البث المباشر

شرح فقرة: "بيد وليك وأيدي عبادك الْمُؤْمِنِينَ، ..."

الأربعاء 31 يوليو 2019 - 12:51 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " بيد وليك وأيدي عبادك الْمُؤْمِنِينَ " من أدعية الإمام المهدي عليه السلام.

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وله عظيم الحمد والمجد، أرحم الراحمين والعزيز الحكيم وأدوم وأفضل صلواته وتحياته وبركاته على خلفائه المعصومين محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم إخوتنا ورحمة الله وبركاته، بتوفيق الله نلتقيكم في حلقة أخرى من برنامجكم هذا ووقفة تأملية في حقائق المعارف الإلهية التي تشتمل عليها أدعية أهل بيت الرحمة (عليهم السلام) ومنها الدعاء المعروف بدعاء المعرفة أو دعاء عصر الغيبة الذي أهداه إمام العصر (أرواحنا فداه) للمؤمنين وحثهم على الإلتزام بتلاوته ترسيخاً لثباتهم على الدين الإلهي الحق.
في هذا اللقاء نتأمل معاً في إحدى عبارات مقطع منه يعلمنا أن نطلب من الله عزوجل تعجيل فرج خليفته المهدي لكي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً وينهي جميع مظاهر الظلم والجور، ثم نقول: (اللهم ... وعذب أعدائك وأعداء دينك وأعداء رسولك، صلى الله عليه وآله، بيد وليك، وأيدي عبادك الْمُؤْمِنِينَ).
حديثنا في هذه الحلقة أيها الأعزاء هو عن العبارة الأخيرة في المقطع المتقدم وفيها نطلب من الله عزوجل أن يكون تعذيبه لتلك الطوائف الثلاث من المفسدين في الأرض بيد ولي الله، أي الإمام العصر وخليفة الله المهدي (عجل الله فرجه). وهنا نعرض فيما يرتبط بهذه العبارة السؤالين التاليين: 
الأول: ما هي الحكمة من تقييد الدعاء لإنزال الله عذابه بيد وليه المعصوم وأيدي عباده الْمُؤْمِنِينَ؟
والسؤال الثاني هو: لماذا ذكر الدعاء يد ولي الله مستقلة عن أيدي عباد الله الْمُؤْمِنِينَ في حين كان بإمكانه أن يقول (بأيدي وليك وعبادك الْمُؤْمِنِينَ)؟
نبدأ بعون الله تبارك وتعالى بالإجابة عن السؤال الاول فنقول: إن هذا التعبير مقتبس من القرآن الكريم، حيث يقول عز من قائل في الآيتين ۱٤ و۱٥ من سورة التوبة أو براءة: «قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ، وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ، وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ، وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَن يَشَاء، وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ».
وفي هذا النص القرآني أشار إلى بعض علل تعذيب الله لأعدائه عزوجل بأيدي الْمُؤْمِنِينَ نشير إليها بعد قليل فتابعونا مشكورين.
مستمعينا الأفاضل، نلمح في النص القرآني المتقدم إشارة إلى أن إستجابة الْمُؤْمِنِينَ للأمر الإلهي تستتبع شفاء قلوبهم إما للرغبة الفطرية لدى المظلوم بالقصاص من الظالم بنفسه، وفي ذلك تحقيق أشمل لقوانين العدل في المجازاة، وإما - وهذه بالتبع مرتبة أسمى وأنقى- أن يكون شفاء صدور الْمُؤْمِنِينَ في تحقيق رغبتهم الإيمانية بنصرة الله الذي آمنوا به وأحبوه وذلك بمجاهدة أعدائه.
يضاف إلى ذلك أن من رحمة الله عزوجل بعباده فتح أبواب الحصول على ثوابه الجزيل ومن أعظمها باب الجهاد في سبيله لأنه يشتمل على مصاعب جمة تضاعف من هذا الثواب.
وهذا المعنى تشير إليه بوضوح الآية الكريمة ۱۲۰ من سورة التوبة حيث يقول الله جل جلاله: «مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ، أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللَّهِ، وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ، وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ، وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً، إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ، إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ».
أيها الأخوات والإخوة، ويبقى لدينا السؤال الثاني وهو: لماذا ذكر الدعاء يد ولي الله مستقلة عن أيدي عباده الْمُؤْمِنِينَ في حين كان بإمكانه أن يقول مثلاً (وعذبهم بأيدي وليك وعبادك الْمُؤْمِنِينَ)؟
في الإجابة عن هذا السؤال نقول: لعل الدعاء استخدم هذا التعبير تنبيهاً للمؤمنين الى لزوم أن لا يكون قيامهم بتعذيب أعداء الله بدوافع لا يحبها الله كالإنتقام الغضبي مثلاً، بل ينبغي أن يكون قيامهم بذلك عملاً عبادياً يستجيبون فيه لأمر الله عزوجل ويقتدون فيه بوليه وخليفته المعصوم (سلام الله عليه).
ولذلك قدم الدعاء يد ولي الله على أيدي عباده الْمُؤْمِنِينَ ليكونوا مؤتمين بإمام زمانهم (عليه السلام) في جميع جزئيات وتفصيلات وشروط وآداب الإستجابة للأمر الإلهي بتعذيب أعداء الله، لأن خليفة الله المعصوم (عليه السلام) هو العارف العالم (بتعليم الله عزوجل) بطبيعة العذاب الذي ينبغي إنزاله بكل عدو لله عزوجل بما يناسبه دون أن يخرج الأمر عن دائرة العدل وحدوده الدقيقة فيتحول، والعياذ بالله، الى عدوان لا يرضاه الله تبارك وتعالى لعباده الْمُؤْمِنِينَ.
أعزاءنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران؛ بهذا نكون قد وصلنا إلى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (ينابيع الرحمة) نشكر لكم حسن المتابعة، ودمتم في رعايته سالمين وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة