السلام عليكم أعزاءنا المستمعين ورحمة الله...
إن من البركات المهمة لكتاب الله عزوجل كونه يمثل عوناً للإنسان للنجاة من أشكال الشدائد والصعاب وخاصة في الفتن وهذا ما نتناوله بعون الله في هذه الحلقة من برنامج من بركات القرآن تابعونا مشكورين.
قال رسول الله – صلى الله عليه وآله – موصياً أمته بمختلف أجيالها والى يوم القيامة: " إذا إلتبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع ومنار الحكمة ودليل على المعرفة لمن عرفة الصفة..."
ثم قال–صلى الله عليه وآله–: " ليجل جال بصره وليبلغ الصفة نظره، ينجو من عطب ويتخلص من نشب، فإن التفكر حياه قلب البصيركما يمشي المستنير في الظلمات بالنور، فعليكم بحسن التخلص وقلة التربص ". وقال – صلى الله عليه وآله – في وصية أخري: " إن هذا القرآن هو النور المبين والحبل المتين والعروة الوثقى من إستضاء به نورّه الله ومن عقد به أموره عصمه الله، ومن تمسك به أنقذه الله ". وقال – صلى الله عليه وآله – في حديث آخر: " أتاني جبرئيل فقال: يا محمد سيكون في إمتك فتنة، قلت: فما المخرج منه؟ فقال: كتاب الله..."
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – سلام الله عليه – : " إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع، وأحكام تبتدع، يخالف فيها كتاب الله ". وقال الإمام الصادق – عليه السلام – ضمن حديث طويل: "... وقارئ قرأ القران فأستتر به تحت برنسه، فهو يعمل بمحكمه ومتشابهه ويقيم فرائضه ويحلّ حلاله ويحرّم حرامه، فهذا ممن ينقذه الله من مضلات الفتن وهو من أهل الجنة وشيفع فيمن يشاء ".
أيها الأخوة والأخوات، الأحاديث الشريفة المتقدمة صريحة في حتمية وقوع الفتن في المجتمعات الإسلامية، وقد فصّل النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – عن هذه الفتن وأنواعها في أحاديث كثيرة مروية في كتب الحديث المعتبرة عند مختلف المذاهب الإسلامية.
وقد بين – صلى الله عليه وآله – لأمته أن هذه الفتن عقائدية وأخلاقية وسلوكية وأن أخطرها فتن أئمة الضلال الذين يضلون الأمة بشعارات وغطاءات دينية متنوعة، فيوقعونهم في الضلالة تحت غطاء أنها الهدى والصلاح.
وللنجاة من هذه الفتن التي تصيب الإنسان بالحيرة بسبب إختلاط الأمور فيها، توصينا هذه الأحاديث الشريفة بالرجوع الى القرآن الكريم والإستهداء بنوره لتمييز الحق من الباطل والهدى من الضلالة.
ولكن الرجوع لكتاب الله عزوجل يحتاج الى التفقه والتفكر فيه ومعرفه صفته – أو الصفة حسب تعبير النبي الأكرم – في الحديث الأول الذي نقلناه عنه – صلى الله عليه واله – في بداية اللقاء.
فكيف يحصل المؤمن على معرفة صفة القرآن ويتفقه فيه مع كثرة الاراء والتفسيرات التي يسمعها ويقرأها بشأن كل آية من آياته، وكثير منها أراء متناقضة متضاربة؟
وكيف يحصل المؤمن على الهداية من كتاب الله مع كثرة الذين في قلوبهم مرض الذين يتبعون متشابهه بتأويلات محرفة إبتغاء الفتنة؟
الإجابةعن هذه ألأسئلة نجدها في محكمات آيات القرآن الكريم نفسه إذ تصرح الآية من سورة آل عمران الآية، بأن تأويل القرآن الصحيح والذي ينقذ من الفتنة لا يعلمه الا الله والراسخون في العلم، فيجب أخذه من الراسخين في العلم الذين علمهم الله عزوجل تأويل وباطن آيات كتابه المجيد وقد عرفتنا السنة النبوية المطهرة في صحاح أحاديثها بهوية الراسخين في العلم، وصرحت بأنهم عترة النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله –.
ولذلك فقد أمر رسول الله – صلى الله عليه وآله – مكرراً وقبيل وفاته بالتمسك بحبل القرآن الكريم وعترته الطاهرة عليهم السلام للنجاة من جميع مضلات الفتن وجميع أشكال الضلالة العقائدية والأخلاقية والسلوكية، وهذا ما ينص عليه بكل وضوح وصراحة حديث الثقلين المتواتر والمروي من طرق جميع المذاهب الإسلامية.
جعلنا الله وإياكم إخوتنا مستمعي إذاعة طهران من المتمسكين بصدق وإخلاص بكتاب الله ووصايا عترة رسول الله الهادية الى التفقه الصحيح في القرآن والتأويل الإلهي السليم لآياته الكريمة.
وبهذا ينتهي لقاؤنا بكم في هذه الحلقة من برنامج من بركات القرآن شكراً لكم ودمتم بكل خير.