البث المباشر

قيس بن مسهر الصيداوي

الإثنين 21 أكتوبر 2019 - 12:48 بتوقيت طهران
قيس بن مسهر الصيداوي

إذاعة طهران- كوكبة الفتح المبين: الحلقة 47

السلام علي الحسين وعلي علي بن الحسين وعلي أولاد الحسين وعلي أصحاب الحسين.
إن للشهامة رجالاً ثابتين، صبروا حتي قضوا صبراً، ولم يعطوا بيدهم عدوهم إعطاء الذليل ولم يفروا فرار العبيد فجابهوا الخصوم في أصعب المواقف فقتلوا تحت التعذيب لينالوا الشهادة في مقامها السامي إن لم تكن أعلي من شهادة‌ ساحة القتال فهي لا تقل عنها، كان أحد نماذجها شهادة‌ قيس بن مسهر الصيداوي رضوان الله عليه، فتعالوا لنتعرف علي هذا الشهيد السعيد الذي عجل بشهادته قبل واقعة‌ كربلاء.
قيس بن مسهر بن خالد، ينتهي نسبه إلي خزيمة ‌الأسدي الصيداوي وصيدا بطن من قبيلة‌ أسد. وقيس هذا شاب كوفي من أشراف بني أسد شريف معروف في بني صيدا كان رجلاً شجاعاً مخلصاً في محبة ‌أهل البيت (عليهم السلام) وهو أحد حملة الرسائل المبعوثة من قبل الكوفيين إلي الإمام أبي عبد الله الحسين (عليهم السلام) بعد إعلان الحسين رفضه لبيعة‌ يزيد بن معاوية ‌وخروجه (عليه السلام) من المدينة‌ إلي مكة.
وكان الشيعة ‌- بعد هلاك معاوية - قد اجتمعوا في منزل سليمان بن صرد الخزاعي، فكتبوا للإمام الحسين (عليه السلام) يدعونه فيها للإقبال إليهم ليبايعوه وسرحوا كتبهم مع عبيد الله بن سبع وعبيد الله بن وال، ثم كتبوا بعد يومين إلي الإمام مع قيس بن مسهر الصيداوي وعبد الرحمان بن عبد الله الأرحبي بعد ذلك كتبوا إليه مع سعيد بن عبد الله الحنفي وهاني بن هاني. وصورة‌ كتبهم علي الإجمال: من شيعة ‌المؤمنين، أما بعد، فحي هلا، فإن الناس ينتظرونك، لا نري لهم في غيرك فالعجل العجل، والسلام.
فدعا الإمام الحسين سلام الله عليه مسلم بن عقيل رضوان الله عليه فأرسله الي‌ الكوفة‌و أرسل معه قيس بن مسهر وعبد الرحمان الأرحبي. فيكون قيس بن مسهر قد صحب مسلما من مكة ‌مبعوثاً من قبل الإمام الحسين صلوات الله عليه إلي الكوفة ‌فسار هؤلاء الثلاثة ‌مع دليلين لهما فلما وصلوا الي مضيقٍ في بطن خبت ضل الدليلان واستبد العطش بهم فبعث مسلم قيساً بكتابٍ إلي الإمام الحسين يخبره بما كان فلما وصل قيس بن مسهر فسار قيس مع مسلم بن عقيل مرةً أخري ليواصلا طريقهما إلي الكوفة.
وفي الكوفة‌ رأي مسلم بن عقيل اجتماع الناس علي البيعة‌ للإمام الحسين (عليه السلام) فكتب إليه بذلك كتاباً سرحه مع قيس بن مسهر وأصحبه عابساً الشاكري وشوذباً مولاه فقدموا إلي مكة ليلازموا الإمام الحسين (عليه السلام) إلي أن تحرك الركب الحسيني نحو كربلاء فتحركوا معه.
وكما وصل الإمام إلي (الحاجر) كتب إلي أهل الكوفة‌ جواب كتاب مسلم بن عقيل بما أخبره وبعثه مع قيس بن مسهر وقد جاء فيه - أما بعد فإن كتاب مسلم بن عقيل جاء ني يخبر فيه بحسن رأيكم، واجتماع ملأكم عليّ، فاذا قدم عليكم رسولي فانكمشوا في أمركم وجدّوا فإنّي قادم عليكم في أيامي هذه. والسلام عليكم ورحمة‌ الله وبركاته. فسار قيس بن مسهر الصيداوي بكتاب الإمام الحسين (عليه السلام) من الحاجر يطلب الكوفة ليبلغه أهلها بينما سار الحصين بن نمير بخيل عبيد الله بن زياد نحو الكوفة ‌أيضاً قد نظم جنده ما بين (خفـّان) حتي (القطقطانة) وإلي (لعلع) وهناك يقع قيس بن مسهر أسيراً‌في يد الحصين بن نمير يقبض عليه ويوثقه كتافاً، ثم يبعث به إلي‌ الطاغية‌ عبيد الله بن زياد في الكوفة‌ فيكون ذلك الحوار الذي ثبّته التاريخ!
سأل عبيد الله بن زياد قيس بن مسهر: من انت؟
أجابه: أنا رجل من شيعة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وشيعة ‌ابنه (أي الحسين (عليه السلام)).
عبيد الله: لماذا خرّقت الكتاب؟
قيس: لئلْا تعلم ما فيه! (و كان قيس لما قبض عليه خرق كتاب الإمام الحسين إلي أهل الكوفة،‌ لئلا تعرف أسراره).
عبيد الله: ممن الكتاب وإلي من؟
قيس: من الحسين إلي جماعةٍ ‌من أهل الكوفة لا أعرف أسمائهم.
فغضب عبيد الله بن زياد وقال: إن لم تخبرني فاصعد المنبر وسب فلاناً فلاناً (علياً والحسين عليهما السلام). والله لا تفارقني حتي تخبرني بأسماء هؤلاء القوم، أو تصعد المنبر وتلعن وإلا قطعتك إرباً إرباً!
فأجابه قيس بن مسهر: أما القوم فلا أخبرك بأسمائهم وأما العن فأفعل. فصعد المنبر فحمد الله وأثني عليه وصلي علي النبي صلي الله عليه وآله ثم أخذ يكثر من الترحم علي الإمام عليٍ وولده صلوات الله عليهم، ثم لعن عبيد الله بن زياد وأباه ولعن عتاة‌ بني امية عن آخرهم ثم نادي بالناس ينبههم في فرصته هذه مغافلاً عبيد الله: أيها الناس إن هذا الحسين بن علي خير خلق الله ابن فاطمة بنت رسول الله وأنا رسوله اليكم فاجيبوه وقد فارقته بموضع كذا فاجيبوه. فامر عبيد الله ان يرمي بقيس بن مسهر الصيداوي من أعالي القصر فالقي رضوان الله عليه مكتوفا فتكسرت عظامه وتناثرت أشلاءه وبقي به رمق فجاءه رجل يقال له: عبد الملك بن عمير اللخمي فذبحه فعيب عليه موقفه الجبان فقال مبررا حقده وملقه للعتاة: أردت أن أريحه.
وكان الإمام الحسين (عليه السلام) في أحد المنازل علي طريقه إلي كربلاء ويدعي بـ (عذيب الهجانات) فوافاه أربعة ‌نفر من مواليه كانوا قد خرجوا من الكوفة علي رواحلهم ليلتحقوا بركبه وهم: عمر وبن خالد الصيداوي وسعد مولاه ومجمع بن عبد الله المذحجي وابنه عبد الله فلما انتهوا اليه بادرهم (عليه السلام) بقوله: اما والله إني بارجو ان يكون خيراً ما اراد الله بنا: قتلنا، أم ظفرنا.
ثم سألهم (عليه السلام) عن الناس، فأخبروه وكان فيما أخبروه شهادة‌ قيس بن مسهر الصيداوي بعد مواقفه الشجاعة ‌وثباته علي الولاية وتحدي الطفاة الظلمة‌ ودعوته الناس من علي منبر الكوفة في عقر دار العتاة الي نصرة الامام الحسين صلوات الله عليه مخبراً بقرب وروده عليهم. فترقرقت عينا أبي عبد الله الحسين واستعبر بالبكاء علي قيس بن مسهر وقرأ قوله تعالي: «فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا».
وذلكم شرفٌ عظيمٌ حظي به قيس بن مسهر مع أنه لم يدرك ارض كربلاء ولم يبلغ يوم عاشوراء لكنه حظي بما حظي به أصحاب الحسين الشهداء من عبرة ترقرقت في صدر إمام هدي هو سبط رسول الله وريحانته وسيد شباب اهل الجنة ودعاء له وتأبين وشرف آخر كان أمام قيس بن مسهر يوم خصه الإمام المهدي (عليه السلام) بذكره في زيارته العاشورائية ‌الخالدة حيث قال فيها: السلام علي قيس بن مسهر الصيداوي.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة