البث المباشر

فاطمة في آية في بيوت اذن الله ان ترفع -۱

الإثنين 30 سبتمبر 2019 - 11:22 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - فاطمه في القرآن والسنة: الحلقة 33

 

بسم الله الرّحمن الرحيم الحمدُ لله المنعم على العباد، واوفر الصلاةِ والسلام على خيرِ خلقه الهادي الى سبيل الرَّشاد، وعلى آلهِ كعبة قلوبِ الوفّاد.
اخوتنا الاعزّة المؤمنين، السّلام عليكم ورحمةُ الله وبركاته كنّا في لقائنا السابق قد انتهينا من الحديث حول آية النور، وقد خُتمت بقوله تعالى: "وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"، وقد استفاد المفسّرون انّ الاية المباركة التي تحدّثت حول النور الالهيّ كان من الامثال، وقد عبّرت هكذا: "مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ"، وثبت انّ المشكاة في هذا المثل الالهي الشريف هي فاطمة عليها السلام، وعاءُ النور الالهيّ الذي كان محمّدا المصطفى صلى الله عليه واله، ثمّ فاض فكان ائمة الهدى صلوات الله عليهم، وذلك عبر الصدّيقةِ الزهراء فاطمة سلام الله عليهم، حتى اذا انتهت اية النور، جاءت الاية السادة والثلاثون من سورة النور لتقول معرّفةً بالنور الالهيّ الذي كان كمشكاةٍ فيها مصباح، والمصباحُ في زجاجة، والزجاجةُ كانّها كوكبٌ دريّ، هكذا: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ"، ولكن يا ترى ايُّ بيوت هي تلك، ولمن، ومن كان فيها؟! هذا ما سنتبينه ان شاء اللهُ تعالى بعد هذه الوقفة القصيرة.
كتب المفسّر المرحوم السيد محمّد حسين الطباطبائي في تفسيره ( الميزان): الاذن في الشيء، هو اعلامُ ارتفاع المانع عن الفعل. والمراد بالرفع رفعُ القدر والمنزلة، وهو التعظيم، ولمّا كانت العظمة والعلوّ كلاهما للهِ تعالى، فلا يشاركُه في ذلك غيرُه الا ان ينتسبَ اليه، وبمقدار ما ينتسبُ اليه فالاذنُ منه تعالى في ان تُرفع هذه البيوت لانتساب ما منها اليه، والسياق في الاية المباركة يدُلّ على الاستمرار، او على التهيؤ له، فيعود المعنى الى مثل قولنا: "ان يذكرَ فيها اسمه، فيرتفع قدرُها بذلك". ويعود علينا السؤال ايها الاخوةُ الاكارم، ايُّ البيوتِ تلك التي كان فيها اهلُ المشكاة، ومن ضربَ اللهُ تعالى مثلَ نوره بهم، واذنَ جلّ وعلا ان ترفعَ منزلةُ تلك البيوتُ ويذكَرَ فيها اسمُه القُدسيّ تبارك وتعالى؟ وقبلَ الجواب على التساؤل اعزّتنا الافاضل، يردُ علينا هذا السؤال: من هو الانسبُ في الاجابة على مثل هذا السؤال؟ أليس الاعرفَ بكتاب الله عزّوجلّ ومن نزل في بيته! والان يردُ السؤالُ الاخر: من هو الاعرف بالقران الكريم من غيره من الناس؟.
جاء في (نهج البلاغة) الشريف قولُ امير المؤمنين علي عليه السلام في احدى خطبه: "ذلك القرآنُ فاستنطقوه، ولن ينطق، ولكن اخبرُكم عنه". وفي (الكافي) الشريف روي ثقةُ الاسلام الكلينيّ رحمه الله عن زيد الشحّام قال: دخل قتادةُ بن دعامةَ على ابي جعفر الباقر عليه السلام، فسأله الامام: انت فقيهُ اهلِ البصرة؟! قال قتادة: هكذا يزعمون. فسأله الامام الباقر عليه السلام: بعلمٍ تفسّره ( اي القران) ام بجهل؟! قال: لا، بعلم، الى ان قال له الامام الباقر سلامُ الله عليه: "يا قتادة، انّما يعرِفُ القرانَ من خُوطب به". اجل، وقد خاطب اللهُ جلّ جلالُه رسولَ الله بقوله: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ" وخاطب اهلَ بيتهِ واله بـ "أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ"، وهُمُ المصداقُ الاتمُّ الاكملُ للمؤمنين ولعبارة "الَّذِينَ آمَنُواْ" الواردة في كتاب الله مرارا، فقد روى ابونُعيمَ الاصفهاني في (حلية الاولياء) بطُرقٍ عديدة، والحبريُّ في (تفسيره)، والحافظُ الحسكانيّ الحنفيّ في (شواهد التنزيل)، وغيرُهم، كلّهم عن عبدالله بن عبّاس انّه قال: ما نزلت آيةٌ فيها "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ" الا وعلي رأسها واميرها وشريفها، ولقد عاتب اللهُ عزّوجلّ اصحابَ محمّدٍ صلى اله عليه واله في غير آيٍ من القران، وما ذكر عليا الا بخير. وفي روايةٍ اخرى نقلها عنه عكرمة انّه قال: ما في القران اية "الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ" الا وعلي اميرُها وشريفها، ومن اصحاب محمّدٍ صلى الله عليه واله رجلٌ الا وقد عاتبه الله، وما ذكرَ عليا الا بخير. اذن، تعالوا معنا ايها الاخوةُ الافاضل لنرى ماذا قال من 
خوطبوا بالقرآن حول البيوتِ التي اذنِ اللهُ ان ترفَعَ ويذكر فيها اسمُه، بعد هذه الاستراحة القصيرة.
روى الثعلبيّ في تفسيره (الكشف والبيان) وهو من مفسّري اهل السنّة، بسندٍ ينتهي الى انس بن مالك وبريدة، انهما قالا: قرأ رسولُ الله هذه الاية "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ"، فقام اليه ابوبكرٍفقال: يا رسول الله، هذا البيتُ منها؟ يعني بيتَ علي وفاطمة، قال صلى الله عليه واله: "نعم، من افاضِلِها". رواه ايضا الامرتسري في (ارجح المطالب) من طريق ابنِ مَردَويه والحافظ السيوطيّ الذي اورده في تفسيره (الدرّ المنثور). هذا، فيما روى ابنُ حسنويه وهو من محدّثي اهل السّنّة، في كتابه (بحر المناقب) عن ابن عبّاس انّه قال: كنتُ في مسجد رسول الله صلى الله عليه واله وقد قرأ القارئ: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ"، قال ابنُ عبّاس: فقلتُ: يا رسولَ الله، ما البيوت؟ فقال صلى اللهُ عليه واله: (بيوت الانبياء)، قال ابنُ عبّاس: وأوما بيده صلى الله عليه واله الى منزل فاطمة عليها السلام. وهكذا يبدو انّ النبيّ صلى الله عليه واله اكثرَ من مرّة في اكثر من موقعٍ ومكان يبيّن ما هي البيوتُ تلك التي اذن اللهُ ان تُرفعَ ويذكرَ فيها اسمُه، والى تتمّة الحديث في لقائنا القادم باذن الله تعالى نرجو لكم اخوتنا الاحبّة اسعد الاوقات وانفعها، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة