الحديث هو توصيات قصيرة - كما كررنا- الا انها توشى بعنصر ايقاعي او صوري او كليهما، وهو ما لحظناه في حقول متقدمة عند المعصومين عليهم السلام،... كما نلحظه عند الامام الباقر (عليه السلام) ايضاً، وهذا من نحو:
«انما مثل الحاجة الى من أصاب ماله حديثاً كمثل الدرهم في فم الأفعى أنت اليه محوج وأنت منها على خطر»(٥).
«الحياء والايمان مقرونان في قرن، فاذا ذهب احدهما تبعه صاحبه»(٦).
«لو ان قاتل علي بن ابي طالب (عليه السلام) ائتمنني على أمانة لأديتها اليه»(۷).
«ينبغي للمؤمن ان يختم على لسانه، كما يختم على ذهبه وفضته»(۸).
«اياك والكسل والضجر، فانهما مفتاحا كل شر»(۹).
«اربع من كنوز البر: كتمان الحاجة، وكتمان الصدقة، وكتمان الوجع، وكتمان المصيبة»(۱۰).
هذه الأحاديث يحفل كل واحد منها بعنصر صوري قد يكون تشبيهاً او تمثيلاً، أو استعارة، أو فرضية.. الخ، فالاستعارة من نحو: (كنوز البر)، والتمثيل من نحو: (مفتاحا كل شر)، والفرضية من نحو: (لو أن...)، والتشبيه من نحو: (كمثل الدرهم)... بل ان الصورة الواحدة - كالتشبيه مثلاً- تأخذ مستوياتها المتنوعة من التركيب، فالتشبيه الآتي، ينتسب الى ما نسميه بـ (التشبيه بالمثل) (مثل الحاجة: كمثل الدرهم)، والتشبيه الآخر (ينبغي للمؤمن ان يختم على لسانه: كما يختم على ذهبه) ينتسب الى التشبيه المألوف، كما أن الأول منهما يجسد التشبيه الاستمراري، بينما يجسد الآخر التشبيه المألوف ايضاً، لأن التشبيه الأول يقدم (تعليلاً) مفصلاً لسبب مشابهة المعدم الذي استغنى: للأفعى، لأن الأخيرة تقترن الخطر في نفس الوقت الذي يفتقر الشخص الى الدرهم في فمها...
طبيعياً، يظل لكل واحد من هذه المستويات: مسوغها الفني، فالتشبيه الأخير - على سبيل المثال- كان لابد من تقديمه بهذا النحو (المعلل) نظراً لأن المعدم حينما يستغني، يظل متحسساً بالقصور والنقص والهوان الذي كان عليه سابقاً، وحينما يستغني يعوض عن الاحساس المذكور بسلوك هو: (البخل) على صاحب الحاجة فيتلذذ بما يشاهده من الفقر لدى صاحب الحاجة الذي شابهه بالأمس في سمة الفقر... وهكذا سائر التشبيهات او الصور التي صيغت وفق سياقات يتطلبها الموقف، على نحو ما لحظناه، في التشبيه الذي تقدم الحديث عنه.
*******
(٥) نفس المصدر: ص ۳۰۳.
(٦) نفس المصدر: ص ۳۰۷.
(۷) نفس المصدر: ص ۳۰۸، ۳۰۹.
(۸) نفس المصدر: ص ۳۰۸.
(۹) نفس المصدر: ص ۳۰۰.
(۱۰) نفس المصدر: ص ۳۰٥.
*******