البث المباشر

اهمية الحج بين الواجبات الإسلامية

الأحد 4 أغسطس 2019 - 19:16 بتوقيت طهران
اهمية الحج بين الواجبات الإسلامية

يُعتبر الحج من أهم العبادات التي شُرعت في الإسلام ولها آثار وبركات كثيرة جداً، فهو مصدر عظمة الإسلام وقوة الدين واتحاد المسلمين، والحج هو الشعيرة العبادية التي ترعب الأعداء وتضخ في كل عام دماً جديداً في شرايين المسلمين.

 

والحج هو تلك العبادة التي أسماها أميرالمؤمنين عليه السلام بـ (علم الإسلام وشعاره) وقال عنها في وصيته في الساعات الأخيرة من حياته (الله الله في بيت ربكم لا تخلوه ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا) أي أن البلاء الإلهي سيشملكم دون إمهال. وقد فهم أعداء الإسلام أهمية الحج أيضاً إذ صرح أحدهم : (نحن لا نستطيع أن نحقق نصراً على المسلمين ما دام الحج قائماً بينهم). راجع شبهات حول الإسلام.

وقال أحد العلماء (الويل للمسلمين إن لم يفهموا معنى الحج، والويل لأعدائهم إذا عرفوا معناه).

 

وفي الحديث المعروف عن أميرالمؤمنين عليه السلام في بيان توصفة الأحكام كما ورد في نهج البلاغة الحكمة 252 أنه أشار عليه السلام إلى أهمية الحج الكبيرة وقال (فرض الله الإيمان تطهيراً من الشرك... والحج تقوية للدين).

 

ونختتم هذه الفقرة بحديث عن الإمام الصادق عليه السلام وسيأتي شرحه بالتفصيل في ذيل الآية 26 إلى 28 من سورة الحج وبيان أهمية وفلسفة وأسرار الحج هناك) فقال عليه السلام : (لا يزال الدين قائماً ما قامت الكعبة).

 

أقسام الحج وبيان أعمال حج التمتع

لقد قسم الفقهاء العظام وبإلهام من الآيات والأحاديث الشريفة عن النبي وآله عليهم السلام الحج إلى ثلاثة أقسام : حج التمتع، حج القِران، وحج الإفراد.

أما حج التمتع فيختص بمن كان على مسافة 48 ميلاً فصاعداً من مكة (16 فرسخ وما يعادل 96 كيلومتر تقريباً، وأما حج القِران والإفراد فيتعلقان بمن كان أدنى من هذه الفاصلة. ففي حج التمتع يأتي الحاج بالعمرة أولاً ثم يحل من إحرامه وبعد ذلك يأتي بمراسم الحج في أيامه المخصوصة، ولكن في حج القِران والإفراد يبدأ أولاً بأداء مراسم الحج ثم بعد الإنتهاء منها يشرع بمناسك العمرة مع تفاوت أن الحاج في حج القِران يأتي ومعه هديه، أما في حج الإفراد فلا هدي فيه ولكن بعقيدة أهل السنة أن حج القِران هو أن يقصد بالحج والعمرة بإحرام واحد.

 

أما أعمال حج التمتع فكما يلي :

في البداية يُحرم الحاج للحج من الأماكن الخاصة به وتسمى الميقات، أي أن الحاج يتعهد بالإحرام أن يترك ويتجنب سلسلة من المحرمات على المُحرم، ويرتدي ثوبي الإحرام غير المخيطة، ويبدأ بالتلبية وهو متجه إلى بيت الله الحرام، ثم يشرع بالطواف حول الكعبة سبعة مرات، وبعد ذلك يصلي ركعتين صلاة الطواف في المحل المعروف بمقام إبراهيم، ثم يسعى بين الصفا والمروة سبعة مرات، ثم بعد الإنتهاء من السعي يقصر، أي يقص مقداراً من شعره أو أظافره، وبذلك يخرج من الإحرام ويحل منه.

 

ثم يحرم مرة اُخرى من مكة لأداء مناسك الحج ويذهب مع الحجاج في اليوم السابع من ذي الحجة إلى "عرفات" وهي صحراء على بعد 4 فراسخ من مكة، ويبقى في ذلك اليوم من الظهر إلى غروب الشمس في ذلك المكان حيث يشتغل بالعبادة والمناجاة والدعاء، ثم بعد غروب الشمس يتجه إلى (مشعر الحرام) ويقع على بعد فرسخين ونصف من مكة تقريباً ويبقى هناك إلى الصباح، وحين طلوع الشمس يتوجه إلى "منى" الواقعة على مقربة من ذلك المكان، وفي ذلك اليوم الذي هو يوم "عيد الأضحى" يرمي الحاج (جمرة العقبة) بسبعة أحجار صغيرة (وجمرة العقبة على شكل اُسطوانة حجرية خاصة) ثم يذبح الهدي ويحلق رأسه، وبذلك يخرج من إحرامه.

 

ثم أنه يعود إلى مكة في نفس ذلك اليوم أو في اليوم القادم، ويطوف حول الكعبة ويؤدي صلاة الطواف والسعي بين الصفا والمروة ثم طواف النساء وصلاة الطواف أيضاً، وفي اليوم الحادي عشر والثاني عشر يرمي في منى الجمرات الثلاثة واحدة بعد الاُخرى بسبعة أحجار صغيرة، ويبقى في ليلة الحادي عشر والثاني عشر في أرض منى، وبهذا الترتيب تكون مناسك الحج إحياءً لذكرى تاريخية وعبارة عن كنايات وإشارات لمسائل تتعلق بتهذيب النفس ولها أغراض إجتماعية كثيرة، وسوف نستعرض كل واحدة منها في الآيات المناسبة له.

 

3 ـ لماذا نسخ البعض حج التمتع؟

إن ظاهر الآية محل البحث هو أن وظيفة الأشخاص البعيدين عن مكة هي حج التمتع (الحج الذي يبتدأ بالعمرة وبعد الإنتهاء منها يخرج من الإحرام ثم يجدد الإحرام للحج ويأتي بمناسك الحج) وليس لدينا دليل إطلاقاً على نسخ هذه الآية، بل إن الروايات الكثيرة في كتب الشيعة وأهل السنة وردت في هذا الصدد، ومن جملة المحدثين المعروفين من أهل السنة (النسائي في كتاب السنن) و (أحمد في كتاب المسند) و (ابن ماجة في كتابه السنن) و (البيهقي في السنن الكبرى) و (الترمذي في صحيحه) و (مسلم أيضاً في كتابه المعروف بصحيح مسلم) فهناك وردت روايات كثيرة في حج التمتع وأن هذا الحكم لم ينسخ وهو باق إلى يوم القيامة. والكثير من فقهاء أهل السنة أيضاً ذهبوا إلى أن أفضل أنواع الحج هو حج التمتع بالرغم من أنهم أجازوا إلى جانبه حج القِران والإفراد (بذلك المعنى الذي تقدم آنفاً من الفقهاء

.

ولكن هناك حديث معروف نقل عن عمر بن الخطاب حيث قال (متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما ويعاقب عليهما متعة النساء ومتعة الحج).

يقول "الفخر الرازي" في ذيل الآية مورد البحث بعد نقل هذا الحديث عن عمر : إن المراد من متعة الحج هو أن يجمع بين الإحرامين (إحرام الحج وإحرام العمرة) ثم يفسخ نية الحج ويأتي بالعمرة المفردة وبعد ذلك يأتي بالحج. التفسير الكبير، ج 5، ص 153.

 

فمن البديهي أنه لا يحق لأحد نسخ الحكم الشرعي إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأساساً أن هذا التعبير وهو أن رسول الله قال كذا وأنا أقول كذا هو تعبير غير مقبول من أي شخص، فهل يصح إهمال أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وطرحه والإلتزام بأوامر الآخرين ؟

 

وعلى كل حال، فإن الكثير من علماء أهل السنة في هذا الزمان تركوا الخبر المذكور، وذهبوا إلى أن حج التمتع أفضل أنواع الحج وعملوا على وفقه1.

-----

1- تفسير الأمثل / العلامة اية الله الشيخ مكارم الشيرازي.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة