بسم الله وله عظيم الحمد والثناء العدل الحكيم والصلاة والسلام على الهداة الى نهجه القويم وصراطه المستقيم محمد وآله الطاهرين .
السلام عليكم أعزاءنا المستمعين، معكم أيها الأحبة في لقاءٍ جديد من هذا البرنامج نستلهم فيه معاً دروس الحياة الطيبة من الدعاء الجليل الذي أمرنا بالتوجه الى الله عزوجل بتلاوته في عصر غيبة مولانا بقية الله المهدي (عجل الله فرجه).
والفقرة التي نستنير بها في هذا اللقاء هي التي يدعو فيها المؤمن بتعجيل ظهور قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله)، ثم يقول:(اللهم، وأظهر به الْحَقُّ، وأمت به الجور واستنقذ به عبادك الْمُؤْمِنِينَ من الذل وأنعش به البلاد، واقتل به جبابرة الكفر، واقصم به رؤوس الضلالة وذلل به الجبّارين والكافرين).
في العبارة الأولى نطلب من الله عزوجل أن يعجّل في إظهار خليفته المهدي الموعود (أرواحنا فداه) لكي يتحقق وعده الصادق بأظهار دينه الحق عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ فيقيم حكمه العادل وتنعم البشرية جمعاء ببركات دين الله العدل الحكيم فهذا دعاء فيه خير وصلاح المجتمع الإنساني برمَّته بل والخلائق كافة هذا ما فصلنا عنه الحديث في الحلقة السابقة من البرنامج، أما في العبارة الثانية من الفقرة المتقدمة فنطلب من الله جلت قدرته أن يميت الجور، فما معنى هذا الدعاء؟
الجور أعزاءنا هو الظلم عندما يتجاوز الحدود المألوفة والمتصورة للظلم أي أنه الظلم الشديد وغير المُتصوَّر، أي الظلم الناتج من شدة الطغيان.
هذا بالنسبة لمعنى الجور، فما هو معنى إماتته وكيف تكون؟
معنى إماتة الشيء هو سلبه الكامل للقدرة على معاودة نشاطه، فتارة نطلب من الله عزوجل أن يقمع الجور، ويكون المعنى هو أن لا يسمح له بالظهور مع بقاء احتمال أن يظهر عندما يجد الفرصة السانحة، أما إماتة الجور فتعني إنهاءه بالكامل بحيث لا يمكن أن يظهر أبداً، وهذا الأمر لا يتحقق إلا في ظل دولة الإمام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه).
إذن ما نطلب من الله عزوجل هنا ليس إزالة مظاهر الجور بل قطع جذوره أساساً، أي إزالة العوامل التي توجد الجور والظلم في المجتمع.
وهذه العوامل إما ذاتية في داخل كل إنسان، وإما الجبابرة الذين امتلأ كل وجودهم بنوازع الظلم والجور والعدوان على حقوق الآخرين.
وإماتة الجور تعني استئصال هؤلاء بالكامل عندما لا يبقى أملٌ في أن يتورَّعوا عن الظلم والجور.
أما بالنسبة لغيرهم، فإنّ إماتة الجور فيهم تكون بالتربية الصالحة التي يُروِّجها الإمام المهدي (أرواحنا فداه) والتي تؤدي الى إماتة نوازع الظلم والجور في الأفراد وإقامة العدالة الشاملة التي لا يبقى معها ما يدفع الإنسان الى الجور.
وفي العبارة الثالثة نطلب من الله عزوجل أن يستنقذ بالمهدي الموعود (أرواحنا فداه) عباده الْمُؤْمِنِينَ من الذل.
ولا يخفى عليكم مستمعينا الأفاضل أنّ الذل هنا لا يعني الذل الداخلي والمعنوي فهو لا يجتمع مع الإيمان أبداً، والقرآن الكريم يُصرِّحُ بأنّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ، وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، فالمؤمن عزيزٌ دائماً في داخله مهما كانت الصعوبات والأوضاع التي يعيشها.
إذن ما هو (الذل) الذي ندعو الله عزوجل هنا أن يستنقذ منه عباده الْمُؤْمِنِينَ ببركة وليِّه وخليفته المهدي؟
في الإجابة عن هذا السؤال نقول: إنّ المقصود هو الإستضعاف للمؤمنين الذي يراه الناس (ذلاً) لهم. فهو ذلٌ ظاهريٌ اعتباريٌّ وليس حقيقياً لأنّ المؤمن عزيزٌ دائماً ببركة ارتباطه بالله وهو عزوجل منبع العزة المطلقة.
إذن ما نطلبه من الله عزوجل هنا هو أن يستنقذ بظهور خليفته المهدي (عجل الله فرجه) عباده الْمُؤْمِنِينَ من لستضعافالجبابرة لهم ومن الإذى والحرمان والملاحقة وغير ذلك مما يلحقه به الطواغيت والظلمة.
أعزاءنا المستمعين، وفي العبارة الرابعة من فقرة الدعاء المتقدمة، نطلب من الله جل جلاله أن (ينعش) بظهور وليه المنتظر (أرواحنا فداه) البلاد، فما هو المقصود بذلك؟
معنى (ينعش) هو أن يتفضل على العباد بنعمةٍ فيها رفعة لهم، إذ أن هذا الفعل مشتقٌّ من (النعش) وهو السرير المرفوع، فالمطلوب إذن هو أن يَمُنَّ الله جلت نعماؤه على الخلق بظهور المهدي (عجل الله فرجه) لكي يرفعهم من ضعة الذلوالإستضعاف وكلِّ ما يشدُّهم الى الأرض ويقيِّدُهم بالحاجة.
ولايخفى عليكم مستمعينا الأفاضل أنّ ذكر (البلاد) هنا حيث ندعو (وأنعش به البلاد) يشير الى أنّ المطلوب هو إنزال الله هذه النعمة المقترنة بالعزة على جميع الخلائق ببركة خليفته المهدي (عجل الله فرجه) وجعلنا من خيار أنصاره ومواليه إنه سميع مجيب.
وها نحن نصل معاً أعزاءنا مستمعي إذاعة صوت الجمهورية الإسلامية في ايران الى ختام حلقة اليوم من برنامج (ينابيع الرحمة)، تقبل الله حسن الإصغاء ودمتم في رعايته سالمين.