلال البريطاني للهند.
ويذكر الكتاب المذكور ان اجادة اللغة الفارسية كان شرطاً لمن يريد العمل في المؤسسات الحكومية في الهند.
وعرف سكان الهند اهازيجاً بالفارسية كما ان بعض شعراء لاهور مثل مسعود سعد سلمان وابوالفرج روني وابوالحسن جلابي كانوا ينشدون الشعر بالفارسية.
واضافة الي هؤلاء كان شاعر الهند الشهير امير خسرو دهلوي ينظم الأشعار بالفارسية علماً انه هندي المولد ومن ام هندية .
ومروي في التاريخ ان سكان كالشخر في الصين كانوا في القرن السابع الهجري علي معرفة باللغة الفارسية.
ويبدو ان اشعار الشاعر الأيراني مصلح الدين سعدي الشيرازي صاحب گلستان او حديقة الورد كانت معروفة لدي سكان الصين يومذاك وفي هذا دلالة علي معرفتهم باللغة الفارسية.
حضرات المستمعين، من اللغات التي تأثرت كثيراً باللغة الفارسية اللغة الأردية اجل لقد تأثرت هذه اللغة بالفارسية في عدة اتجاهات مثل الكلمات والبناء الجملي والتعابير والأشكال الشعرية.
وليست الأردية لوحدها التي تأثرت بالفارسية من بين لغات الهند بل هناك لغات اخري في تلك الديار تناغمت مع الفارسية.
ومفردات الأدب الفارسي سكنت قلوب شعراء الهند فكانوا يشيرون في قصائدهم الي الأبطال الأيرانيين مثل رستم واسفنديار واذا ما ارادوا ان يضربوا للعشق مثلاً انسابوا نحو قصص الحب في الأدب الفارسي مثل قصة شيرين وفرهاد او خسرو وشيرين. علماً ان هذه القصة من نسيج الواقع لا من وحي الخيال وهي من آثار العصر الساساني في ايران.
وفي تغنيهم بالطبيعة وجمالها كانت انهار جيحون وسيحون هي التي تشدم لا انهار الهند.
اجل ان هؤلاء الأدباء ذوي الأحاسيس المرهفة عايشوا اللغة الفارسية وآدابها بكل رغبة وسرور.
حضرات المستمعين الأفاضل نأمل ان تكون حلقة هذا اليوم من برنامج/ مشاهير الفكر الأيراني منار للبشرية/ قد راقت لمسامعكم نتمني لكم اطيب الأوقات الي اللقاء