البث المباشر

شرح قوله (وأنرت بكرمك دياجي الغسق)

السبت 10 أغسطس 2019 - 08:49 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " وأنرت بكرمك دياجي الغسق " من دعاء الصباح.

 

لا نزال نحدثكم عن الادعية المباركة وما تتضمنه من بلاغة فائقة تسهم بلا شك في تعميق معاني الدعاء واستكشاف نكاته، ومن ذلك دعاء الصباح للأمام علي(ع) حيث لاحظنا في لقاءات سابقة جوانب متنوعة من بلاغة الدعاء المذكورة ومنه هذا المقطع القائل عبر التوجه الى الله تعالى والعرض لعظمته وابداعه ورحمته يقول النص: (ألفت بقدرتك الفرق، وفلقت بلطفك الفلق وانرت بكرمك دياجي الغسق …) لقد حدثناكم عن العبارتين الاوليتين من هذا النص، وهما (الفت بقدرتك الفرق، وفلقت بلطفك الفلق) وفي حينه اوضحنا لماذا عبر الدعاء عن تأليف الله تعالى للفرق بقدرته تعالى بينما عبر عن الفلق او الصبح بلطفه تعالى، بينما تخصه جميعاً لقدرته وقلنا ان التأليف بين المتفرق يتناسب مع القدرة على جمع ما تفرق بينما انبثاق الصباح يتناسب مع الطاف الله تعالى في جعل النهار مبصراً لنبتغي من فضل الله تعالى اتساقاً مع قوله تعالى (الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً) والفضل من الله هو لطف منه كما هو واضح.
اما الان فينبغي ان نحدثكم عن العبارة الثالثة وهي (وانرت بكرمك داجي الغسق) حيث عبر عن الانارة للغسق بانه (كرم) من الله تعالى ... والسؤال ما هي النكات الكامنة وراء ذلك؟
لنتحدث اولاً عن انارته تعالى لدياجي الغسق كما ورد في الدعاء (وانرت بكرمك دياجي الغسق) حتى يتسارع الى القول بان الدياجي هي الظلمات والغسق هو الليل، فتكون العبارة في دلالتها العامة ان الله تعالى انار ظلمات الليل بكرمه ...
والسؤال كما طرحناه ونكرره الان ما هي النكات الكامنة اولاً وراء الرمز او الاستعارة التي تتحدث عن الانارة وعن الظلمات وعن الليل؟ والسؤال ثانياً: ما هي النكات الكامنة وراء انتخاب كلمة "الكرم" للتعبير عن ان الله تعالى انار ظلمات الليل؟
هذان سؤالان من الأهمية بمكان كبير ... فلنبحث عن الاجابة ...
السؤال كما كررنا هو ما المقصود من ان الله تعالى انار بكرمه ظلمات الليل؟ هل يقصد بذلك هو الليل المادي اتساقاً مع قوله(ع)في العبارة التي سبقت هذا الكلام وهي: (وفلقت بلطفك الفلق)؟ مما لاشك فيه ان الذهن يتداعى بوضوح الى ان المقصود هو الليل بمعناه المادي حتى ينسجم مع ما سبق من الاشارة الى الصبح ومع ما يلحق من الاشارة الى انه تعالى انزل من المعصرات ماءً ثجاجاً.
ولكن اذا اتسقتا مع هذا الاستخلاص والتفسير حينئ نتساءل اذن ما هي موقعية ومعنى الانارة لليل، لان الليل هو مظلم فاذا اناره معناه الاشارة الى الصباح وهذا غير مقصود البتة كما هو واضح؟
بالاضافة الى ذلك اننا لو لاحظنا النصوص القرآنية المتنوعة التي تتحدث عن الليل والنهار دائماً تتحدث عن النهار بصفته مجالاً للعمل كما لاحظنا وعندما تتحدث عن الليل بصفته مجالاً للسكون وللراحة مثل قوله تعالى (وجعلنا الليل لباساً).
ولذلك نتساءل اذا كان الليل مقترناً بما هو سكون وراحة حينئذ ما علاقة ذلك بالانارة بل العكس هو المتبادر الى الذهن ...
اذن: ما هي النكتة التي تقف وراء ذلك؟ ... هل يقصد بذلك القمر مثلاً؟ اذا كان الامر كذلك، فان القمر لا ينير الا ليالي معدودة وليس دواماً.
هل يقصد بذلك الرمز او الاستعارة وليس الحقيقة المادية؟ اذا كان الامر كذلك فهذا لا يتسق مع سياق العبارات التي تحدثت في هذا المقطع عن الظواهر الابداعية المادية كالصبح وكالمطر .... (هذا ما نحدثكم عن في لقاء لاحق ان شاء الله)..
اما الآن: فنختم حديثنا بالاشارة الى ضرورة ان نستثمر قراءة الدعاء، وان نشكر الله تعالى على نعمه التي لا تحصى من خلال ابداعه للظواهر المتنوعة وان ندرب انفسنا على طاعته تعالى والتصاعد بذلك الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة