السلام عليكم إخوة الإيمان ورحمة الله
تقبل الله أعمالكم وأنتم تتابعون رابعة حلقات هذا البرنامج وحديثنا فيها بعون الله عن الهدف الثالث من أهداف إنزال الفرقان الحكيم . . .
فبعد أن تعرفنا على الهدفين الأول والثاني وهما الهداية للتي هي أقوم والإنقاذ من الضلالة، نتعرف على ثالثهما وهو التبشير والإنذار أو الترغيب والترهيب.
نبدأ أولاً أحباءنا بذكر بعض الايات الكريمة التي تعرفنا بهذا الهدف، لكي تدلنا على أفضل سبل الإنتفاع من بركات القرآن.
فمنها قوله عزوجل " وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ " . الأحقاف ۱۲
وقال عزّ من قائل " فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً " . مريم ۹۷
وقال جل جلاله: " نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ " . النحل ۱۰۲
مستمعينا الأفاضل، أما في السنة المطهرة فقد وردت كثير من الأحاديث الشريفة التي تعرفنا بهذا الهدف المحوري من إنزال القرآن الكريم، منها قول أمير المؤمنين – عليه السلام – :
" وقدّم إليكم بالوعيد وأنذركم بين يدي عذاب شديد".
وقوله – عليه السلام – في وصف المتقين:
" أما الليل فصافون أقدامهم تالين لأجزاء القرآن ".
فاذا مروا بآية فيها تشويق تطلعت نفوسهم
إليها شوقاً وظنوا أنهم نصب أعينهم
وإذا مروا بأية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم
وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم
وقال مولانا الإمام الصادق – عليه السلام – :" القرآن كله [ ظاهره] تقريع وباطنه تقريب".
وقال – عليه السلام – : " إن القرآن زاجر وآمر : يأمر بالجنة ويزجر عن النار" .
وقال عليه السلام – أيضاً – : " إن القرآن لا يقرأ هذراً ولكن يرتل ترتيلاً ، فإذا مررت بآية فيها ذكر الجنة فقف عندها وسل الله الجنة، وإذا مررت بآية، فيها ذكر النار فقف عندها وتعوذ بالله من النار " .
أعزاءنا المستمعين، يمكن تلخيص دلالات النصوص الشريفة المتقدمة بأن الهدف الثالث لإنزال كتاب الله عزوجل هو إصلاح البشر بالترغيب والترهيب.
أي أنه يبشر – بمختلف الأساليب البلاغية – بالعاقبة الحسنى للعمل الصالح والطاعات ،وينذر في المقابل محذراً من سوء عاقبة إرتكاب المعاصي والأعمال السيئة.
وهذا الأمر – هو بحد ذاته – مستمعي الكريم من مظاهر رحمة الله ورأفته عزوجل بعباده، ولتوضيح ذلك نقول:
إن من المعروف والثابت في بحوث علم النفس التربوي، أن للتبشير والإنذار تأثيراً مهماً في الترغيب والحث على عمل الخير من جهة وإجتناب السيئات من جهة ثانية . وذلك لأن الإنسان بفطرته محباً للخير وطالباً له، مبغضاً للسوء والأذى ، فتبشيره المستمر بالخير المترتب عن صالحات الأعمال وتحذيره المستمر من عواقب السيئات، هما عاملان أساسيان في إصلاح الإنسان وحفظ سيره على الصراط المستقيم والتحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل وبالتالي تقريب العبد من الله عزوجل وهذا ما يشير إليه وصف الإمام الصادق – عليه السلام – للقرآن بأن ظاهره تقريع وباطنه تقريب.
مستميعنا الأفاضل ،ونجد في الأحاديث الشريفة هداية بليغة الى السبل التي ينبغي أن ينتهجها المؤمن لتحقيق هذا الهدف وبالتالي الإنتفاع بالصورة المطلوبة من بركات كتاب الله .
وأهم هذه السبل هي أن يعرض المؤمن عند تلاوته للآيات الكريمة هذه البشارات والإنذارات القرآنية على قلبه ويلقنه التأثر الوجداني بها ويسأل الله عزوجل الفوز بما تبشر به والنجاة مما تحذر منه وبالتالي يتوجه إليه جل جلاله بالدعاء عند ذكرها لكي يوفقه لصالح الأعمال ويرزقه التقوى عن سيئاتها . . .
وبهذه الهداية التربوية المهمة ينتهي حديثنا أيها الأخوة والأخوات في رابعة حلقات برنامج من بركات القران استمعتم لها من إذاعة طهران . وفقكم الله لكل خير وفي أمان الله .