نلتقيكم في حلقة اخري من هذا البرنامج وقد أعددنا لكم فيها حكايتين في الاولي هداية عقائدية تكشف الهم عن قلوب المؤمنين وفي الثانية هداية تحذيرية من آثار التعصب في السوق الي سوء العاقبة.
نقل السيد ابن طاووس رحمه الله في كتاب الطرائف عن الخوارزمي في كتاب الطرائف، وهو من جملة علماء الاربعة المذاهب قال:
عن أصبغ بن نباتة قال: قام الي علي بن أبي طالب (عليه السلام) شيخ بعد أنصرافه من صفين.
فقال: أخبرنا يا أمير المؤمنين عن مسيرنا الي الشام أكان بقضاء الله وقدره؟
قال علي (عليه السلام): والذي فلق الحبة وبرئ النسمة ما وطئنا موطئا ولا هبطنا واديا ولاعلونا تلعة الا بقضاء وقدر.
فقال الشيخ: عند الله أحتسب عناي، ما أري لي من الأجر شيئاً.
فقال له: مه! أيها الشيخ بل الله أعظم أجركم في مسيركم وأنتم سائرون وفي منصرفكم وأنتم منصرفون ولم تكونوا في حال من حالاتكم مكرهين ولا اليها مضطرين.
فقال الشيخ: وكيف والقضاء والقدر ساقنا؟
فقال ظننت قضاء لازما وقدراً حتماً، لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب والوعد والوعيد والأمر والنهي، ولم تأت لائمة من الله لمذنب ولامحمدة لمحسن، ولم يكن المحسن أولي بالمدح من المسيء ولا المسيء أولي بالذم من المحسن، تلك مقالة عبدة الاوثان وجنود الشيطان وشهود الزور وأهل العمي عن الصواب، وهم قدرية هذه الأمة ومجوسها، إن الله تعالي أمر تخييراً ونهي تحذيري وكلف يسراً، ولم يكلف عسراً ولم يعص مغلوباً ولم يطع مكرهاً ولم يرسل الرسل الي خلقه عبثاً ولم يخلق السماوات وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ.
فقال الشيخ: وما القضاء والقدر اللذان ما سرنا إلا بهما.
قال: هو الأمر من الله تعالي والحكم، ثم تلا قوله «وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ»، فنهض الشيخ مسروراً وهو يقول:
أنت الامام الذي نرجوا بطاعته
يوم النشور من الرحمن رضوانا
أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا
جزاك ربك عنا فيه إحسانا
نقل حكاية رواه أبو إسحاق الثعلبي في كتابة في التفسير وغيره من العلماء فيها تحذير بليغ من آثار التعصب في سوق الانسان الي سوء العاقبة والحكاية مروية عن رومي بن حماد المخارقي قال:
قلت لسفيان بن عيينة: أخبرني عن آية «سَأَلَ سَائِلٌ» فيمن أنزلت فأجاب قائلاً لقد سألتني عن مسئلة ما سئلني عنها أحد قبلك، سألت عنها جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) فقال: لقد سألتني مسألة ما سئلني عنها أحد قبلك حدثني أبي، عن أبائه (عليهم السلام) قال: لما حج النبي (صلي الله عليه وآله) حجة الوداع، فنزل بغدير خم، نادي في الناس فاجتمعوا فقال: يا أيها الناس ألم أبلغكم الرسالة؟
قالوا: اللهم بلي.
قال: أفلم أنصح لكم؟
قالوا: اللهم بلي.
قال: فأخذ بضبع (يعني ساعد) علي (عليه السلام) فرفعة حتي رؤي بياض إبطيهما، ثم قال: أيها الناس من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والي من والاه، وعاد من عاداه.
قال: فشاع ذلك الخبر فبلغ الحارث بن نعمان الفهري، فأقبل يسير علي ناقة له حتي نزل بالابطح، فأناخ راحلته وشد عقالها، ثم أتي النبي (صلي الله عليه وآله) وهو في ملأ من أصحابه، فقال: يا رسول الله اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، إنك أمرتنا أن نشهد أن لا اله الا الله فشهدنا، ثم أمرتنا أن نشهد انك رسوله فشهدنا، ثم أمرتنا أن نصلي خمسا فصلينا، ثم أمرتنا أن نصوم شهر رمضان فصمنا، ثم أمرتنا أن نزكي فزكينا، ثم أمرتنا أن نحج فحججنا، ثم لم ترض حتي نصبت ابن عمك علينا فقلت من كنت مولاه فهذا علي مولاه. هذا عنك؟ أو عن الله تعالي؟!
قال النبي (صلي الله عليه وآله): لا بل عن الله.
فقام الحارث بن النعمان مغضباً وهو يقول: اللهم إن كان ما قال محمد حقاً فأنزل بي نقمة عاجلة.
قال: ثم أتي الابطح فحل عقال ناقته واستوي عليها فلما توسط الابطح رماه الله بحجر، فوقع وسط دماغه فخر ميتا فأنزل الله تعالي: «سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ، لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ».