نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء في زمن الغيبة غيبة الامام المهدي(ع) حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا الى مقطع ورد فيه التوسل بالله تعالى بان ينصر وليه الامام على اعدائه بمختلف اشكال النصر، ويلحق بهم الهزيمة بمختلف اشكالها، ومن ذلك التوسل بالله تعالى بان يزلزل اقدام الاعداء ويأخذهم جهرة وبغتة، حيث يقول الدعاء: (وزلزل اقدامهم، وخذهم جهرة وبغتة، وشدد عليهم عذابك).
والآن لنتحدث عن كل عبارة من العبارات المتقدمة ونبدأ ذلك بالعبارة الاستعارية القائلة وزلزل اقدامهم فماذا نستلهم منها؟
الزلزلة لها دلالات متفاوتة من حيث تعبيرها عن الاضطراب الشديد الذي يلحق بالشيء كالارض او البشر وسواهما وقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى «اذا زلزلت الارض زلزالها» ويكفي ان نستلهم من الآية المباركة مدى الشدة والاضطراب الذي يفضي الى قيام الساعة واهوالها واما الزلزلة البشرية فيمكن ان يستلهمها قارئ الدعاء من طبيعة الارض حيث تضطرب وترتجف وتهتز ثم خلع الدعاء هذه السمة على الاقدام بالنسبة الى فقرة الدعاء القائلة وزلزل اقدامهم حيث ان هذه الاستعارة المرعبة تكشف لنا عن مدى هلع الشخص وهو العدو بحيث ترجف نفسه عند مشاهدة الموت وهو ما عبر عن نفسه بزلزلة القدم لان القدم اذا ارتجفت فانها تعبير خارجي عن زلزلة النفس وهو الخوف الشديد مما يلاقيه الاعداء اعداء الاسلام واهل البيت عليهم السلام والامام المهدي(ع).
وندع الاستعارة المذكورة وزلزلة اقدامهم ونتجه الى ما بعدها وهي عبارة وخذهم جهرة وبغتة ونعتقد ان قارئ الدعاء يدرك بوضوح ما تعنيه العبارة المتقدمة حيث ان الاخذ هو رمز للقضاء على العدو والقرآن الكريم طالما يستخدم الرمز المذكور مثل قوله تعالى عن الكفار «فأخذتهم فكيف كان عقاب» والمهم ان الاخذ للعدو جهرة وبغتة يفصح عن الرمز الاخر لطبيعة الاخذ وهو القضاء على الاعداء وجهاً لوجه او ساحة قبالة ساحة في وضح النهار بنحو علن لا خفاء فيه وهو احد اشكال الاخذ واما الشكل الاخر فهو الاخذ بغتة كما تتطلبه طبيعة الحرب بحيث يباغت العدو وبسيطرة جيش وجند المهدي(ع).
ونواجه عبارة اخرى وهي وشدد عليهم عذابك هذه العبارة لعلها من الوضوح بمكان بحيث لا يحتاج قارئ الدعاء الى التعقيب عليها لكن مع ذلك فان التعليق على ذلك يفرض ضرورة كيف ذلك؟
ان التراخي حيال العدو في معركة الامام المهدي(ع) لا مسوغ له البتة بعد ان لاحظنا ان الاعداء وهم في سنواتنا وايامنا المعاصرة نشاهدهم باعيننا كيف يقتلون ويذبحون ويمثلون ويشردون كل من ينتسب الى الامام المهدي(ع) وهو امام الزمان حيث يموت المرء ميتة جاهلية اذا لم يعرف امام زمانه كما ورد عن المعصومين عليهم السلام.
اذن التراخي مع امثلة هذا العدو وهو لم يعرف تراخياً قط بل يمثل الوحشية والهمجية والشراسة باعتى اشكالها المتصورة في الخيال نقول التراخي لا مسوغ له البتة مع امثلة هؤلاء الاعداء اعداء الله تعالى والنبي(ص) والائمة عليهم السلام والانسانية لذلك فان الدعاء قد توسل بالله تعالى بان يشدد عذابه على يد الامام المهدي(ع) على هؤلاء الاعداء وهو عذاب تتكفل العبارات التالية لهذا التوسل بتفصيل نتائجه حيث يقول واخزهم في عبادك والعنهم في بلادك واسكنهم اسفل نارك. وهذا ما نحدثك به في لقاءات لاحقة ان شاء الله تعالى.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا للمشاركة في معسكر الامام(ع) وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******