البث المباشر

شرح فقرة: "واضلوا عبادك وخربوا بلادك..."

الثلاثاء 17 سبتمبر 2019 - 11:47 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " واضلوا عبادك وخربوا بلادك " من دعاء عصر الغيبة.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها دعاء الغيبة غيبة الامام المهدي(ع) حيث وظف للقراءة بعد فريضة العصر من يوم الجمعة ومطلق الاوقات وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا الى مقطع يشير الى المفسدين في الارض حيث يتوسل الدعاء بالله تعالى بان ينزل عليهم العذاب وذلك بسبب انهم (اضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات) ثم يقول واضلوا عبادك واخربوا بلادك، ان هاتين العبارتين هما الان موضع حديثنا وهذا ما نبدأ به.
العبارة الاولى تقول واضلوا عبادك فماذا نستلهم منها؟ طبيعياً العبارة من الوضوح بما لا ضرورة لتحليلها ولكن المصاديق او المفردات المرتبطة بعملية الاضلال تحتاج الى القاء الانارة عليها. ونتساءل من جديد ماذا نستلهم من العبارة المذكورة؟
ان الاضلال للعباد له مصاديق متنوعة بخاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان كل ضلالة تحقق اثرها السيء بقدر ما تكون عليه الشخصية او المجتمع من ثقافة متلقاة فهناك مثلاً من يتمثل ضلاله في الانسلاخ من الله تعالى أي الشخصية الكافرة ولكن بما ان الشخصية اياً تكون قد فطرت على مفهوم التوحيد لله تعالى حينئذ فان الانسلاخ من الله يؤشر الى مرض او اختلال في الجهاز النفسي لها، من هنا نجد ان الملحدين غالباً يتراوحون بين مصابين من الدرجة الاولى الى مضطربين في السلوك العام الى معاندين او عدوانيين، لذلك فان اضلالهم يظل من السهولة بمكان حيث يستغلهم المرضى من امثالهم ممن يمتلك موقفاً اجتماعياً والامر كذلك، اذا انتقلنا من الشخصيات الكافرة الى المنحرفة عقائدياً وان كانت منتسبة في الظاهر الى توحيد الله تعالى كالنواصب مثلاً حيث انهم يجسدون الوجه الآخر للمرضى الكافرين. والامر كذلك بالنسبة الى الفاسقين ممن يمارس المعصية اتباعاً لشهواتهم.
اذن الاضلال له منافذ كثيرة ولذلك توسل الدعاء بالله تعالى ان ينزل على المضلين العذاب في الدنيا والاخرة، في الدنيا على يد الامام المهدي(ع) وفي الاخرة حيث المقر الدائم في النار لامثلة هؤلاء المنحرفين.
ونتجه الى العبارة الثانية وهي القائلة واخربوا بلادك، فماذا نستلهم منها؟ عندما واجهنا عبارة اضلوا عبادك استخلصنا منها ان الرؤوس المنحرفة من كفار ونواصب ونحوهما قد اضلوا العباد الذين لديهم استعداد مرضي كرؤسائهم ولكن ماذا نستخلص من عبارة واخربوا بلادك؟ أي الاضلال للعباد واضح من حيث كونه تحريفاً لفطرة الناس ولكن التخريب للبلاد ماذا يعني؟ مما لا شك فيه ان هذه العبارة هي صورة استعارية في ميدان الصياغة الفنية او البلاغية ويقصد بها ما هو في لغة علم الاجتماع تخلخل او هزهزة او فقدان توازن او الاضطراب الذي يطال المجتمع من حيث الكيان العام له او من حيث البناء الاجتماعي له وهذا ما يتمثل في انحراف مختلف المؤسسات الاجتماعية كالحكومات واداراتها الفاسدة مثلاً، او كالتركيبات الاجتماعية المتمثلة في الاسرة او المدرسة او الاندية او الاحزاب، فاذا فسدت هذه المركبات الاجتماعية فقد المجتمع توازنه واصبح عرضة للخراب كما هو واضح وهذا ما عبر الدعاء عنه عندما توسل بالله تعالى بان ينزل عذابه على المنحرفين لانهم اخربوا بلاد الله تعالى أي عرضوها لكل ما يساهم في خلخلة البناء الاجتماعي للامم او الطوائف او الاقوام.
اذن الفارق بين من يضلون الناس وبين من يخربون البلاد هو ان النمط الاول هو تحريف العقائد وان الثاني هو تمزيق الكيان الاجتماعي للامة او البلد ونحوهما.
اخيراً يجدر بنا نحن القراء للدعاء المذكور ان نستلهم دلالاته فنحصن انفسنا من الاشرار وندرب ذواتنا على الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة