السلام عليكم إخوة الإيمان ورحمة الله، معكم أيها الأحبة في لقاء اليوم مع معالي الأخلاق التي يحبها الله ورسوله وأولياؤه الصادقون صلوات الله عليهم أجمعين. ندعوكم للتعرف على أحد أكرم هذه الأخلاق الفاضلة وهو خلق (مداراة المؤمنين)، تابعونا على بركة الله.
مستمعينا الأفاضل هدتنا النصوص الشريفة التي نقلناها لكم في حلقات سابقة من هذا البرنامج إلى أن من الأخلاق السامية التي تجلت في أنبياء الله وأوليائه عليهم السلام هو خلق مداراة الناس عموما حتى على الأعداء والمخالفين. والمستفاد من النصوص الشريفة أن هذا الخلق يتأكد العمل به مع المؤمنين بما يعنيه من لطف التعامل معهم وتحمل ما يصدر عنهم من أذى أحيانا. فالإنسان بطبيعته – وإن كان مؤمنا – تختلف حالاته بين الإنقباض والإنبساط، وقد تصدر منه في حالات الإنقباض بعض التصرفات التي تؤذي – عن غير قصد أو سوء – إخوانه، فيكون واجبهم مداراته والتعامل معه بلطف وتواضع خاصة في هذه الحالات، وفي ذلك عون كريم له على تجاوز هذه الحالات.
قال الله تبارك وتعالى في الآية خمسة عشرة بعد المئتين من سورة الشعراء: "وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" ومعنى خفض الجناح مستمعينا الأفاضل هو التواضع واللين في التعامل مع المؤمنين ومن أوضح مصاديق مداراتهم.
وروي في كتاب قضاء حقوق المؤمنين للصوري أن أميرالمؤمنين – عليه السلام – كتب في رسالة لرفاعة بن شداد البجلي يقول: "دار المؤمن ما استطعت، فإن ظهره حمى الله ونفسه كريمة على الله وله يكون ثواب الله وظالمه خصم الله فلا تكن خصمه".
وفي هذه الكلمة إشارة من مولانا الوصي المرتضى _عليه السلام_ إلى أن ترك مداراة المؤمن والتعامل معه بعنف قد يؤدي إلى الوقع في ظلمه وبالتالي معاداة الله جل جلاله.
وروى الشيخ الصدوق رضوان الله عليه في كتاب (معاني الأخبار) عن معنى العقل فذكر في جوابه ثلاثة أمور منها (مداراة الأصدقاء).
وروى السيد ابن زهرة الحلبي في كتابه القيم (حقوق الإخوان) عن الإمام علي أميرالمؤمنين – عليه السلام – قال: "كان النبي – صلى الله عليه وآله – ليسر الرجل من أصحابه إذا رآه مغموما بالمداعبة وكان _صلى الله عليه وآله_ يقول: إن الله يبغض المعبس في وجه إخوانه".
وفي الكتاب نفسه روي عن الإمام الصادق _عليه السلام_ حديث في حقوق المسلم على أخيه ذكر بعض مصاديق المداراة ضمن هذه الحقوق فقال – عليه السلام –: "والحق الثاني أن تتجنب سخطه وتتبع مرضاته وتطيع أمره"، وقال _عليه السلام_ في حديث آخر في الكتاب ذكر من حقوق المؤمن على أخيه ثلاثين حقا منها (يغفر زلته.. ويقيل عثرته".
وها نحن نصل مستمعينا الأفاضل إلى ختام حلقة أخرى من برنامجكم معالي الأخلاق استمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم بكل خير.