البث المباشر

نهج البردة لأحمد شوقي

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:46 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستميعن الكرام في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته نرحب بكم ونحييكم في حلقة جديدة من برنامجكم الأسبوعي المتجدد سير القصائد وشاعر نابغة آخر من شعراء الأدب العربي، ندعوكم للمتابعة.
المحاورة: أيها الاخوة والأخوات قصيدتنا لهذا الأسبوع هي رائعة الشاعر العربي المعاصر أحمد شوقي نهج البردة التي عرض من خلالها قصيدة البردة لشرف الدين البوصيري وضاهتها جمالاً في المضمون وحسناً وروعة في المعاني والصور وهي قصيدة مطوّلة سنحاول أن نستعرض بعضاً من أبياتها ولكن بعد مقدمة عن الشاعر وقصيدته سوف يزودنا بها ضيف البرنامج الأستاذ الدكتور سعد الشحمان، اهلاً ومرحباً بكم حضرة الأستاذ
الشحمان: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأنا ايضاً بدوري أرحب بكم وبالمستمعين الكرام في هذا اللقاء الجديد.
المحاورة: دكتور أرجو منك في البداية أن تحدثنا عن الشاعر وشخصيته الشعرية.
الشحمان: نعم طبعاً أحمد شوقي شاعر كبير غني عن التعريف، يعد من أعظم شعراء العربية في جميع العصور، ولد هذا الشاعر سنة ۱۸٦۸ للميلاد وأظهر منذ بداية حياته نبوغاً واضحاً خاصة في الدراسة وإنكب على دواوين فحول الشعراء حفظاً وإستظهاراً إذ كان يتمتع بحافظة وذاكرة قلّ نظيرها فبدأ الشعر يجري على لسانه منذ فترة مبكرة وبدأت موهبته الشعرية تلفت نظر أستاذه الشيخ محمد البسيوني وسافر بعد ذلك لفرنسا حيث كان لهذا السفر تأثير كبير في حياته الأدبية والشعرية والفكرية وحتى السياسية حيث أعانه السفر الشاعر على تعيين منطلقاته الفكرية والإبداعية فإنخرط في العمل الوطني والسياسي وربطته علاقات وثيقة مع الزعيم الوطني المصري مصطفى كامل وعلى إثر النشاطات التي قام بها في المجال الوطني والسياسي في مقارعة الإنجليز نفي الى أسبانيا في عام ۱۹۱٥ وكان هذا النفي بمثابة فرصة أتيحت للشاعر للإطلاع أكثر على الأدب العربي وعلى الحضارة الأندلسية وخلال فترة نفيه في أسبانيا نظم الشاعر رائعته التي قارن من خلالها بين مأساة المسلمين في ذلك الوقت ومأساتهم عندما فقدوا الأندلس، قال في هذه القصيدة:

يا نائح ( الطلح ) أشباه عوادينا

نشجى لواديك أم نأسى لوادينا؟

ماذا تقص علينا غير أن يــدا

قصت جناحك جالت فى حواشينا


وهذه قصيدة طويلة وبالإضافة الى هذه القصيدة مدح النبي صلى الله عليه وآله تعتبر من روائع الشعر العربي. خلال هذه الفترة تغيرت إتجاهات الشاعر الشعرية فبعد أن كان مخصصاً شعره للمدح وخاصة مدح الحاكم في ذلك الوقت الخديوي توفيق إتجه الى الشعر الوطني والديني والى الأشعار التي أبدى من خلالها تعاطفه مع الحركات الوطنية في مصر. وعاد من النفي الى مصر عام ۱۹۲۰ وبعد سبع سنوات بويع على أنه أمير الشعراء كما أشار الى ذلك حافظ في قوله:

أمير القوافي قد أتيت مبايعا

وهذي وفود الشرق قد بايعت معي


المحاورة: نعم نشكرك على هذه الإيضاحات وأستميحك عذراً الأستاذ الدكتور سعد الشحمان حيث سنكمل هذا الحوار الشيق معك بعد الفترة التالية التي سنستعرض فيها بعضاً من أبيات هذه القصيدة. تابعونا مستمعينا الكرام.
المحاورة: مستمعينا إستهل شاعرنا أحمد شوقي قصيدته على عادة شعراء المدائح النبوية بأبيات تعد من أفضل ما قيل في الغزل فالشاعر يشبه معشوقته بالغزال تارة وبالمها تارة اخرى خيث نراهما وقد أفقدا المحب الولهان صوابه وهو الذي عرف عنه الثبات والجلد والتحمل كأنه الأسد الهصور، فهل رأيت حتى الآن غزالاً يفترس أسداً ويصيبه بسهم يستقر في جنبيه؟ ومع ذلك فإن العاشق الملتاع يتلقى السهم بصبر بل يعلن أنه لايسبب له ألماً لأنه إنطلق من الحبيب ولهذا نراه المحب لايأبه بلوم اللائمين ولايعير أذن صاغية لأقوالهم لأنهم لم يجربوا الحب ولأنهم لايعرفون كيف يسيطر هذا الحب على القلب فيفقده صوابه. هكذا يعبّر الشاعر عن تجربة العشق المريرة التي أصيب بها قائلاً:

ريم على القاع بين البان والعلم

أحل سفك دمي في الأشهر الحرم

رمى القضاء بعيني جؤذر أسدا

يا ساكن القاع أدرك ساكن الأجم

لما رنا حدثتني النفس قائلة

يا ويح جنبك بالسهم المصيب رمي

جحدتها وكتمت السهم في كبدي

جرح الأحبة عندي غير ذي ألم

يا لائمي في هواه والهوى قدر

لو شفك الوجد لم تعذل ولم تلم

لقد أنلتك أذنا غير واعية

ورب منتصت والقلب في صمم


المحاورة: حضرات المستمعين الكرام نعود الان الى ضيف البرنامج الأستاذ الدكتور سعد الشحمان أهلاً ومرحباً بك حضرة الدكتور ونرجو منك أن تلقي مزيداً من الأضواء على شخصية الشاعر احمد شوقي وشعره وطبعاً قصيدته المعروفة بالبردة.
الشحمان: نستأنف كلامنا حول هذا الشاعر الكبير الذي يعد من مفاخر الشعر العربي ليس في العصر الحديث فحسب وإنما على مر العصور حيث كان هذا الشاعر يتمتع بموهبة شعرية فذة وبديهة سيالة دون أن يجد عناءاً في نظم القصيدة لذلك كان من اخصب شعراء العربية حيث تجاوز نتاجه الشعري ثلاثة عشرة وخمسمئة ألف بيت ولعله كما نقول في لغة عصرنا قد حطم الرقم القياسي في هذا المجال من بين الشعراء الآخرين. يعتبر هذا الشاعر بالإضافة الى قصائده في المدح وخاصة مدح النبي صلى الله عليه وآله رائد الشعر العربي في مجال المسرح الشعري، كتب الكثير من المسرحيات الشعرية التي تحولت الى مسرحيات قاموا بتمثيلها من مثل مصرع كليوباتروا وقنبيز ومجنون ليلى وعلي بك الكبير وأميرة الأندلس. من ناحية الخصائص الشعرية كان الشاعر شوقي يتمتع بحس لغوي مرهف يعني من جملة الخصائص البارزة التي نطالعها في شعره فقد كان يتمتع بثروة لغوية كبيرة وقدرة فذة على إختيار الألفاظ المنسجمة مع بعضها البعض من الناحية الموسيقية والإيقاعية. نظم الشاعر في جميع الأغراض من مديح ورثاء وغزل ووصف وحكمة حتى أن له شعر في مجال الأطفال، قصائد تربوية رائعة وله ايضاً هذه القصيدة التي نحن بصددها.
المحاورة: اذن أغراضه الشعرية ايضاً كانت متنوعة؟
الشحمان: متنوعة الى حد كبير. له ايضاً قصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وآله لاتقل روعة عن قصيدة نهج البردة يقول في بدايتها:

سلو قلبي غداة سلا وثابا

لعل على الجمال له عتابا

ويسأل في الحوادث ذو صواب

فهل ترك الجمال له صوابا

وكنت إذا سألت القلب يوما

تولى الدمع عن قلبي الجوابا


وهذه قصيدة معروفة وشهيرة ايضاً وإن كان في رأيي قصيدة نهج البردة أكثر قصائد أحمد شوقي الدينية روعة من حيث المضامين ومن الناحية الفنية والشكلية. قلنا ايضاً له شعر يمكن أن نسميه بالشعر المدرسي الموجه الى الأطفال ويبدو أن الوقت لايسمح بأن نستعرض كل أشعار هذا الشاعر الكبير والمجالات التي نظم فيها وأسلوبه الشعري وخصائصه الشعرية فنوكل ذلك الى فرصة اخرى بإذن الله تعالى.
المحاورة: كل الشكر نقدمه لكم حضرة الأستاذ الدكتور سعد الشحمان على هذه المعلومات القيمة التي تفضلت بها والتي تعرفنا نحن والمستمعون من خلالها على هذا الشاعر الكبير وحياته ومكانته وأسلوبه الشعري.
الشحمان: نحن ايضاً نقدم شكرنا لكم وللمستمعين الكرام على هذه الفرصة لكي نتحدث عن شعراء اللغة العربية.
المحاورة: نعم شكراً جزيلاً لك دكتور وشكراً مستمعينا الكرام لطيب متابعتكم لهذه الحلقة من برنامج سير القصائد، حتى الملتقى أطيب التحيات والمنى ودمتم في امان الله وحفظه.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة